النهار الاخباريه وكالات
وصفت ممرضة يهودية أمريكية عايشت مجزرة صبرا وشاتيلا بحق الفلسطينيين في لبنان، تفاصيل مروعة أكدت أن الأذرع والأرجل المقطعة كانت تملؤ الشوارع، بينما أصيب عشرات الشبان بالعمى من شطايا القصف.
في تقرير لموقع Middle East Eye البريطاني، الجمعة 16 سبتمبر/أيلول 2022، وثقت إلين سيغل، الممرضة الأمريكية اليهودية شهادتها عن معالجة الضحايا بموقع مجزرتي صبرا وشاتيلا في سبتمبر/أيلول 1982.
بحسب الموقع، بدأت سيغل حياتها المهنية في التمريض بالستينيات، وهي حقبة في تاريخ الولايات المتحدة تكاد تكون مرادفة للتغيير الاجتماعي. ساعدت حركة تحرير السود، والغضب من حرب فيتنام، والتنظيم من أجل حقوق المرأة في تشكيل نظرة سيغل للعالم، قبل أن تأخذها حياتها المهنية إلى مستشفى غزة، وهو مركز طبي من 11 طابقاً يطل على مخيمي صبرا وشاتيلا للاجئين الفلسطينيين في غرب العاصمة اللبنانية بيروت.
وجدت سيغل نفسها في القلب من أسوأ المذابح بحق الفلسطينيين في التاريخ، عندما قتلت ميليشيا يمينية لبنانية المئات من مخيمي اللاجئين المجاورين، بينما كانت القوات الإسرائيلية تراقبها.
في الذكرى الأربعين لمذبحة صبرا وشاتيلا، روت سيغل كيف كافحت هي وممرضات أخريات لرعاية مئات الجرحى الفلسطينيين، وكيف كادت هي نفسها أن تُعدم، وكيف أن العدالة لا تزال بعيدة المنال.
مساعدة إسرائيلية
شنت إسرائيل هجوماً على بيروت في 15 سبتمبر/أيلول 1982، ثم في اليوم التالي، دخلت الكتائب، وهي ميليشيا يمينية مسيحية لبنانية، إلى مخيمي صبرا وشاتيلا رداً على اغتيال الرئيس المسيحي اللبناني بشير الجميل. وقتلوا ما يصل إلى 3500 مدني فلسطيني ولبناني.
قالت سيغل: "الكتائب دخلت وبدأت في قتل الناس. بدأوا في ذبح الناس ولكن بأبشع الطرق؛ بالفؤوس والسكاكين. بعض هذه الصور وبعض هذه القصص مروعة".
تقول كذلك: "أطلق الإسرائيليون قنابل مضيئة في الهواء. ذهبنا أنا وأحد الأطباء الآخرين إلى الطابق العلوي من المستشفى خلال هذا الوقت، ورأينا مشاعل تتصاعد في الهواء وتضيء أحياء المخيم، أعقبها إطلاق نار".
تضيف: "ما كان يحدث هو أن المشاعل أضاءت الطريق أمام الكتائب للذهاب من باب إلى باب وقتل الناس".
كما قالت سيغل إنها طوال فترة وجودها في مخيمات اللاجئين خلال المجزرة، لاحظت علامات على أن إسرائيل لعبت دوراً محورياً في الأحداث التي وقعت بين 16 و18 سبتمبر/أيلول.
لقد رأت جرافة عليها حروف عبرية في شوارع المخيم تحفر مقابر جماعية. وقالت إنه كان هناك اتصال لا سلكي مستمر بين الميليشيات اللبنانية والقوات الإسرائيلية.
اللاجئون هربوا للمستشفى
عملت سيغل ومجموعة دولية من الممرضات بلا كلل خلال الأيام القليلة التالية، لعلاج الجرحى الفلسطينيين.
كان المستشفى بمثابة ملاذ لأولئك الذين أصيبوا برصاص قوات الميليشيات، وحتى مع بدء نفاد الإمدادات والدم والأدوية والغذاء، استمر الفلسطينيون في دخول المستشفى؛ على أمل الفرار من العنف.
تقول سيغل: "استمر هذا لمدة يومين، وبدأ الناس في الهروب نحو المستشفى، باتجاه مستشفى غزة؛ بحثاً عن الأمن والأمان. واكتظ المستشفى بالناس، واكتظت المشرحة".
رغم محاولاتهم البقاء في المستشفى ومواصلة رعاية السكان الجرحى، أخرجت قوات الكتائب الفريق الطبي الدولي من المستشفى في 18 سبتمبر/أيلول وبدأت في إخراجهم من المخيم تحت تهديد السلاح.
في طريقها للخروج من المخيم، تقول سيغل إنها مرت بجوار جثث متناثرة في الشوارع.
لكونها يهودية ونشأت وهي تتعلم أهوال الهولوكوست، قالت سيغل إن تجربتها ذكَّرتها بالقصص التي سمعتها عن سجناء يهود يسيرون نحو معسكرات الاعتقال وغرف الغاز.
قالت: "مع اقترابنا من نهاية المخيم، وضعونا في مواجهة جدار مثقوب بالرصاص وكانوا على وشك إطلاق النار علينا".
أضافت: "من مركز القيادة الإسرائيلي، رأى إسرائيلي ما كانت تفعله الكتائب وقال: لا يمكننا قتل أناسٍ بيض، كل هؤلاء النرويجيين والسويديين والأمريكيين".
بعد العمل كممرضة في بيروت وشهادتها على المجزرة، انتقلت سيغل لاحقاً إلى واشنطن العاصمة، حيث ساعدت بالثمانينيات في إنشاء "يهود منطقة واشنطن من أجل السلام الإسرائيلي الفلسطيني"، وهي مجموعة سلام دعت إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي.
واصلت عملها كممرضة مسجلة وسافرت إلى الشرق الأوسط للعمل طبيبةً متطوعةً. في عام 1989، افتتحت أول وحدة للطب النفسي في مستشفى الهلال الأحمر الفلسطيني بالقاهرة.