الثلاثاء 26 تشرين الثاني 2024

عين الحلوة على فوهة بركان والأسباب غير متوقعة



كنا قد نشرنا في الخامس عشر من أغسطس الماضي مقالا عن التعويضات واعادة اعمار مخيم عين الحلوة بعد الاشتباكات الأخيرة، وذلك بالتواصل مع عدد من القيادات الفلسطينية بالاضافة لمديرة الاونروا، حيث تحدث جميعهم عن آليات تواصل تتم بالتعاون مابين ثلاثة أطراف وهي وكالة الاونروا والفصائل الفلسطينة ولجنة الحوار اللبناني الفلسطيني، لتحديد مدى مشاركة كل جهة في ذلك، فما هي التطورات الأخيرة خلال الثلاثة أسابيع الماضية في هذا الملف.


كتب: رمزي عوض

مخيم عين الحلوة المقام على كيلو متر مربع واحد جنوب شرق مدينة صيدا اللبنانية ليس كأي بقعة أخرى على الأرض، انه مادة دسمة للاعلام، خاصة من الجهة الأمنية والعسكرية، أما للحديث عن الوضع الانساني في المخيم، فلا حياة لمن تنادي، كل الوسائل الاعلامية همها فقط، الاستنفارات والسيناريوهات العسكرية بعيدا عن أي احساس بالمسؤولية تجاه سكان المخيم المدنيين من اللاجئين الفلسطينيين.
الخرق الوحيد الذي حدث في ملف التعويضات واعادة اعمار مخيم عين الحلوة جاء من وكالة الأونروا، والتي طالبت يوم 30/8/2023 من خلال نداء استغاثة للحصول على مبلغ 15.5 مليون دولار أمريكي، من أجل اعادة تأهيل ثمانية مدارس للوكالة في مخيم عين الحلوة ليستطيع 5900 تلميذ استكمال تعليمهم، ولتقديم مساعدة مالية طارئة لمرة واحدة للعائلات التي فقدت منازلها، ولاصلاح وصيانة البنية التحتية العامة الحيوية كامدادات المياه والكهرباء.
وكانت قبل ذلك مبادرة من دائرة شؤون اللاجئين في منظمة التحرير الفلسطينية لاصلاح شبكات الكهرباء في المخيم، وما عدا ذلك لم تتحرك أي أطراف بشكل حقيقي للعمل على ملف التعويضات واعادة اعمار المنازل والمحلات المدمرة جراء الاشتباك الأخير.
السؤال المهم الآن أين هي مساهمات الفصائل الفلسطينية ولجنة الحوار اللبناني الفلسطيني، فالخطاب الاعلامي للقادة الفلسطينيين والمعنيين اللبنانيين لازال لم ينتقل للمرحلة التالية بعد الاشتباكات، لدرس ملف التعويضات واعادة الاعمار، رغم التهدئة الواضحة في المخيم والتي بدءت مع ازالة الدشم من بعض الأماكن في المخيم.
الموضوع بحاجة لمتابعة حقيقية من مجتمع اللاجئين الفلسطينيين في مخيم عين الحلوة، للضغط على الفصائل الفلسطينية، وأيضا للدفع على دور حقيقي للجنة الحوار اللبناني الفلسطينيي والتي أراها (من وجهة نظري) مصاريف زايدة على الدولة اللبنانية، فليس لها ثقل سياسي في الدولة اللبنانية وكذلك لاتمون على الأطراف الفلسطينية.
الوضع في مخيم عين الحلوة بات حرجا انسانيا، فتقريبا 70% من سكان المخيم لايستطيعون تأمين قوتهم اليومي، ناهيك عن الفقر المدقع الذي يظهر بمناداة الجمعيات ومؤسسات المجتمع المدني لحالات انسانية بعينها، وكذلك لعائلات تبيع ماتبقى من منزلها للحصول على الطعام، ومنهم من يبادل أشياءه بالأرز والزيت، وكذلك بعض حالات اغلاق الطرقات للحصول على تعويضات نتيجة تهدم محلاتهم وضياع أرزاقهم التي أجهزت عليها الاشتباكات الأخيرة.
الوضع في مخيم عين الحلوة على فوهة بركان، ولكن ليس من الأطراف العسكرية ولكن من الأهالي، فإن الفقر يولد القهر، الذي له تبعاته واثاره السلبية وآفاته والتي قد تصل لحد تفشي  الجريمة.
اذا يجب على الجميع العمل بجد وأن يكون ملف الوضع الانساني على طاولة الجميع قبل الوصول لنقطة حرجة بتحرك يخل بأمن المخيم وأمن الجوار مما يؤدي لتغذيته من أطراف خارجية وأهمها العدو الصهيوني لتخرج الأمور فيما بعد عن السيطرة.