الخميس 20 شباط 2025

مستقبل غزة في الميزان السياسي الى اين؟؟

النهار الاخباريه  وكالات

في الوقت الذي تشهد فيه الأوضاع في غزة تطورات دراماتيكية، يتكشف المشهد السياسي بشأن تحركات واشنطن والعواصم العربية بشأن الأزمة المستمرة في القطاع.

هذه التحركات تأتي في وقت حساس، بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن اقتراحه لتهجير سكان غزة إلى مصر والأردن، وهو ما أثار جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية، بينما تبرز محاولات لإيجاد حلول سياسية قد تشمل إعادة إعمار غزة وبناء سلطة سياسية جديدة في القطاع.

خطة ترامب.. التهجير أم الإقصاء؟

تتضمن خطة ترامب اقتراحًا مثيرًا للجدل: "تهجير سكان غزة إلى مصر والأردن"، وهو مقترح رفضته بشدة كل من القاهرة وعمان.

وقد أثار هذا الاقتراح توتراً ملحوظاً بين الولايات المتحدة وكل من مصر والأردن، حيث أبدت الحكومتان رفضهما القاطع لهذه الفكرة.

من جانب آخر، أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عن خطة متكاملة تهدف إلى إعادة إعمار غزة دون المساس بوجود سكانها، مع رفض كامل لمقترح التهجير.

ويرى الباحث في معهد الشرق الأوسط بواشنطن سمير التقي خلال حديثه لغرفة الأخبار على "سكاي نيوز عربية" أن أميركا لا تملك خطة حقيقية لتنفيذ هذا المشروع، مشيرًا إلى أن المبادرة الحالية لا تشمل إزالة حماس من السلطة بشكل نهائي، بل تركز على إقصائها تدريجياً، وهو أمر يبدو بعيد المنال في ظل الهيمنة العسكرية والسياسية لحركة لحركة حماس على القطاع.

هذا الموقف يعكس قناعة واسعة بأن الحل لا يكمن في تهجير السكان، بل في إيجاد قيادة سياسية جديدة بغزة تراعي مصالح الفلسطينيين وتضمن استقرار المنطقة.

وفي سياق متصل، يشير أستاذ القانون الدولي في الجامعة الأميركية بالإمارات عامر الفاخوري إلى أن المرحلة الثانية من المفاوضات التي كان من المفترض أن تتبع المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار قد تأخرت، متسائلًا عن "حقيقة وجود إرادة لدى الحكومة الإسرائيلية للتقدم نحو الحلول السياسية".

ويرى أن الحكومة الإسرائيلية تتعامل مع الوضع في غزة كمجرد معركة داخلية أكثر من كونها جزءًا من استراتيجية إقليمية شاملة، ويضيف أن نتنياهو غير متحمس للانتقال إلى "المرحلة الثانية" من خطة إعادة الإعمار.

أما المستشار في دائرة شؤون المفاوضات منير الجاغوب فيشدد على أهمية الرعاية العربية في هذه العملية، قائلاً: "التحرك العربي بات ضروريًا في حال أرادت المنطقة تجنب مزيد من التصعيد"، في حين أن الولايات المتحدة لا تملك استراتيجية عملية للتهجير أو لإعادة الإعمار، فإن الدول العربية، وعلى رأسها مصر، تحاول ترتيب إدارة انتقالية في غزة تتمكن من إعادة الاستقرار للمنطقة.

في الجهة المقابلة، يعتبر كبير الباحثين في معهد هدسون مايكل بريجنت أن إسرائيل تُعزز موقفها العسكري في غزة دون أن يكون لديها رؤية استراتيجية طويلة الأمد.

"إسرائيل تلعب على ورقة تهجير الفلسطينيين، لكنها تدرك جيدًا أن هذا ليس حلاً مستدامًا"، يقول بريجنت، مشيرا إلى أن التهجير لن يحل المشاكل السياسية، بل سيؤدي إلى مزيد من الاحتقان في المنطقة، ولن يكون هناك سلام حقيقي في حال استمرار هذا النهج.

وفي ظل هذا، يشير الجاغوب إلى الضغط الدولي على إسرائيل، مشيرًا إلى أن ردود الفعل الدولية، وخاصة من الاتحاد الأوروبي، باتت تتخذ مواقف أكثر وضوحًا ضد سياسة التهجير. "التهجير أمر غير مقبول دوليًا، وهو لا يمكن أن يكون خيارًا"، يقول الجاغوب، "لكن ما نراه هو تحول تدريجي في موقف القوى الدولية من الأزمة، سواء في دعم الفلسطينيين أو الضغط على إسرائيل للبحث عن حل سياسي شامل.

تبقى القضية الفلسطينية أكثر تعقيدًا بسبب الانقسام الداخلي بين السلطة الفلسطينية وحركة حماس. الدكتور سمير التقي يشير إلى أن "الخلافات الفلسطينية هي أكبر عائق أمام أي عملية سياسية ناجحة في غزة"، مشددًا على ضرورة "تشكيل حكومة فلسطينية موحدة تدير القطاع".

في الوقت نفسه، تشير تصريحات حماس إلى استعدادها لإعادة السلطة إلى منظمة التحرير الفلسطينية، لكن مع ضمانات عربية تضمن عدم تكرار التجربة السابقة عندما تم تجاهل موظفي حماس في غزة.

يبدو أن حل الأزمة في غزة يتطلب توافقًا بين القوى الكبرى في العالم والمنطقة العربية، مع دعم حاسم من الفلسطينيين أنفسهم.

في هذا السياق، تبقى الحلول السياسية قابلة للتحقيق إذا تمكنت الأطراف المعنية من وضع مصالح الشعب الفلسطيني في صدارة أولوياتهم.

كما أن غياب استراتيجية حقيقية من جانب الولايات المتحدة، جنبًا إلى جنب مع التوجهات السياسية المتضاربة لإسرائيل، يجعل الحل السياسي في غزة يبدو أكثر تعقيدًا من أي وقت مضى.