كانت جولة أخرى من اشتباكات مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين، هذا المخيم الواقع جنوب شرق مدينة صيدا اللبنانية، والذي حولته قاعدة الأمن بالتراضي الى خزان بارود يمكن أن يشتعل بناسه في أي لحظة، خاصة أن لاقانون يحكم داخل المخيمات الفلسطينية في لبنان.
لايمكن أن تكون هناك حلول جذرية لانهاء الاشتباكات المتكررة في المخيم، ولكن في كل جولة تنبثق لجان تحقيق ولجان حصر الأضرار والمطالبة بالتعويضات واعادة الاعمار، فكما هي العادة، تمييع للقضية وتضييع للقدر الاكبر من الحقوق ويبقى الخاسر الأكبر من كل ذلك المدنيين من أهالي المخيم.
كتب رمزي عوض
الان، وبعد أن هدأ صوت القذائف وأزيز الرصاص المسلح أ وانتهت احدى الجولات المسلحة، عادت الأهالي الى المخيم وعاينت خسائرها باحثة عن الأمل، باحثة عن من يلملم جراحها، ويخبرها الحقيقة، هل سيتم التعويض على عليهم؟ ومن منطلق الصورة النمطية المتراكمة لدى اللاجئين الفلسطينيين في مخيم عين الحلوة اصبحت لديهم قناعة أنه لن يتم التعويض الا لمن يغلق الطرقات ومراكز الاونروا ويعتصم ويتظاهر، حيث بدأت ملامح هذه التحركات تظهر في المخيم.
علي فيصل
وفي سؤال وجهناه لعضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الرفيق علي فيصل حول مسألة الاعمار في مخيم عين الحلوة، قال لنا، ان ما يطالب به ابناء شعبنا الفلسطيني في مخيم عين الحلوة خاصة في الاحياء التي شهدت احداثا مؤسفة لجهة اعمار المنازل المدمرة وترميم المتضرر منها هو امر طبيعي، وحق للعائلات التي لا يمكنها ان تعود الى منازلها الا اذا تم توفير مقومات عودتها، والحد الادنى المطلوب من هذه المقومات هي اعمار المنازل.
يجب على الاونروا ان تبادر، بعد انتهاء الاحداث مباشرة الى اصدار نداء خاص للدول المانحة لتمويل عملية اعمار المنازل المدمرة، كما حصل في اكثر من حالة، وهو امر لا زال راهنا وبامكان الاونروا ان تضع هذه المسألة على جدول اعمالها وهي التي تدرك تمام الادراك عدم قدرة السكان على اعمار منازلهم، نظرا للازمة الاقتصادية التي يشهدها لبنان وتؤثر بشكل مباشر على اللاجئين.
اضافة الى الاونروا، فان الاطر الوطنية الفلسطينية خاصة دائرة شؤون اللاجئين في منظمة التحرير والفصائل والمؤسسات الاجتماعية، كلها معنية، وان كان بدرجات متفاوتة، في دعم العائلات المدمرة منازلها، وان توافرت الارادة لدى هذه الاطر فهي قادرة على انجاز القسم الاكبر من عملية الاعمار، وتبقى قضية رئيسية وهي تشكل المحور الاساس لانجاز عملية الاعمار وهي التحرك الشعبي من قبل العائلات، والذي يجب ان يحظى بدعم كافة الفصائل، التي يجب ان تدع خلافاتها جانبا وتتصدى لتداعيات الأحداث المؤسفة التي شهدها المخيم، وهذا ما يبعث برسالة ايجابية الى جميع ابناء شعبنا في كافة المخيمات بتحمل الفصائل لمسؤولياتها الوطنية والاجتماعية تجاه كل ابناء شعبنا داخل وخارج المخيمات.
أحمد عبد الهادي
أما بدوره أكد لنا الدكتور أحمد عبد الهادي ممثل حركة حماس في لبنان أن الأونروا كُلفوا بحصر الأضرار، في اجتماعٍ ضمهم اضافة الى اللجنة الوزارية التابعة للجنة الحوار اللبناني الفلسطيني، وسمعنا ان جهات عدة (دول ومنظمات دولية والأونروا) ابدت استعدادها للتعويض على أهالي المخيم.
منير المقدح
وبدوره أكد لنا القيادي في حركة فتح اللواء منير المقدح أن التعويض على المدنيين المتضررين حق لهم، وهناك آليات وضعت بالفعل مابين القيادة الفلسطينية والدولة اللبنانية ووكالة الأونروا لحصر الأضرار، ومن ثم التوجه للمانحين للتعويض على الناس.
منعم عوض
أما مسئول اللجان الشعبية الفلسطينية في لبنان المهندس منعم عوض فقد قال لنا أنه في العادة تقوم عدد من المؤسسات الدولية مثل الصليب الأحمر الدولي والـ NRC ووكالة الاونروا بالمشاركة في التعويض على الاهالي عقب أي اشتباكات، ولكن في بعض الحالات لايحصل الناس على تعويضات كما هو الحال في حي الزيب الذي لم يحصل سكانه على أي تعويض للأن، علما أن ثلاث جهات إلتزمت بالتعويض ولم تؤمن أي منها أي مبالغ مالية الا حركة فتح التي إلتزمت بما تم الاتفاق عليه.
وبخصوص الاشتباكات الأخيرة فقال عوض أنه وبمبادرة من دائرة شؤون اللاجئين الفلسطينيين في منظمة التحرير الفلسطينية تم اصلاح الخطوط الرئيسية للكهرباء لأنها عصب الحياة الأول لهم.
وأضاف عوض أنه بصفته كمسئول للجان الشعبية قد تواصل مع الصليب الأحمر الدولي والـ NRC والـ UNDP ولم يحصل منهم على جواب كامل الى الان، ولكن أكد باننا لن نترك شعبنا خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، مضيفا أن القيادة السياسية الفلسطينية وخاصة السفير الفلسطيني في لبنان السيد أشرف دبور لازال يتابع الملف ليل نهار في اجتماعات مكثفة لتحديد الاليات واتخاذ خطوات فعلية على الأرض لحصر الاضرار والبدء بالتعويض على الناس.
دورثي كلاوس
وبدورها قالت لنا السيدة دورثي كلاوس مديرة الاونروا في لبنان أن أي جهود لإعادة الإعمار في عين الحلوة تنطلق من اتفاقيات ستتم مناقشتها بين المسؤولين اللبنانيين والفلسطينيين ومسؤولي الأمم المتحدة، وستكون هناك تقييمات مشتركة وتحديد للمسؤوليات، وستكون الأونروا جزءًا من عملية مشتركة.
وفي الخلاصة وأنه وبعد كل تلك الملاحظات التي حصلنا عليها من أصحاب الشأن فإنه من الواضح أن الاليات لتعويض الأهالي في مخيم عين الحلوة لازالت تتبلور في انتظار حصر الأضرار والبدء بعملية التعويض واعادة الاعمار، على أمل أن لايتهرب أي طرف من مسؤولياته أمام الناس، وعلى أمل أن لاينفجر خزان البارود مرات أخرى لتعود الدائرة الى نقطة الصفر من جديد.