الإثنين 25 تشرين الثاني 2024

سرب "صقر".. إبداع فريد لمظليي القسام في الإنزال الجوي خلف الخطوط


النهار الاخبارية - وكالات 

مثّل استخدام كتائب القسام خلال عملية "طوفان الأقصى" التي أطلقتها الكتائب أمس لوحدات إنزال مظليين حملت اسم "سرب صقر" مفاجأة ليس لجيش الاحتلال فقط، بل لأبناء الشعب الفلسطيني والعالم والمراقبين العسكريين، كإبداع فلسطيني فريد ولد في بيئة معقدة لا تسمح باستعمال مظلة الهبوط "الباراشوت"، التي تستخدم لتخفيف الهبوط عند القفز من طائرة أو قمة جبال عالٍ كما هو الحال في الجيوش والمغامرات الترفيهية.

 الفريد بالابتكار يتمثل بالتغلب على معضلة عدم وجود مرتفعات في قطاع غزة الذي يعتبر بيئة ساحلية، من خلال صناعة ما يشبه الدراجة الهوائية لها مقعد يجلس عليه شخص أو شخصان وأسفلها ثلاث عجلات وفي الخلف يوجد مروحة تعطي دفعة للتحليق وخزان وقود، تحملها مظلة شراعية مثبتة بواسطة حبال.

 وتتكون المظلة من النايلون وعند إقلاعها أو هبوطها تنتفخ بعد امتلائها بالهواء فتمنح الطيران ثم الهبوط على الهدف وفق المهمة المحددة.  وعرضت وحدة السلاح الجوي لكتائب القسام مشاهد من عمليات تدريبات سابقة لوحدة "سرب صقر"، بينما تداول ناشطون ومواطنون صورًا لمقاومين من الوحدة يقومون بالإنزال خلف الخطوط خلال معركة "طوفان الأقصى" التي أعلنت عنها كتائب القسام. وعبر مواطنون بكلمات ممتلئة بالفخر والاعتزاز بكتائب القسام، وتداولوا صورًا لمقاومين وهم يهبطون بواسطة المظلات على المواقع العسكرية الإسرائيلية، بعضهم أصابهم الدهشة من استخدام السلاح، فيما عجزت كلمات البعض عن التعبير وكأنهم "يعيشون في حلم". 

ورأى الخبير العسكري اللواء المتقاعد واصف عريقات، أن استخدام هذا السلاح يعني أن المقاومة وصلت إلى مرحلة كبيرة من التطور في مواجهة الاحتلال.

 وقال عريقات: إن "المقاومة ربما تخفي الكثير من الأساليب والأدوات المقاومة. صحيح أن إمكانياتها ربما ليست بالمستوى المطلوب في هذا المجال، لكن ما يوجد في حقبتها مجهولا هو الذي يخيف الاحتلال".

 فيما قال الخبير العسكري اللواء المتقاعد د. رفيق أبو هاني: إن "استخدام سرب "صقر"، التي تقل أفراد مقاتلين هو ابتكار فلسطيني، يدلل أن عقلية المقاومة تستطيع تحويل كل شيء لصالح المقاومة وإيلام الاحتلال".

 وعد أبو هاني استخدام السرب تكتيكًا جديدًا يستخدم لأول مرة فاجأ الاحتلال وباغته، كما باغته هجوم "طوفان الأقصى" كعملية هي الأولى من نوعها على مستوى الصراع، حيث يتم من خلالها تنفيذ استراتيجية الالتحام مع العدو من حيث الكم والعدد والنوعية واستخدام أنواع مختلفة من الأسلحة لاختراق السياج والحواجز مع الاحتلال. 

ورأى أن استخدام التقنية بالتزامن مع الغطاء الناري جوا وبحرا وبرا من أجل وصول المقاومين لأماكن هبوطهم، ابتكار فريد ستكشف الأيام القادمة عن فعاليته. 

ويتمترس الاحتلال، وفق أبو هاني، بعد السياج الفاصل مع غزة خلف ستة أنواع من العوائق والأسلاك الشائكة والجدر الأسمنتية والجدار الأراضي الذي أقامه في السنوات الأخيرة وسواتر ترابية، إضافة لسبعة حواجز أخرى أمام المستوطنات المحاذية لغزة، معتقدًا، أن المقاومة لجأت لتقنية الطائرات المظلية بعد إقامة الاحتلال لجدار اسمنتي على امتداد السياج الفاصل مع غزة. 

ورغم كل ما يمتلكه الاحتلال من إمكانيات تكنولوجية واستخباراتية متطورة، وطائرات حربية وتجسس لا تفارق سماء قطاع غزة، لفت أبو هاني إلى أن المقاومة نجحت في اخفاء هذه التقنية من حيث التصنيع والتدريب والتنفيذ.

 وتاريخيًا تمتع جندي وحدات المظليين بأهمية كبيرة في الجيوش، إذ تمكنه المظلة من الوصول لأي نقطة يريدها حسب الخطة الموضوعة في أرض العدو، ولجأت إليها الجيوش، وفق أبو هاني، للتغلب على وجود مناطق وعرة وعوائق عسكرية وحراسة مشددة، إذ يستطيع جندي المظليين اختراق الحاجز والنزول بأي مكان، وكان له دور مهم جدا في الحربين العالميتين الأولى والثانية جرى من خلالها حسب معارك.

 ولطالما مثل لواء "المظليين" أحد الألوية المركزية لدى جيش الاحتلال ونفذ مهمات عديدة نكل بأبناء الشعب الفلسطيني ليذيق اليوم من ذات الكأس.  

وخلال معركة الكرامة في 21 مارس/ أذار 1968 التي جرت بين جيش الاحتلال من جهة والجيش الأردني والفصائل الفلسطينية من جهة أخرى، حاول عناصر من لواء المظليين أسر الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، وفق مذكرات نشرها الدبلوماسي الإسرائيلي السابق آلون ليال عام 2017.