السبت 28 أيلول 2024

قرداحي يجدد رفضه الاستقالة من منصبه وميقاتي يدعوه لـ”تغليب المصلحة الوطنية”


النهار الاخبار يه بيروت 


جدّد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي "دعوة وزير الإعلام جورج قرداحي إالى تحكيم ضميره وتقدير الظروف واتخاذ الموقف الذي ينبغي اتخاذه، وتغليب المصلحة الوطنية على الشعارات الشعبوية، وأكد "أن رهانه يبقى على حسّه الوطني لتقدير الظرف ومصلحة اللبنانيين مقيمين ومنتشرين، وعدم التسبّب بضرب الحكومة وتشتيتها، بحيث لا تعود قادرة على الإنتاج والعمل، وتضييع المزيد من الوقت”. ووجّه رئيس الحكومة انتقادات ضمنية إلى حزب الله من دون تسميته على خلفية "نهج التفرّد والتعطيل الذي  تعرّضت له الحكومة من الداخل بهدف استدراج الحكومة الى التدخل بأمر قضائي لا شأن لها به”، مؤكداً "أن مجلس الوزراء هو المكان الطبيعي لمناقشة كل الملفات والقضايا التي تعني الحكومة بعيداً عن الإملاءات والتحديات والصوت المرتفع واستخدام لغة الوعيد والتهديد”.

وجاء موقف الرئيس ميقاتي في كلمة مكتوبة من السراي الحكومي بعد زيارة قصر بعبدا ولقائه رئيس الجمهورية رئيس الجمهورية ميشال عون حيث وضعه في الأجواء التي أحاطت زيارته إلى غلاسكو واجتماعاته بمختلف الجهات الدولية، وبحث معه سبل الخروج من الأزمة الحالية والاتفاق على خارطة طريق لم يتجاوب وزير الإعلام مع أبرز بنودها وهي الاستقالة. فيما نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم استبق إطلالة ميقاتي بالتأكيد ” السعودية تعمل بطريقة خاطئة جداً، لأن أحداً لا يستطيع ليّ ذراع حزب الله والشعب اللبناني”، معتبراً أن "لبنان ليس مكسر عصا، ويتعامل مع السعودية بندّية وكدولة مستقلة، ولا نقبل أن تتدخل السعودية بالحكومة”. ثم جاء بيان "كتلة الوفاء للمقاومة” الذي حمّل ​السعودية​ "مسؤولية افتعال الأزمة الأخيرة على ​لبنان​”.

ومن السراي وعلى هامش إطلاق الرزمة السياحية الشتوية قال رئيس الحكومة: "هذا المشروع يشكل بارقة أمل وسط التحديات الكثيرة التي تواجه وطننا وشعبنا على الصعد كافة، وهو يعطي الأمل بأنه مهما بلغت الصعوبات، فإننا قادرون على النهوض من جديد، وأن لبنان أقوى من كل العواصف”. 

وعرض لمسار تأليف الحكومة بقوله "عندما شكلنا هذه الحكومة بعد أشهر من التعطيل والتأخير وإضاعة الفرص، أعلنا أننا قادمون في مهمة إنقاذية سريعة تضع البلد مجدداً على سكة التعافي وتطلق ورشة النهوض بالتعاون مع  الجهات الدولية وصندوق النقد الدولي،إضافة إلى إجراء الانتخابات النيابية، وهو الاستحقاق الأبرز الذي يتطلع اليه اللبنانيون والمجتمع الدولي، كونه سيحدد الاتجاه الفعلي في البلد بعد الأحداث التي انطلقت في السابع عشر من تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١٩. ولأننا نؤمن بأن الإنقاذ لا يمكن أن يكون مسؤولية فردية، اطلقنا على الحكومة اسم” معاً للإنقاذ” في دعوة صريحة لكل الأطراف والمكوّنات اللبنانية المشاركة في الحكومة، أو التي هي خارج الحكومة، لنعمل معا من أجل الانقاذ”.

وأضاف "اعتقدنا بأن الواقع المؤلم الذي يمر به وطننا، سيدفع الجميع إلى التعالي عن الحسابات والاعتبارات الضيّقة، والمشاركة الفاعلة في العملية الإنقاذية، لكن هذا الأمر لم يحصل ويا للأسف. وإذا كان سلوك من اختاروا البقاء خارج الحكومة أو ينتهجون خط المعارضة يمكن فهمه وتبريره ، فإن ما يجدر التوقف عنده هو نهج التفرّد والتعطيل الذي  تعرضت له الحكومة من الداخل. فبعد شهر واحد من عمر الحكومة، واجهنا أول امتحان على طاولة مجلس الوزراء، بهدف استدراج الحكومة إلى التدخل بأمر قضائي لا شأن لها به، مع ما يتركه هذا التدخل من أضرار سيئة على سمعة لبنان والقضاء فيه وعلى التماسك الحكومي تالياً. من هنا فقد حدّدنا المسلمات التي نتعاطى بها مع أي ملف قضائي، مع تفهم الظروف التي أوصلت هذا الملف إلى ما وصل إليه. حاولنا قدر المستطاع وسعينا بكل قوة إلى أن يبقى الملف القضائي لانفجار مرفأ بيروت في عهدة القضاء، ورفضنا التدخل فيه مع التشديد على تصويب الشطط الذي وقع فيه المحقق العدلي، وخاصة في موضوع محاكمة الرؤساء والوزراء المناط حسب المادة 80 من الدستور بالمجلس النيابي، إلا أن الأمر لم يغيّر في موقف البعض شيئاً”.

وتابع "فيما كنا في صدد استكمال البحث في سبل عودة مجلس الوزراء الى الانعقاد، تعرّضت الحكومة لامتحان جديد هو الأصعب، بفعل مواقف شخصية أطلقها وزير الإعلام قبل توليه الوزارة لكنها أدخلت لبنان في محظور المقاطعة من قبل المملكة العربية السعودية ولعض دول الخليج العربي. وفي هذا الإطار أقول الآتي:
لا تدار البلاد بلغة التحدي والمكابرة بل بكلمة سواء تجمع اللبنانيين وتوحّدهم في ورشة عمل واحدة لإنقاذ وطنهم، ومخطئ مَنْ يعتقد أنه قادر على فرض رأيه بقوة التعطيل والتصعيد الكلامي على المنابر. مخطئ ايضاً مَنْ يعتقد انه يمكنه اخذ اللبنانيين الى خيارات بعيدة عن تاريخهم وعمقهم العربي وعلاقاتهم الوطيدة على كل الصعد مع الدول العربية ودول الخليج خاصة ومع المملكة العربية السعودية تحديداً.
مخطئ أيضاً مَنْ يعتقد انه، وفي لحظة تحولات معينة لم تتضح معالمها النهائية بعد، يمكنه الانقلاب على الدستور وإعادة الوطن إلى دوامة الاقتتال الداخلي والانقسامات التي لا نزال ندفع ثمنها غالياً حتى اليوم .
في المقابل ، ثمة نقاط اود التوقف عندها لعلّ البعض يفهم خارطة الطريق التي عقدت العزم على السير بها لإنجاح العمل الحكومي والنهوض بالوطن، وتتلخص بالآتي: مجلس الوزراء هو المكان الطبيعي لمناقشة كل الملفات والقضايا التي تعني الحكومة بعيداً عن الاملاءات والتحديات والصوت المرتفع واستخدام لغة الوعيد والتهديد. ولن يكون مجلس الوزراء ابداً مكاناً للتدخل في أي شأن لا يخص الحكومة، وتحديداً في عمل القضاء.
على جميع الوزراء التزام التضامن الوزاري والتقيد بمضمون البيان الوزاري، الذي حدّد القواعد الأساسية لعمل الحكومة وسياستها. وكل ما يقال خارج هذه الثوابت مرفوض ولا يلزم الحكومة بشيء. إننا عازمون على معالجة ملف العلاقة مع المملكة العربية السعودية ودول الخليج الشقيقة وفق القواعد السليمة. ولن نترك هذا الملف ابداً عرضة للتساجل وللكباش السياسي، وسنسعى بالتعاون مع جميع المخلصين للعودة عن القرارات المتخذة بما يعيد صفو العلاقات اللبنانية مع امتداده العربي الطبيعي. وفي هذا السياق ايضاً فإنني اكرّر دعوة وزير الإعلام إلى تحكيم ضميره وتقدير الظروف واتخاذ الموقف الذي ينبغي اتخاذه، وتغليب المصلحة الوطنية على الشعارات الشعبوية. ويبقى رهاني على حسه الوطني لتقدير الظرف ومصلحة اللبنانيين مقيمين ومنتشرين، وعدم التسبب بضرب الحكومة وتشتيتها،بحيث لا تعود قادرة على الإنتاج والعمل، وتضييع المزيد من الوقت”.

وأكد ميقاتي "هذه هي أولويات الحل وخارطة الطريق الطبيعية للخروج من الازمة. ومخطئ مَن يعتقد ان التعطيل ورفع السقوف السياسية هو الحل. وعلى الجميع أن يقتنعوا انه لا يمكن لاي فريق ان يختصر البلد والشعب لوحده بقرار يتعلق بثوابت وطنية لا تتبدل”، داعياً "الجميع الى اختصار الطريق والقيام  بالخطوات المطلوبة للمساهمة في الحل، مع التشديد على عودة الحكومة الى العمل بنشاط وايجابية وتعويض الايام التي ضاعت هدرا في مناكفات مجانية.وتعالوا نتجه جميعاً بقلب منفتح صوب اشقائنا ونعيد وصل ما انقطع بيننا نتيجة الظروف الماضية”.

وختم "أمامنا اجتماعات ولقاءات فاصلة قبل تحديد الكلمة الفصل في كل شأن عقدنا العزم على معالجته بشكل تام. وعلى الجميع ملاقاتنا في هذا العمل الانقاذي المنشود.تعالوا الى كلمة سواء تحمي اللبنانيين ووطن الارز ولنبتعد جميعا عن المناكفات. هذا هو طريق الحل ولا حل سواه فلنختصر الوقت والمسافات للولوج إلى العمل المنتج المنتظر. والله ولي التوفيق”.

ثم انتقل الرئيس ميقاتي إلى عين التينة للقاء رئيس مجلس النواب نبيه بري والبحث معه في استقالة قرداحي، وغادر من دون الإدلاء بتصريح.

ولكن رغم مناشدته من قبل رئيس الحكومة لتحكيم ضميره، أكد وزير الإعلام جورج قرداحي "انني لن أستقيل وموقفي لم يتغيّر”. وذكرت أوساط مقرّبة من قرداحي أنه ” مقتنع بأن استقالته لم تكن سبب نشوء الازمة ولن تكون مفتاح معالجتها، وأنه ينتظر اتصالاً من رئيس الحكومة ليطلع منه على مواقف المسؤولين العرب والأجانب ولمعرفة ما إذا كانت الاستقالة ستلاقي ردة فعل إيجابية خليجية ذلك أن أي استقالة دون تبدل في الموقف الخليجي من لبنان تبقى من دون أي جدوى”.

بالموازاة، أكد رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع أن "موقف دولة الرئيس نجيب ميقاتي اليوم موقف لافت، مسؤول وشجاع”، وقال "علّ الآخرين يتجاوبون معه بالحد الأدنى من روح المسؤولية والوطنية لتجنيب اللبنانيين مآس إضافية”.

في غضون ذلك، وفي محاولة للتقرّب من السعودية سارعت وزارة الخارجية اللبنانية اليوم للإعراب "عن إدانتها واستنكارها الشديدين للمحاولة الفاشلة للاعتداء بواسطة طائرتين مفخختين على المملكة العربية السعودية”، وأكدت "تضامنها مع المملكة في وجه أيّ اعتداء يطال سيادتها وأمنها واستقرارها ومنشآتها المدنية ومدنييها بما يخالف القوانين والمواثيق الدولية”، كما شدّدت "على تضامن لبنان الكامل ووقوفه إلى جانب المملكة، شعباً وحكومةً”.

وفي سياق متصل، وبعد لقاء ميقاتي والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في غلاسكو، لفتت المتحدثة بإسم الخارجية الفرنسية إلى أنه "من الضروري جداً إبقاء لبنان خارج الأزمات الإقليمية ، ويجب أن يكون قادراً على التعويل على كل شركائه في المنطقة لمساعدته على الخروج من الأزمة”.

كذلك، فإن المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا أعلنت أن "روسيا تعوّل في أقرب وقت ممكن على حل الصراع الدبلوماسي الدائر بين لبنان ودول الخليج العربية”، موضحة أنه "لم يطلب أحد من الجانب الروسي التوسط لحل هذه الأزمة”. وأشارت إلى "أن التصريحات التي قالها قرداحي أتت في وقت لم يكن فيها بعد وزيراً يمثل الدولة اللبنانية وحكومتها”.، داعية "الأطراف إلى حل الخلاف في أقرب وقت ممكن”.