معلومات متضاربة حول ولادة حكومية بغضون ايام: مجرد جعجعة لا طحين؟!
توحي بعض المعطيات المحيطة بالملف الحكومي أنّ الايام المقبلة حاسمة على صعيد دخول مرحلة انفراج تفضي الى ولادة الحكومة قبل نهاية الشهر الجاري، وسط جو دولي ضاغط في هذا الاتجاه الا ان معلومات متضاربة تشير الى ان لا حكومة في الوقت القريب.
كشفت مصادر واسعة الاطلاع لـ انّ حركة اتصالات مكثفة جرت في الساعات التالية لعودة الرئيس المكلف سعد الحريري الى بيروت، وخصوصاً بين «بيت الوسط» وعين التينة، وكذلك توازت مع حركة وساطات بين الأطراف المعنية بملف التأليف لتبريد الجبهات السياسية ووقف الحملات الاعلامية التي تساهم في صب الزيت على نار الخلافات العميقة بين الاطراف، وخصوصاً بين فريقي رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري.
وقالت هذه المصادر انّ الأجواء غير مقفلة كلياً، وبالتالي فإنّ الجهود منصبّة لتحقيق خرق سريع في الجدار الحكومي المقفل في غضون ايام قليلة. يتوج بداية بزيارة يقوم بها الرئيس المكلف الى القصر الجمهوري في وقت قريب جدا، خصوصاً ان اجواء الاتصالات التي سادت على اكثر من خط خلال الايام القليلة الماضية بدأت توحي بليونة في المواقف خلافا لما كان عليه الحال خلال الاسابيع الماضية.
وكشفت المصادر ان الاجواء التي سادت في البلد في الايام الاخيرة، صدمت الجميع وحشرتهم في زاوية مواقفهم، خاصة ان بعض التحرّكات بدأت تنذر بانهيار مريع للوضع الداخلي نحو فوضى شاملة تطيح بما تبقى من عوامل استقرار، وتفتح البلد على مجهول لا يمكن احتواؤه، وهو ما دفع مستويات اوروبية وفرنسية لتوجيه رسائل مباشرة الى اطراف التأليف تعرب فيها عن مخاوف جدية من انفجار الوضع اللبناني سواء على المستويين الاقتصادي والنقدي او على المستوى الامني الذي رصدت محاولات حثيثة من بعض الغرف السوداء لتوتيره. وهو ما اكدته مراجع امنية لـ«الجمهورية».
وفي هذا الاطار، اكدت مصادر ديبلوماسية لـ»الجمهورية» أنّ باريس كانت حاضرة بثقلها خلال التطورات الأخيرة التي شهدتها الساحة اللبنانية، عبر مروحة اتصالات على جانبي الخلاف الحكومي، تواكبت مع اشارات اميركية بالغة الاهمية وَرَدت في الساعات الاخيرة تحضّ على مبادرة اللبنانيين الى التوافق سريعا على حكومة مهمة انقاذية واصلاحية بصورة عاجلة وبلا ابطاء. والاجواء نفسها اكدها وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف للحريري في ابو ظبي قبل يومين.
وقال معنيون بالملف الحكومي لـ«الجمهورية» انّ الجو الخارجي ايجابي بمجمله، وضاغط في اتجاه تشكيل حكومة، وحشر اطراف التعطيل الداخلي في زاوية مواقفهم، خصوصا بعدما استنفدت هذه الاطراف كل ما لديها من أسباب ومفردات وتوصيفات تعطيلية للمسار الحكومي. وبالتالي، لن يكون في مقدور هذه الاطراف ان تتجاهل الرغبة الدولية الضاغطة بثقلها هذه المرة، كما لن يكون في مقدورها ان تصمد في تعطيلها وتمعن في اجترار الاسباب نفسها المانعة لتشكيل حكومة المهمة الانقاذية والاصلاحية، من الثلث المعطّل الى الحصص الوزارية الى المعايير الموحدة، خصوصا بعد التطورات الاخيرة والتي أنذرت بانزلاق الوضع الى مخاطر تطيح كل شيء.
في المقابل، لم ترق الحركة التي يقوم المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم إلى مستوى يبعث على أملٍ ما بأن الولادة الحكومية أصبحت قريبة، فالمواقف ما زالت على حالها والشروط والشروط المضادة عادت من جديد، ما يعني ان هناك استحالة لفتح كوّة في الجدار الحكومي والمتاريس المرتفعة من قبل من يُفترض بهم أن يكونوا أكثر المسهلين للتأليف، إنْ لم يكن رأفة بالبلاد والعباد، فعلى الأقل حفاظا على سمعة العهد وسيده الذي جاء إلى السلطة بعناوين كبيرة، فإذ بها تتحول الى مآسٍ أليمة أذاقت اللبنانيين كل أصناف العذاب وجعلتهم يعيشون خيبات أمل غير متوقعة بل صادمة وقاسية.
مصادر مطلعة على المساعي الحكومية علّقت عبر جريدة "الأنباء" الالكترونية " بالقول: "نسمع جعجعة ولا نرى طحينا، فالأمور ما زالت على حالها، ورئيس الجمهورية ما زال يشترط اما زيادة عدد الوزراء في الحكومة العتيدة الى 20 وزيراً أو الاحتفاظ بوزارتي الداخلية والعدل"
ورجّحت المصادر سقوط اقتراح اللواء ابراهيم بأن تكون حقيبة الداخلية من حصة الرئيس عون على أن يوافق الرئيس المكلّف سعد الحريري على تسمية الوزير الذي تُسند اليه، فيما تكون وزارة العدل من حصة الحريري، الأمر الذي يرفضه عون ومن ورائه التيار الوطني الحر الذي هدد بحجب الثقة عن الحكومة، ما يجعل الحريري محرجا بتأمين الثقة لحكومته بعد تزايد عدد النواب الذين لن يصوّتوا عليها وأبرزهم التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية في ظل الضبابية التي تحيط بموقف كتلة الوفاء للمقاومة، لا سيما في ظل حرج الحريري من مشاركة حزب الله".
وعلى ما يتوقع عاملون على خط الوساطات، فإنّ اكثر من ثلاثة ارباع المسافة الفاصلة عن تأليف الحكومة قد تم تجاوزها، ويبقى بعض التفاصيل التي ينبغي ان يصار الى تحقيق توافق حولها من شأنه ان يفضي الى ولادة حكومية في غضون ايام قليلة، خصوصا بعدما بلغ الوضع الاقتصادي والنقدي حدوداً فوق الخطيرة، وكذلك بعدما صار الوضع الامني ينذر بالاهتزاز. وبالتالي، فإنّ الساعات القليلة المقبلة حاسمة على صعيد عقد لقاء بين عون والحريري، يؤمل ان يكون ايجابياً ويؤسّس لتفاهم على حكومة.