النهار الاحباريه دمشق
بعدما بدأ مسلحون هجوما كبيرا على قوات الجيش السوري شمال غربي البلاد، ثارت التساؤلات بشأن توقيت هذه العملية المفاجئة وأهدافها.
وقالت مصادر في الجيش السوري والفصائل المسلحة، إن مسلحين في آخر جيب خارج سيطرة الحكومة في شمال سوريا أطلقوا يوم الأربعاء عملية عسكرية واسعة النطاق ضد الجيش، وسيطروا على أراض، في أول تقدم من نوعه منذ سنوات.
وقال مصدر في غرفة العمليات التي يديرها تحالف من فصائل مسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام، إن الهجوم اجتاح ما لا يقل عن 10 مواقع تحت سيطرة القوات الحكومية السورية في محافظة حلب
وهذا التقدم هو الأول من نوعه منذ مارس 2020، عندما اتفقت روسيا حليفة سوريا، وتركيا التي تدعم فصائل معارضة، على وقف لإطلاق النار أدى إلى إنهاء المواجهات العسكرية في آخر معقل كبير للفصائل في شمال غرب سوريا.
ولطالما كانت هيئة تحرير الشام، التي تصنفها الولايات المتحدة منظمة إرهابية، هدفا للقوات الحكومية السورية والقوات الروسية، وتتنافس الهيئة مع فصائل مسلحة مدعومة من تركيا وتسيطر هي الأخرى على مساحات شاسعة من الأراضي على طول الحدود مع تركيا، في شمال غرب سوريا.
آخر التطورات
قال مصدر عسكري سوري إن المسلحين تقدموا وأصبحوا على مسافة 10 كيلومترات تقريبا من مشارف مدينة حلب، وعلى بعد بضعة كيلومترات من بلدتي نبل والزهراء اللتين يوجد بهما حضور قوي لحزب الله اللبناني المدعوم من إيران
كما هاجموا مطار النيرب شرقي حلب، حيث تتمركز فصائل مسلحة موالية لطهران
وقتل أكثر من 130 جنديا سوريا ومسلحا من هيئة تحرير الشام وفصائل أخرى، في الاشتباكات العنيفة التي اندلعت بين الطرفين، بحسب حصيلة جديدة للمرصد السوري لحقوق الإنسان، الخميس
ويقول المسلحون إن الهجوم جاء ردا على "تصعيد الضربات في الأسابيع الماضية ضد المدنيين، من قبل القوات الجوية الروسية والسورية في مناطق جنوب إدلب، واستباقا لأي هجمات من جانب الجيش السوري"، الذي يحشد قواته قرب خطوط المواجهة مع المسلحين
وذكر مصدر عسكري أن الجيش قصف مناطق قرب مدينة إدلب الخاضعة لسيطرة الفصائل المسلحة، ومدينتي أريحا وسرمدا، ومناطق أخرى جنوبي محافظة إدلب.
وقال شهود عيان إن مئات العائلات فرت إلى مناطق أكثر أمنا على طول الحدود التركية
دلالة التوقيت وطبيعة الأهداف
وتحدث مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن، عن دلالة توقيت الهجوم على الجيش السوري.
وقال عبد الرحمن ، إن تقدم الفصائل المسلحة "هو الأول منذ 2020"، معتبرا أن "المعركة كان محضرا لها من قبل هيئة تحرير الشام بدعم من جهة خارجية لا نعرفها منذ عدة أشهر. هذه الجهة قد تكون الولايات المتحدة أو غيرها. دولة ما هي التي أعطت الضوء الأخضر للهيئة".
وتابع: "كيف اختير التوقيت؟
وقفت الحرب في لبنان (في إشارة إلى وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله) فانطلقت المعركة في إدلب.
هناك تزامن لا يأتي من فراغ".
وأكد عبد الرحمن أن "قبل هذه المعركة كان هناك ضباط من أوروبا الشرقية يدربون هيئة تحرير الشام على استخدام المسيّرات في المنطقة"
وقال مدير المرصد: "المعركة كان محضرا لها أن تبدأ بمجرد أن تكون هناك حرب في جنوب سوريا، إذا فكرت إسرائيل باجتياح القنيطرة وريف درعا الغربي وريف دمشق الجنوبي الغربي، لكنها بدأت بعد وقف الحرب في لبنان
وعن أهداف "الجهات الخارجية" التي تحدث عنها عبد الرحمن، فهي من وجهة نظره "إعادة خلط الأوراق داخل الأراضي السورية"
واستطرد: "إذا كان لتركيا يد في الموضوع، فقد تكون تحاول الضغط على النظام السوري للمجيء به على طاولة الحوار".
وختم حديثه: "الجميع الآن ينتظر (الرئيس الأميركي المنتخب) دونالد ترامب أن يأتي من أجل تغيير مناطق السيطرة في سوريا".
ومن جهتها أعلنت الفصائل المسلحة بقيادة ما تعرف بهيئة تحرير الشام "جبهة النصرة سابقا"، السبت، سيطرتها على 75 بالمئة من أحياء حلب وفرضت حظر التجوال المسائي داخل الأحياء.
وأعلنت الفصائل أن حلب ستتبع إداريا لما تعرف بحكومة الإنقاذ وهي حكومة الجولاني التي تدير إدلب وريفها.
ولا تزال الفصائل المسلحة، تحرز تقدما على الأرض داخل مدينة حلب دون أي مقاومة تذكر.
فبعدما بسطت التنظيمات المسلحة سيطرتها على الأحياء الغربية، تقدمت نحو الأحياء الشرقية، حيث تشهد أحياء المدينة الشرقية اشتباكات متقطعة مع سيطرة التنظيمات على قلعة حلب، كما تم إغلاق مطار حلب الدولي وإيقاف جميع الرحلات.
من جبهة، سيطرت التنظيمات شرقي إدلب على قرى الشيخ إدريس والريان وتل دبس والكنايس مع استمرار الاشتباكات.
وبلغت حصيلة القتلى من العسكريين والمدنيين في العملية المستمرة ليومها الرابع في ريفي إدلب وحلب، إلى 301 منذ فجر يوم 27 نوفمبر.