الأحد 24 تشرين الثاني 2024

تحقيق استخباراتي يكشف مصادر ترسانة حماس العسكرية.. الحصة الاكبر قادمة من دولة الاحتلال نفسها

النهارالاخباريه – وكالات 

قالت صحيفة The New York Times الأمريكية في تقرير نشرته إن مسؤولين عسكريين واستخباراتيين إسرائيليين خلصوا إلى أن حصة كبيرة من الأسلحة التي استخدمتها حماس في هجوم "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وفي التصدي للعدوان الإسرائيلي الجاري على قطاع غزة، قد جاءت من مصدر غير متوقع: هو جيش الاحتلال الإسرائيلي نفسه.
ظل المحللون يزعمون على مدى سنوات طويلة أن تسليح حماس يأتي من طرق التهريب والأنفاق المارة تحت الأرض، ويقولون إن هذه هي الطريق التي تتجاوز بها حماس الحصار العسكري الإسرائيلي على قطاع غزة. إلا أن خبراء أسلحة ومسؤولين استخباراتيين إسرائيليين وغربيين كشفوا أن المعلومات الاستخباراتية الواردة حديثاً أبانت أن حماس استطاعت تصنيع حصة كبيرة من صواريخها وقذائفها المضادة للمدرعات من آلاف الذخائر الإسرائيلية التي لم تنفجر في غزة، وزعموا أن حماس زوَّدت مقاتليها أيضاً بأسلحة مسروقة من قواعد عسكرية إسرائيلية.
استخفاف بقدرات حماس
كشفت المعلومات الاستخبارية التي جُمعت خلال الأشهر الماضية من القتال أنه مثلما أخطأت السلطات الإسرائيلية الحكم على مساعي حماس قبل 7 أكتوبر/تشرين الأول، فإنها استخفت كذلك بقدراتها في الحصول على الأسلحة.
وقد بات واضحاً أن الأسلحة التي استخدمتها إسرائيل لفرض الحصار على غزة على مدى الأعوام السبعة عشر الماضية هي الأسلحة ذاتها التي تستعملها حماس والمقاومة الفلسطينية في مواجهة القوات الإسرائيلية الآن، وأن المتفجرات العسكرية الإسرائيلية والأمريكية مكَّنت حماس من إمطار إسرائيل بالصواريخ، واجتياح المستوطنات الإسرائيلية من غزة لأول مرة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وذهب مايكل كارداش، النائب السابق لرئيس قسم تعطيل القنابل في الشرطة الإسرائيلية، إلى أن: "الذخائر الإسرائيلية غير المنفجرة أحد أبرز مصادر المتفجرات لدى حماس"، فهم "يُفككون القنابل وقذائف المدفعية التي تسقط عليهم من إسرائيل، ومن الواضح أنهم يعيدون استخدام كثير منها بعد ذلك في متفجراتهم وصواريخهم".
ويقول خبراء الأسلحة إن نسبة الذخائر التي لا تنفجر تبلغ نحو 10% من إجمالي الذخائر المستخدمة في العادة، وربما تكون النسبة أعلى من ذلك في القنابل التي تستخدمها إسرائيل في قصف غزة.
 إذ تشمل ترسانة إسرائيل صواريخ يعود تاريخ تصنيعها إلى حقبة الحرب الأمريكية على فيتنام في خمسينيات القرن الماضي وستينياته، وقد أوقفت الولايات المتحدة وغيرها من القوى العسكرية تصنيع هذه القنابل منذ زمن طويل. وقال ضابط استخبارات إسرائيلي إن نسبة 
العطب في بعض أنواع هذه الصواريخ والقنابل يمكن أن يصل إلى 15%.

آلاف الأطنان من الذخائر المتناثرة في غزة
علاوة على ذلك، فإن القصف الإسرائيلي المتقطع على مدى سنوات، والقصف المتواصل حالياً تركا آلاف الأطنان من الذخائر المتناثرة غير المنفجرة التي يمكن أن يُعاد استخدامها. بل إن قنبلة واحدة من القنابل الإسرائيلية التي يبلغ وزنها 350 كيلوغراماً ولم تنفجر، يمكن أن تتحول بعد ذلك إلى مئات من القذائف والصواريخ.
لم تردَّ حماس على طلبات التعليق من صحيفة The New York Times الأمريكية. وقال  جيش الاحتلال الإسرائيلي في بيانٍ إن مهمته هي تفكيك قدرات حماس، ولم يرد على الأسئلة المتعلقة بأسلحة الحركة الفلسطينية.
وكان المسؤولون الإسرائيليون يعلمون قبل هذه المعركة أن حماس استطاعت تدوير الأسلحة الإسرائيلية الصنع، لكن نطاق إعادة التصنيع الذي كشفت عنه هذه الحرب بلغ حداً أذهل جميع المعنيين، من خبراء الأسلحة والدبلوماسيين.
وكانت سلطات الاحتلال الإسرائيلي تعرف كذلك أن مستودعات أسلحتها تتعرض للسرقة، فقد أشار تقرير عسكري إسرائيلي صدر في أوائل العام الماضي إلى أن آلاف الرصاصات ومئات الأسلحة والقنابل اليدوية قد سُرقت من قواعد إسرائيلية سيئة الحراسة.
نقل أسلحة إسرائيلية إلى الضفة وغزة
زعم التقرير العسكري الإسرائيلي أن بعض هذه الذخائر نُقل إلى الضفة الغربية، وبعضها انتقل إلى غزة عن طريق سيناء. لكن التقرير ركَّز في توصياته على زيادة التأمين العسكري لمستودعات الأسلحة، ولم يفصِّل النظر في عواقب ما حدث، واكتفى باستنكارٍ مفاده: "إسرائيل تزود أعداءها بالأسلحة من ترسانتها".
إلا أن هذه العواقب ما لبثت أن ظهرت في هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، فبعد ساعات من اختراق المقاتلين الفلسطينيين للحدود، عثر جنود إسرائيليون على جثمان مقاتل فلسطيني قُتل خارج قاعدة رعيم العسكرية، وقال أحد الجنود إنهم وجدوا مع المقاتل قنبلة يدوية إسرائيلية حديثة التصنيع. وقال مسؤولون عسكريون إسرائيليون إن بعض المقاتلين الفلسطينيين الذين اقتحموا القاعدة استولوا على أسلحة وذخائر من هناك وحملوها معهم إلى غزة.
وقال ضابط استخبارات إسرائيلي إن محققين إسرائيليين فحصوا صاروخاً أطلقته حماس في هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول، واكتشفوا أن المادة المتفجرة فيه جاءت على الأرجح من صاروخ إسرائيلي غير منفجر أُطلق على غزة خلال حرب سابقة.

تنوع مصادر ترسانة حماس العسكرية
كشفت هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 عن تنوع مصادر الترسانة العسكرية لحماس وأنها تعمل على ترقيع نواقصها من موارد مختلفة. وتزعم إسرائيل أن الترسانة تشمل مسيَّرات هجومية إيرانية الصنع وقاذفات صواريخ من كوريا الشمالية، وهي أنواع الأسلحة التي تقول إسرائيل إن حماس تُدخلها إلى غزة عبر الأنفاق. وتزعم سلطات الاحتلال الإسرائيلي أن إيران هي أبرز مصادر تمويل حماس وتسليحها.
إلا أن مقاطع الفيديو التي تنشرها حماس وصور مخلفات الأسلحة الفلسطينية التي كشفت عنها إسرائيل، تشير إلى أن كثيراً من المتفجرات المضادة للدبابات [عبوات شواظ وغيرها]، والرؤوس التفجيرية للقذائف المضادة للمدرعات، والقذائف الفراغية المضادة للتحصينات، والعبوات الناسفة، هي في الحقيقة متفجرات إسرائيلية أُعيد استخدامها في تصنيع الأسلحة الفلسطينية.
وقال مسؤولون إسرائيليون إن تصنيع الصواريخ والقذائف يتطلب كميات هائلة من المواد المتفجرة، وهي من المواد التي يصعب بشدة تهريبها إلى غزة. ومع ذلك تمكنت حماس من تصنيع الصواريخ والقذائف بأعداد كبيرة وإطلاقها بكثافة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023؛ لدرجة أن منظومة الدفاع الجوي الإسرائيلية (القبة الحديدية) عجزت عن مجاراتها في محاولات التصدي