الإثنين 30 أيلول 2024

فيول الكهرباء:العراق ينزلق إلى الشبهات

 
النهار الاخباريه  بيروت

يعد بالإمكان لملمة فضيحة شراء النفط العراقي واستبداله بفيول معالَج لمعامل كهرباء لبنان. فمحاولات تجاهل علامات الاستفهام مِن قِبَل وزارة الطاقة في لبنان، لم تفلح في وقف البحث عن حقيقة الصفقة. إذ آثرت الوزارة التكتّم على تفاصيل العقد الموقّع مع العراق، وتعمّدت عدم التصريح حول بطء وضع دفتر شورط وإطلاق المناقصة الأولى، وما يستوجب من أمور إجرائية. ومع ذلك، رفضت الوزارة ما يحوم حولها من شبهات.

غير أن تبديلًا مفاجئًا طرأ على موقف أحد العراقيين، وهو الذي يعرّف عن نفسه في أحد التسجيلات الصوتية بأنه "يمثّل موقعاً رسمياً في العراق"، أكَّدَ ما كان سابقًا تكهّنًا. فتَراجَعَ صاحب التسجيل، ليزيد علامات الاستفهام حول العقد، ويُدخِل العراق في آتون الشبهات.
 
تبرير غامض
بعد انقضاء نحو 3 أسابيع على توقيع اتفاقية بيع العراق لبنان مليون طن من النفط الأسود، وتخطّي وزير الطاقة ريمون غجر المرحلة الزمنية التي حدّدها بنفسه للبدء بوصول أولى البواخر التي تحمل الفيول المعالج لمعامل الكهرباء، توجَّسَ أمين ناصر، وهو الممثل لذلك الموقع الرسمي في العراق، خلال تسجيل صوتي، من المماطلة اللبنانية. فالأيام العشرة باتت أطول، وكميات الفيول التي تكفي لستة أشهر باتت تكفي لأربعة... وغيرها. أمّا التفاصيل "فاسألوا وزير الطاقة".
نشرت "المدن" تسجيلًا لناصر، وبعده تسجيل لشخص آخر، وتواصلت مع عراقيين وغير عراقيين على صلة وثيقة بملف النفط. وجميع هذه القنوات، أجمعت على غموض الجانب اللبناني، فيما حذّر بعضهم من تواطؤ لبعض القنوات العراقية، من دون تأكيد ذلك بشكل حاسم.
وفي أقل من أسبوع، انقلب موقف ناصر، معتبرًا في تسجيل صوتي حصلت عليه "المدن"، أن "كل ما يُحكى عن فساد وتزوير ومناقصات وكوميشن (عمولات) تحت الطاولة هو عارٍ عن الصحة، وغير مسؤول". وعزا ناصر تأخير تنفيذ الاتفاق إلى "المشهد السياسي الذي تعيشه الساحة اللبنانية". كاشفًا وجود "هجوم على وزارة الطاقة". وطمأن ناصر في رسالته إلى أن "النفط العراقي سينقلب الى مازوت وسيصل إلى محطات توليد الطاقة". متمنّيًا "عدم ذر الرماد في العيون. والمشرحة لا تحتاج إلى دماء".
يعد ناصر يريد معرفة سبب التضارب في الأرقام والمواعيد. وإن كان سابقًا قد قال "اسألوا الوزير. وخلينا ساكتين. وكشف الحقيقة سهل ويحتاج إلى شخص شجاع يتحدث إلى اللبنانيين بشفافية"، فهو الآن يعلن وجود "قرار استثنائي بالذهاب إلى المناقصة عبر المنصة والقصة انتهت". فكيف انتهت، ومتى المناقصة؟.
في الواقع القصة لم تنتهِ، والتأخير سببه المشهد السياسي المستمر بشكل ممنهج، عبر توزيع المغانم بين أقطاب السياسة، ومنهم مَن ذهب إلى العراق وسهر على ضمان توقيع الاتفاق. وفي الظل، يقبع أحد أبرز العراقيل التي تؤخّر تنفيذ الصفقة. إذ يحتدم الصراع بين شركتين أساسيّتين من عمالقة مستوردي المحروقات في لبنان، ويتصارع من خلالهما أقطابٌ سياسيون. 
وجوهر الخلاف هو "حجم وكيفية توزيع المغانم، بالاضافة إلى عدم حسم خيار مكان تكرير ومعالجة النفط العراقي. ويطفو على السطح خيار معالجته في اليونان، حيث تكسب الشركتان أرباحًا هائلة من خلال عملية الشحن، كَونَ كلفة المعالجة ستدفع باليورو، واليورو أعلى من الدولار. فضلًا عن قيمة الشحن، وفيها ربح إضافي سواء باليورو أو الدولار" 

وإلى حين ظهور ما هو رسمي، يجري التداول بموعد وصول الفيول، وهو في الثالث من شهر أيلول المقبل. ويأتي هذا الموعد غير الرسمي، بعد موعد بعشرة أيام من توقيع الاتفاق، وموعد آخر في منتصف آب الجاري، وآخر بنهايته، وصولًا إلى مطلع أيلول.