الخميس 28 تشرين الثاني 2024

حتى الأفران لم تعد قادرة على إنتاج الخبز..

النهار الاخبارية - وكالات 

تعيش مناطق النظام السوري- على رأسها العاصمة دمشق- أزمة اقتصادية غير مسبوقة منذ اندلاع الحرب السورية قبل 12 عاماً تقريباً، يتسبب فيها النقص الكبير في الوقود.

وأدت هذه الأزمة إلى توقف شبه تام لحركة النقل والصناعة والإنتاج، وسط توقعات بانهيار القطاعات الرئيسية في البلاد الزراعية والصناعية منها والطبية والتعليمية، وتوقُّف العديد من الخدمات مع انقطاع التيار الكهربائي.

"عربي بوست" تحدث مع مواطنين يعيشون في مناطق النظام، فروا مؤخراً إلى مناطق المعارضة شمال سوريا، عن تدهور الأوضاع المعيشية والاقتصادية غير المسبوق.

ونقل المواطنون صور الارتفاع الجنوني في أسعار المواد الغذائية والأدوية والمحروقات بنحو 4 أضعاف عن السابق، الأمر الذي وصل إلى صعوبة تأمين حتى الخبز بعدما توقفت الأفران عن إنتاجه، بسبب شح المحروقات.

وقال أبو أنيس (56 عاماً)، من مدينة المعضمية بريف العاصمة دمشق، إن "البلاد تمر بأزمة اقتصادية ومعيشية خانقة للغاية، بصورة أرهقت الجميع دون استثناء، حيث لا خبز ولا أدوية ولا حليب للأطفال ولا محروقات في الأسواق".

وأضاف المتحدث في تصريح لـ"عربي بوست": "حتى وإن توافرت هذه الأشياء تكون أسعارها خيالية تفوق قدرة أي مواطن، فسعر البنزين في السوق السوداء وصل إلى 20 ألف ليرة سورية بينما أسعار الديزل وصلت إلى 7000 ليرة".

وأشار المتحدث إلى أنه وبسبب توقف التيار الكهربائي توقفت العديد من المعامل عن الإنتاج، وتوقفت الأفران عن إنتاج الخبز وإغلاق شبه تام للمحال التجارية في كل الأسواق بالعاصمة دمشق ومحيطها".

وكشف أن "حركة النقل توقفت بنسبة 90%، ولم يعد خيار آخر أمام العمال والموظفين سوى السير لساعات من أماكن عملهم إلى منازلهم؛ للهرب من أجور النقل الباهظة".

ووصلت أجرة الراكب الواحد في حافلات النقل الخاصة من وسط العاصمة دمشق، إلى 10 آلاف ليرة سورية، في الوقت الذي لا تتجاوز فيه رواتب العمال والموظفين الشهرية 100 ألف ليرة سورية.

من جهته قال أبو محمود، وهو صاحب مزرعة لتربية الدواجن وإنتاج البيض في محافظة حلب، إنه "يقدّر خسارته بملايين الليرات السورية، بسبب الأزمة الاقتصادية الراهنة في البلاد".

ويعتمد أبو محمود على المحروقات في توفير التدفئة للدواجن، وبالوقت نفسه توقفت المنشآت الخاصة بالتخزين والتبريد عن العمل بعد نفاد الديزل الذي تعمل عليه المحركات، مما اضطره مؤخراً إلى رمي أطنان من الدواجن واللحوم المثلجة.

وأضاف المتحدث أن "الكوارث الناجمة عن التدهور الاقتصادي على منشآته لم تمس مزرعته فقط، بل طالت عشرات الصناعيين والتجار والمستثمرين في محافظة حلب التي تعتبر العاصمة الاقتصادية للبلاد".

وتوقفت عشرات المعامل عن الإنتاج بسبب شح المحروقات، وتضاعف أجور النقل أمام العمال، بعدما خفضت حكومة النظام عدد حافلات النقل العام إلى أقل من النصف.

وأوضح المتحدث أن "عدداً كبيراً من الصناعيين والتجار في محافظة حلب يفكرون الآن في وقف أعمالهم ومنشآتهم ومغادرة البلاد بأي طريقة، للنجاة بما تبقى بحوزتهم من أموال قبل فوات الأون وخسارتهم كل ما يملكون".

هروب شبه جماعي 
مع اشتداد الخناق على المواطنين في مختلف المناطق السورية الخاضعة لسيطرة النظام بسبب الأزمة الاقتصادية والمعيشية الراهنة، أصبح لبنان والعراق وتركيا ومناطق المعارضة وجهة لآلاف السوريين مؤخراً.

زكريا عبود (موظف)، من محافظة حمص وسط البلاد، فر مؤخراً إلى مناطق المعارضة شمال غربي سوريا، قال إن "عشرات العائلات من محافظة حمص غادرت إلى لبنان ومناطق المعارضة شمال غربي سوريا".

وأضاف أن "هذه العائلات نفد طعامها، ولم تعد قادرة على شراء المواد الغذائية الأساسية من لحم ودجاج ودقيق وبرغل وسمن والغاز، وهي مواد مهمة لاستمرار المعيشة".

الناشط ماجد فاخوري، من دمشق، كشف أن "الأزمة بدأت في مناطق النظام بسوريا منذ ما يقارب أسبوعين، نتيجة شح المحروقات، وبررت حينها حكومة النظام أزمة المحروقات بتأخر توريدات النفط من الدول الصديقة (في إشارة إلى إيران)".

وأضاف المتحدث في تصريح لـ"عربي بوست"، أن "شح المحروقات أسهم في توقف عشرات الأفران عن إنتاج الخبز في القطاع الخاص، ما دفع إلى تشكُّل الطوابير من البشر على أبواب الأفران التي تحصل على دعم من المحروقات".

احتجاجات في مناطق النظام
وعلى أثر الأزمة الاقتصادية التي تعيشها مناطق النظام السوري، تشهد محافظة السويداء ومناطق أخرى في البلاد احتجاجات شعبية واسعة؛ احتجاجاً على تدهور الأوضاع المعيشية والإنسانية.

وأطلق ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي دعوات للإضراب العام يشمل المحلات والشركات التجارية العامة والخاصة والجامعات والقطاع الحكومي، يوم 22 ديسمبر/كانون الأول؛ وذلك احتجاجاً على تردي الأوضاع المعيشية.