كتب رمزي عوض
المثل اللبناني يقول (هاي مش رمانة هاي قلوب مليانة) ويعود هذا المثل للاحداث التي حدثت في 13 نيسان 1975، وكانت شرارة الحرب الأهلية في لبنان، والتي انتهت بمجزة البوسطة التي صادف مرورها من عين الرمانة وقتل فيها 27 من الفلسطينيين المشاركين في تأبين عدد من شهداء الثورة الفلسطينية، وانتهت تلك الحرب بما يقارب من 150000 قتيل و 200000 جريح و20000 مفقود.
لا يوجد رواية لبنانية أو فلسطينية موحدة حول ماجرى قبل ذلك الحادث وبعده، والجميع يرمي المسؤولية على (نظيرية المؤامرة)، حيث لاتوجد رواية حقيقية للأحداث لأن كل يرويها من وجهة نظره، فالتجيش الطائفي والمذهبي وحتى السياسي كان على أشده، وكانت بوسطة عين الرمانة هي الشرارة التي أوقدت حربا استمرت حتى العام 1992.
اذا لماذا يستذكرها الزعماء والقادة في خطاباتهم؟ هل لاثبات صوابية مواقفهم من خلال رواياتهم المختلفة لتسلسل الاحداث؟ أم لصناعة (بعبع) دائم، بالتخويف من الآخر، لترسيخ زعاماتهم؟
اسباب الحرب الأهلية ببساطة هي الطمع السلطوي لزعماء الحرب في ذلك الوقت، لم تكن فلسطين البوصلة ولم يكن الدفاع عن القرار اللبناني هو البوصلة، ولم يكن الدفاع عن الاسلام او المسيحية هو البوصلة، ولكن كلها استخدمت كذرائع لترسيخ سلطة أمراء الحرب.
(تنذكر وماتنعاد) هذا ايضا مثل لبناني يتحدث عن ذكر الحرب الاهلية، بالدعاء كي لا تنعاد، وهذا هو حال الاكثرية، من الفلسطينيين واللبنانيين، من المسلمين والمسحيين، ولن تجد التعصب لرواية تلك الاحداث الا عند مستزلم لاحد امراء الحرب، او من أمير حرب، او من باحث عن فتنة جديدة للبنان.
الصواب هو تحقيق لبناني مستقل لمحاسبة الفاعلين ولو أخلاقيا، مع المرور على كل المجازر التي حدثت وذهب ضحيتها فلسطينيون ولبنانيون، ولكن لبنان ككيان دولة لازال أضعف من اتخاذ قرار حكومي للتحقيق في فترة الحرب الأهلية، على الأقل لتوحيد الرواية الوطنية حول تلك الفترة، والى أن يحين ذلك الوقت (تنذكر وماتنعاد).
الصورة المرفقة هي صورة حقيقية لبوسطة عيت الرمانة بعد انتهاء الحرب الأهلية في لبنان