الثلاثاء 24 أيلول 2024

ما هي أسباب زيارة باسيل الي فرنسا

النهار الاخبارية - وكالات 

تثير الزيارات الخارجية لرئيس التيار الوطني الحر في لبنان، جبران باسيل، تساؤلات لدى الأطراف والمتابعين، فالرجل وخلال شهر واحد زار مجموعة عواصم، أهمها برلين والدوحة، وقبل أيام حطت رحاله في باريس بغية لقاء مسؤولين بالإدارة الفرنسية على متابعة يومية للملف اللبناني وتحديداً ملف رئاسة الجمهورية في البلاد. فماذا دار هناك؟

يصر باسيل في كل لقاءاته على رفض ترشيح حليف حزب الله والنظام السوري سليمان فرنجية للرئاسة، لكنّ خطابه المسرّب من باريس في أثناء الاجتماع مع مناصريه، أدى إلى اشتعال الجبهة السياسية مع رئيس مجلس النواب نبيه بري.

إذ إن باسيل أطلق مواقف تنتقِد بري، وقال إن "انتخاب فرنجية سيُعيدنا إلى عام 1990، فننتقِل من ثلاثية نبيه بري – رفيق الحريري – إلياس الهراوي إلى ثلاثية بري – نجيب ميقاتي – فرنجية". وأكد باسيل: "إننا لن نسجّل على أنفسنا أننا انتخبنا شخصاً مثل فرنجية، ولا يوجد رئيس جمهورية طالما لم نقبل به ولو اتفق الجميع عليه".

مواجهة مع بري.. وإحراج لحزب الله
وانطلاقاً من موقف باسيل الأخير تجاه فرنجية، يؤكد مصدر برلماني في تحالف "قوى 8 آذار" (حزب الله وحلفاؤه)، أن ما قاله باسيل أمس يشكل محاولة منه لقطع الطريق على الثنائي الشيعي بإعلان دعم فرنجية للرئاسة، ويشكل بطبيعة الحال إحراجاً لحزب الله الذي دخل على خط الوساطة بين باسيل وفرنجية بشخص أمينه العام حسن نصر الله. 

ويشير المصدر إلى أن باسيل يبدو أنه يتعمد الالتفاف على أي مبادرة تؤدي إلى اتفاق بينه وبين فرنجية برعاية حزب الله، ويكون باسيل بهذا الكلام قد صعّب الموقف أكثر، خاصةً أن حزب الله لا يزال، حتى اللحظة، يعتبر باسيل مدخلاً أساسياً لوصول أي مرشح إلى رئاسة الجمهورية.

ويرى المصدر أن الشيء الذي يثير الاستغراب كان زيارة باسيل السرية لرئيس مجلس النواب نبيه بري قبل يومين من سفره إلى باريس، وحديثه عن نيته فتح صفحة جديدة مع بري لتحصين البلاد، وكان قد صرح لبري بأنه مع أي حوار ومنفتح عليه، ويشير المصدر إلى أن ما جرى يعني فتح معركة مع بري وجنبلاط وميقاتي في آن واحد، وهذا سيقيد حركة حزب الله ويدفعه إلى البحث عن تسوية جديدة للرئاسة.

خلفيات زيارة جبران باسيل
يضع مصدر حكومي رفيع سبب زيارة باسيل للعواصم وتحديداً باريس، ويشير لـ"عربي بوست" إلى أن باسيل وبعد توقيع اتفاق ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل والذي لعب دوراً مفصلياً به بالتنسيق مع حزب الله، يضع نفسه في موقع أكثر قوة للتفاوض السياسي حول شكل المرحلة المقبلة وتحديداً رئاسة الجمهورية والحكومة القادمة، انطلاقاً من المكاسب التي حصدها بدوره في الترسيم بشكل أساسي، وثانياً من خلال انسحابه من المعركة الانتخابية الرئاسية.

ويشير المصدر إلى أن جهات غربية وعربية عديدة باتت متأكدة من أن ابتعاد باسيل عن الترشح للرئاسة زاد من قوة وضعه في أي تفاوض محتمل على ملف رئاسة الجمهورية، خصوصاً من خلال حرصه على العلاقة بحزب الله، إضافة إلى إعادة فتح علاقاته مع الدول العربية والغربية ومحاولة رفع العقوبات الأمريكية عنه بمسارات قانونية.

وبحسب المصدر فإن كلام باسيل أمس قطع الطريق على انتخاب فرنجية، وإن الرجل يتلمس موقفاً لبنانياً كبيراً رافضاً لفرنجية، أبرزهم "القوات" و"الاشتراكي" و"قوى التغيير"، إضافة إلى السعودية ودول عربية لا تريد وصول حليف لحزب الله والأسد لرئاسة الجمهورية.

ويرى المصدر أنه من هنا يعمل باسيل على محاولة خلق صيغة تفاوضية جديدة حول شخصية رئاسية يكون له حصة فيها.

يبحث الرجل أيضاً عن وضع آليات جديدة للتركيبة الاقتصادية والمصرفية والمالية اللبنانية، طالما أن لا مجال حالياً للبحث في الصيغة السياسية أو الدستورية المرتبطة بتغيير الدستور أو اتفاق الطائف، وبحسب المعلومات فإن باسيل طرح مع الفرنسيين صيغة تسوية تطيح بحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، لكن دون المساس به قضائياً.

ويشير المصدر إلى أن باسيل اجتمع أمس مع المنسق الخاص للمساعدات الدولية للبنان، السفير بيار دوكان، نحو ساعتين ونصف الساعة، وكان لقاء إيجابياً، فالجلسة بين باسيل ودوكان تطرقت إلى مجموعة من الملفات، أهمها الترتيبات الجارية فيما يخص بدء شركة "توتال" عملها في النصف الثاني من يناير/كانون الثاني 2023؛ لكون باسيل مطّلعاً على تفاصيل الموضوع، إضافة إلى أن وزارة الطاقة في يد تياره السياسي.

بالتوازي يؤكد المصدر أن دوكان شدد لباسيل على أن باريس تولي اهتماماً بإجراء باسيل توافقاً مع البطريرك الماروني بشارة الراعي حول اسم توافقي لرئاسة الجمهورية بشكل مباشر بما يؤسس لمرحلة خروج سياسي واقتصادي واجتماعي من الأزمة، وشدد دوكان على أن هناك جهوداً تبذلها فرنسا مع السعودية ودول الخليج لمساعدة لبنان في المراحل المقبلة.

قائد الجيش مرشح توافقي؟
يكشف مصدر أمني لـ"عربي بوست"، أنه وخلال الأيام القليلة الماضية فتح حزب الله قناة تواصل جديدة مع قائد الجيش، للبحث عن حلول للأزمة السياسية والأمنية والمالية، وإعادة التركيز على ملفات بين المقاومة والجيش، واعتبر المصدر أن ذهاب حزب الله لهذا الخيار يعني أنه جاهز للقبول بجوزيف عون إذا ما وجد أن الظروف الإقليمية والدولية سانحة، خاصةً أن هناك إعادة تحريك للحوار حول الملف النووي الإيراني.

يعتبر الكاتب والصحفي إبراهيم الأمين أنه طالما لم يعلن التيار الوطني الحر رفضه دعم وصول قائد الجيش جوزيف عون إلى الرئاسة، فذلك يعني في الحسابات أن الباب يبقى مفتوحاً أمام تسوية تناسب التيار، خاصةً أن قائد الجيش لا يشكل زعامة سياسية أو شعبية منافسة لباسيل.

ويشير الأمين إلى أن الأمريكيين والسعوديين والفرنسيين قد يندفعون إلى ممارسة ضغوط أو عرض مغريات لإقناع باسيل بالتصويت لمصلحة عون مقابل ضمانات، لكنه وفي حالة الاتفاق على هذه التسوية سيكون حزب الله "محشوراً" في الزاوية بحيث لا يقدر على تعطيل صفقة بهذا الحجم، ما يدفعه إلى السير بها تحت عنوان التوافق العام، أو الاعتراض وإطلاق معارضة مباشرة للعهد الجديد.

يعتقد المحلل السياسي منير الربيع أن الجميع يعلم أن لا حزب الله قادر على انتخاب رئيس من دون موافقة الآخرين، ولا خصوم الحزب يمكنهم انتخاب الرئيس الذي يريدونه. بناءً عليه، تبقى كل الأبواب مفتوحة على الاحتمالات المتعددة. ويرى الربيع أن قائد الجيش بحكم موقعه لا بد له أن يبقى على تواصل مع كل القوى السياسية في البلاد. فلا يمكن للتواصل أن ينقطع، ولا يمكن للتنسيق إلا أن يستمر سواء عبر قنوات مباشرة أو غير مباشرة أو عبر وسطاء.