الإثنين 25 تشرين الثاني 2024

تقرير يرصد كيف شجعت حكومة نتنياهو المستوطنين على تدنيس الأقصى

النهارالاخباريه – وكالات
شهد عام 2023 تزايداً في العدوان الإسرائيلي على مدينة القدس المحتلة والمسجد الأقصى، ما بين اقتحامات وتهويد ومحاولة فرض أمر واقع جديد، مع تشكيل حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية ورصدت مؤسسة القدس الدولية أبرز ملامح العدوان الإسرائيلي على المسجد الأقصى، خلال عام 2023، والتي واكبتها عملية "طوفان الأقصى" التي نفذتها المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وفي تعبير عن مركزية العدوان على الأقصى بالنسبة إلى "جماعات المعبد"، قال موشيه فيجلن، عضو "الكنيست" السابق وأحد قادة "جماعات المعبد"، إنّ معركة طوفان الأقصى "يجب أن تسمّى معركة المعبد، فـ [الأقصى] هو لبّ المعركة، ويجب بناء "المعبد"، وفق زعمه.

اقتحامات وصلوات توراتية 
وشارك 52,853 مستوطناً في اقتحام الأقصى في عام 2023، في مقابل 54,201 اقتحموا المسجد في عام 2022، وفق توثيق شبكة القدس البوصلة. 
وأدى مستوطنون طقوساً وصلوات توراتية بالتزامن مع الاقتحامات، ونشرت "جماعات المعبد"، في 2023/8/3، توثيقاً لأداء المستوطنين طقس "بركة الكهنة".
واستغلت "جماعات المعبد" موسم الأعياد العبرية الطويل من رأس السنة العبرية إلى أسبوع العُرش (9/16 إلى 10/7) لتصعيد وتيرة فرض مظاهر وأدوات توراتية إلى الأقصى، من اقتحام المسجد بلباس التوبة، والنفخ بالبوق، وطقس الانبطاح أو السجود الملحمي.  
وشارك في الاقتحامات وزراء وأعضاء "كنيست" حاليون وسابقون، في مقدمتهم وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير الذي اقتحم الأقصى غير مرة خلال عام 2023، إضافة إلى وزير النقب والجليل يتسحاق فاسرلاف،  وأعضاء "الكنيست" أرئيل كيلنر، وعميت هاليفي، ودان إيلوز، وإسحاق كرويزير. 
مطالب "جماعة المعبد" في المسجد الأقصى لحكومة نتنياهو 
ومع بداية عام 2023، كشفت "جماعات المعبد" عن مطالبها في ما يتعلّق بالأقصى في عهد حكومة نتنياهو، وسياسة إيتمار بن غفير المعتمدة بعد تولّيه حقيبة الأمن القومي، وأُدرجت المطالب تحت ثلاثة عناوين، هي: التقسيم الزماني، والتقسيم المكاني، والتأسيس المعنوي للمعبد.
وتضمّنت المطالب تمديد ساعات الاقتحامات، والسماح بها على مدار أيام الأسبوع، والسماح بأداء كل الصلوات والطقوس التوراتية، ورفع أيّ حظر على إدخال "الأدوات المقدسة" إلى الأقصى، وتحديد موقع لكنيس في المسجد، وإنهاء مرافقة شرطة الاحتلال للمجموعات المقتحمة، والسماح بدخول المستوطنين من الأبواب كافة، وعدم منع الاقتحامات في أي مناسبة إسلامية، وإعلان "الحقّ المتساوي" لجميع الأديان في الأقصى، علاوة على وقف إبعاد المستوطنين عن المسجد، وفتح باب كنيس المحكمة التنكزية، الخاضع حالياً لسيطرة وزارة الجيش، أمام جميع المستوطنين.

وأرسلت جماعة "العودة إلى جبل المعبد" المتطرفة رسالة إلى وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، طالبت فيها بتسهيل ذبح "قربان الفصح" في الأقصى، وعدّت تشكيل حكومة يمينية حقيقية لأول مرة في تاريخ دولة الاحتلال "فرصة ذهبية" لتحقيق هذه الطقوس في المسجد.

جماعات المعبد في أنفاق مجاورة للأقصى

وعقدت حكومة الاحتلال في 21 مايو/أيار 2023، جلستها الأسبوعية في أنفاق مجاورة للمسجد الأقصى للمصادقة على مجموعة من القرارات والميزانيات التهويدية لمناسبة الذكرى العبرية لاحتلال القدس.
وكان من بين القرارات تخصيص 17 مليون دولار لتطوير الأنفاق وتهويد محيط المسجد الأقصى، والخطة الخمسية التالية للقدس، وتعزيز مكانة القدس كـ "عاصمة للشعب اليهودي" عبر العالم، وتشكيل لجان خاصة للتعامل مع المشاريع المتعثرة والبطيئة وتسريع وتيرة التهويد في المحيط الشمالي والجنوبي للبلدة القديمة تحديداً.

كما عقدت حكومة الاحتلال التي يسيطر عليها تيار "الصهيونية الدينية" اجتماعاً خاصاً مع ممثلي "جماعات المعبد" لتعزيز التنسيق والتكامل بين الجهتين، ولتوحيد الجهد لتحقيق الهدف المشترك بتهويد المسجد الأقصى وتغيير هويته.

مخطّط لتقسيم المسجد الأقصى 

كشف الإعلام الإسرائيلي في يونيو/حزيران 2023، عن خبر مفاده بأنّ عضو "الكنيست" عميت هليفي يعدّ مسودة تفصيلية لتقسيم الأقصى مكانياً بين المسلمين واليهود، بحيث يخصص محيط الجامع القبلي جنوباً للمسلمين في حين تخصّص قبة الصخرة حتى الحد الشمالي للمسجد لليهود.

وتقوم مسودة هليفي على إعادة تعريف المسجد الأقصى إسلامياً بوصفه مبنى المصلى القبلي حصراً، وأن كل ما سواه غير مقدس إسلامياً، وتعدّ تقديس المسلمين كل ما دار عليه سور المسجد "مؤامرة لحرمان اليهود من مقدسهم"، باعتبار أن "المقدس إسلامياً هو ذلك المسجد المبني في الجنوب فقط، وبقية المكان ليس مقدساً عند المسلمين"، حسب ادعاء المسودة المقترحة.

وينصّ مشروع القانون التفصيلي الذي يعده هليفي على التخلص من الدور الأردني في المسجد الأقصى تماماً، وإنهاء دور الأوقاف الإسلامية، ووضع خطة تدريجية لتحقيق ذلك، وإتاحة المجال لليهود لاقتحام الأقصى من كلّ الأبواب، وعدم قصر حركة اليهود على باب المغاربة.

وتنصّ المسودة كذلك على تحويل الحضور اليهودي في المسجد الأقصى إلى حضور ديني، في إشارة ضمنية لإقامة الطقوس التوراتية في المسجد، إضافة إلى تخصيص المساحة التي تبدأ من صحن الصخرة حتى أقصى شمال المسجد لليهود، وهي تشكل حوالي 70% من مساحة الأقصى.

لوبي في "الكنيست" 

أطلق في "الكنيست"، في 29 أيار/مايو 2023، "لوبي الحرية اليهودية في جبل المعبد" لتعزيز السيطرة اليهودية على الأقصى، وفرض مزيد من الحضور الديني اليهودي فيه. 

وحضر حفل الإطلاق مندوبون عن "جماعات المعبد"، وركزت مداخلات الشخصيات السياسية على ضرورة "تعزيز مكانة جبل المعبد في النسيج الصهيوني"، و"تعزيز الحقوق اليهودية" التي يقصد بها عادة تعزيز الحضور الديني والطقوس التوراتية في المسجد الأقصى، و"ضرورة شكر الذين يعملون على تعزيز الزيارات اليهودية إلى جبل المعبد" في إشارة إلى تكامل الأدوار مع "جماعات المعبد" كأساس لعمل هذا اللوبي.

وكانت تلك الدورة البرلمانية الرابعة التي تشهد تأسيس لوبي عنوانه السيطرة على المسجد الأقصى وتعزيز الحضور الديني اليهودي فيه؛ حيث كان الأول في عام 2016 وترأسته في ذلك الوقت المتطرفة شولي موعالم مع الحاخام يهودا جليك، تلاه في 2019 تشكيل لوبي ثانٍ بمبادرة من أرييل كيلنر وماي جولان، تجدد في عام 2020.
منع الترميم في المسجد الأقصى
ومع استمرار منع الاحتلال أعمال الترميم في الأقصى بالتوازي مع الأنفاق التهويدية وأعمال الحفر التي ينفذها في المسجد، تسربت مياه الأمطار إلى المصلى المرواني، وغرق سجاد المصلى في أماكن متفرقة، ما اضطر حراس الأقصى إلى وضع أغطية بلاستيكية في الأماكن التي تسربت إليها المياه.
كما ظهرت انهيارات جديدة لبعض البلاط في طريق الآلام قرب باب الغوانمة أحد أبواب المسجد الأقصى، ورُصد تساقط حجارة من الجهة الخارجية لمصلى قبة الصخرة، تحديداً من الواجهة الغربية أسفل المزراب جهة المضلع على يسار المدخل الغربي الرئيسي للمصلى.

وفي أغسطس/آب 2023، تقدمت منظمة "جبل المعبد بأيدينا" بالتماس أمام المحكمة العليا للاحتلال تطالب فيه حكومة الاحتلال والشرطة والبلدية بمنع دائرة الأوقاف الإسلامية من "إلقاء النفايات في الأقصى"، مدّعية أنه تم توثيق إلقاء القمامة في مكان خالٍ داخل المسجد، وأن ذلك يعدّ "انتهاكاً صارخاً للمعتقدات والمشاعر الدينية". 
وقبل نهاية العام، دعت "جماعات المعبد" جمهورها من المستوطنين للمشاركة في مسيرة حاشدة في "تل أبيب"، في 2024/1/4، للمطالبة بإنهاء الدور الأردني في الأقصى وطرد الأوقاف من المسجد. 
الأقصى وطوفان الأقصى 
وعلى إثر عملية "طوفان الأقصى"، استمرت "جماعات المعبد" في عدوانها على الأقصى، وحاولت أن تظهر مركزية فكرة "المعبد" بالنسبة إلى جنود الاحتلال المشاركين في العدوان.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2023، نشر عضو "الكنيست"  الأسبق موشيه فيغلن، وهو من الداعمين لفكرة "المعبد"، مقطعاً له في المسجد الأقصى قرب باب الرحمة في 2 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، قال فيه: "لقد سمّوا المعركة (طوفان الأقصى)، ونحن يجب أن نسميها (معركة المعبد) وليس (السيف الحديدي)، لُبّ المعركة هو هذا المكان، لا نملك مزيداً من الوقت؛ يجب أن نبني المعبدواستغلّ الاحتلال عدوانه على غزة لفرض حصار مطبق على الأقصى والقدس القديمة، وتقييد وصول المصلين إلى المسجد، بالتوازي مع استمرار فتح الأقصى أمام المستوطنين لاقتحامه وأداء صلواتهم فيه، خشية الرباط في المسجد؛ مما يتسبب في تفجير الوضع في القدس ودعت "جماعات المعبد" المستوطنين إلى المشاركة الحاشدة في اقتحام الأقصى، وإقامة صلوات و"نحيب" في المسجد بهدف "طلب العون من الله لجنود الاحتلال في عدوانهم على غزة"، على حد زعمهمكما نشرت جماعة "العودة إلى جبل المعبد" صورة لقبة الصخرة مطالبة بتسريع هدم الأقصى وإقامة "المعبد" مكانه، وأرفقت عبارة "سنؤذيهم بأغلى ما لدى حـماس كما نشرت منظمة "جبل المعبد بأيدينا" على صفحات التواصل الاجتماعي صورة لدبابات الاحتلال على شاطئ تسير قُدماً نحو مجسم للمعبد المزعوم، مرفقة بتعليق: "قريباً في جبل المعبد