النهار الاخبارية - وكالات
ما زالت التطورات الميدانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة تقلق المستويات الأمنية والعسكرية الإسرائيلية، وسط دعوات إلى عدم الانجرار إلى معركة استنزاف غير ضرورية ضد المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة والضفة الغربية.
أكد الجنرال تامير هايمان الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات العسكرية- أمان، أن "ما يقوم به جيش الاحتلال مخاطرة غير محسوبة، لأن الساحة الفلسطينية على وشك الانفجار، وتواصل حماس إثارة شباب الضفة الغربية من خلال أذرعها في الداخل والخارج، فيما يحاول الجيش تجنب حملة عسكرية شاملة في غزة، مع العلم أن صناع القرار الإسرائيلي حين يناقشون مسارات العمل اللازمة في الساحة الفلسطينية يجب أن يأخذوا في الاعتبار جملة من المعايير أهمها أخذ زمام المبادرة، وعدم الانجرار لاستنفاد لا طائل منه".
وأضاف في مقال نشرته "القناة 12"، أنه "من الجيد أن إسرائيل لم تنجرّ لحملة عسكرية لكن السلوك الأكثر ردعًا هو اغتيال كبار المسؤولين في المنظمات الفلسطينية المسلحة، وهو بحاجة لتوقيت مناسب لا تكون فيه المنظمات جاهزة ومتأهبة، رغم أن الهدف من مثل هذا الاغتيال هو استعادة الهدوء والردع، لأن دفع مثل هذا الثمن سيجعل الفلسطينيين يفكرون مرات عديدة قبل تحدي الاحتلال مرة أخرى، والطريق لتحقيق الهدف هو من خلال المبادرة وليس التسويف".
الجنرال عاموس غلعاد الرئيس الأسبق للقسم الأمني والسياسي بوزارة الحرب، أشار إلى أن "خوض حرب في غزة يعني أن الاحتلال بحاجة إلى استراتيجية، لكن من المستحيل صياغتها في ظل الظروف الحالية والضعف العام لإسرائيل في جميع القطاعات، لأن تبادل الضربات في غزة بين حماس والاحتلال لن يؤدي إلى حلّ المشكلة الأمنية التي يعاني منها الأخير، في ضوء ما يواجهه الأخير من حالات من الضعف الأمني العسكري، وتراجع صورتنا الرادعة، ورؤية الأعداء لنا دولة منقسمة تأكل نفسها، وقررت إضعاف نفسها".
وأضاف في مقال نشرته "القناة 12"، أن "التدابير المضادة المستهدفة ضد حماس تواجه مشكلة أساسية لأن أهدافنا الرئيسية اليوم تحت الأرض مخفية ومحمية رغم قوتنا العسكرية الهائلة، ما يؤكد أن الدولة تتحرك في الاتجاه المعاكس في طريق الضعف".
مايكل ميلشتاين رئيس منتدى الدراسات الفلسطينية بجامعتي تل أبيب ورايخمان، أكد أن "ما يحصل من تطورات ميدانية يكشف عن تغيير لقواعد اللعبة، ويؤكد أن حماس هي المستفيد الأكبر من هذا الوضع، بدليل أن الحركة في 2023 أقوى مما كانت عليه في السنوات الأخيرة، فسيطرتها على غزة مثبتة، وصورتها بين الشعب الفلسطيني قوية، أما إسرائيل فلا تزال عالقة في وضع "إطفاء الحرائق" بدلاً من تغيير الواقع الاستراتيجي".
وأضاف في مقال نشره موقع "القناة 12"، أن "التوترات الجارية على الساحة الفلسطينية تبرز الدور المركزي لحماس في تأجيجها، وتشجيع التحركات ضد الاحتلال الذي يواجه هزيمة وأزمة داخلية لا تنتهي، فيما تبدو حماس أسرع وأكثر فاعلية في فك رموز الواقع الناشئ، والمستفيد الأكبر منه، وهي تسعى لإلحاق الأذى بإسرائيل، وتقوية نفسها علنًا وعسكريًا، وإملاء قواعد اللعبة، وتحقيق مبادئها الأيديولوجية، وعلى رأسها المقاومة، دون أن تتعرض لأضرار جسيمة على شكل حملة عسكرية صعبة مع إسرائيل".
وأكد أن "حماس فتحت جبهة جديدة من جنوب لبنان، وتقوم بحملة متعددة الأبعاد ضد إسرائيل، التي تمر بأزمة داخلية حادة، وتقودها حكومات قصيرة العمر ليس لديها القدرة على صياغة استراتيجية طويلة المدى، وتقوم بتنفيذ صراع تكتيكي، ومحاربة أذرع حماس كلّ على حدة دون مواجهة التحدي المنهجي الذي تفرضه الحركة التي يتم تصويرها كلاعب شطرنج معقد، بينما يتم تصوير إسرائيل كلاعبة "إسكواش" تركز على الرد على الكرات التي ألقيت عليها".
وأشار إلى أن "التقييم الإسرائيلي للواقع الصعب يؤكد أن حماس لم تعد مردوعة، بل منظمة متماسكة، مخلصة لمبادئها، وفيما تقع إسرائيل في قلب خلافاتها الحادة حول التغييرات القانونية، تعمل حماس على تعزيز موقعها في النظام الفلسطيني، تمهيدا لترسيخ نفسها، وتعزيز قبضتها، وتحقيق انعكاس استراتيجي بطرق سلمية، ودحض التقييم القائل بأن وصول الحركة للسلطة بسيطرتها على غزة سيغير أيديولوجيتها".
تؤكد هذه الاعترافات الإسرائيلية أن دولة الاحتلال وقعت في "قلب الفخ الاستراتيجي" الذي وجدت نفسها فيه، فيما تزداد قوة حماس، بينما تروج لهجمات ضد الاحتلال في ساحات أخرى بجانب غزة، حيث تشهد الضفة الغربية والحدود الشمالية تصعيدا تدريجياً، وفي ذات الوقت مما يواجهه الاحتلال من أزمة داخلية متفاقمة، يجعله يواجه صعوبة بصياغة استراتيجية منظمة ضد الحركة، بل الأسوأ من ذلك أنه بات يدرك أن سياسته ضدها في السنوات الأخيرة تنطوي على تحديات وثغرات حادة، تتكشف من حين لآخر.