الأحد 24 تشرين الثاني 2024

سويسرا وحماس ومسألة الإرهاب

سويسرا وحماس ومسألة الإرهاب
النهار الاخباريه – قسم الدراسات
تسعى المنظمات اليهودية في سويسرا إلى تصنيف حركة المقاومة الإسلامية "حماس" كمنظمة إرهابية. وفيما تعزز هذا المطلب خلال التصعيد الأخير الذي شهدته المنطقة إلا أنه لا يجد آذاناً صاغية لدى الدبلوماسية السويسرية.
من جديد، وضعت الحرب أوزارها وصمت صوت السلاح في كل من إسرائيل وفلسطين. فبعد أحد عشر يوماً من المعارك الطاحنة، تم التوصل إلى وقف لإطلاق النار في الحادي والعشرين من مايو الجاري، تحقق نتيجة لجهود الوساطة التي اضطلعت بها بصفة خاصة كل من مصر والأمم المتحدة، حيث نص الاتفاق على وقف أعمال القتال من كلا الجانبين وفي ذات الوقت.
وقد جاء اندلاع المعارك الأخيرة على حساب السكان المدنيين في المقام الأول: فقد لقي أكثر من مئتين وثلاثين فلسطينياً وفلسطينية حتفهم، بينما أعلنت إسرائيل عن وفاة أحد عشر شخصاً. أما المصابون فتقدر أعدادهم بالآلاف، وفيما يتعلق بالخسائر المادية فإنها هائلة، خاصة في البنية التحتية بقطاع غزة.

وبينما كانت المعارك لا تزال دائرة، طالبت المنظمات اليهودية في سويسرا بتصنيف حماس كمنظمة إرهابية. وفي  وصف كل من اتحاد الجاليات اليهودية السويسرية ومنصة اليهود الليبراليين بسويسرا حركة حماس بأنها "شديدة التطرف، وإرهابية، ومعادية للسامية". لذلك فإنه ليس من المقبول ـ بحسب نص البيان ـ "أن تتمتع حماس في سويسرا بحرية الحركة، وتقوم بجمع التبرعات، وتصريف شؤونها المالية". كذلك طالبت السفارة الإسرائيلية في برن بنفس هذه المطالب.
الكنفدرالية تلوح بالنفي
من الجدير بالذكر أن هذا المطلب ليست بالأمر الجديد. ففي عام 2017رابط خارجي، طالب كريستيان إمارك، النائب بمجلس الشيوخ (الغرفة العليا بالبرلمان الفدرالي) عن حزب الشعب السويسري (يمين محافظ)  الحكومة الفدرالية آنذاك بحظر حركة حماس وتصنيفها كحركة إرهابية. وحينما سُئل إمارك عن موقفه إزاء التصعيد الأخير، صرح بأن "تصنيف حماس كمنظمة إرهابية يعتبر خطوة صحيحة، كما كان الحال من قبل. خاصة لأن حماس قد انتهجت مجدداً سلوكاً عدوانياً، إضافة إلى أنها تستخدم شعبها نفسه كدروع بشرية"
وبالفعل، كانت سويسرا حتى الآن تعتبر فقط تنظيمي "القاعدة" و "الدولة الإسلامية" منظمات إرهابية
 بذلك لم يعد هناك مجال لإدارة حوار مباشر بينها وبين الحكومة السويسرية. وهذا هو السبب الذي لأجله لم تستجب الحكومة الفدرالية حتى الآن للمطالب السالفة الذكرة بشأن حماس: ففي إطار سياستها الداعمة للسلام في المنطقة، فإنه من الأهمية بمكان الإبقاء على الحوار مع جميع الأطراف، والتمكن من تقديم المساعي الحميدة التي تسديها سويسرا. سواء كان هذا بين إسرائيل والفلسطينيين، أم في الحوار الفلسطيني الداخلي، أي بين كل من حركة المقاومة الإسلامية حماس، وحركة  فتح 
نشير هنا، إلى أن شيئاً لم يتغير في هذا الصدد، حتى بعد اندلاع العنف مؤخراً.
 فبناء على سؤال وجهته لها أبلغت وزارة الخارجية بدورها بموقفها الحالي: "لقد أحيطت وزارة الخارجية الفدرالية علماً بالطلب الذي تقدم به اتحاد الطائفة اليهودية السويسرية.
 ولا يزال موقف سويسرا السابق ذكره سارياً إذ ترفض حركة حماس الاعتراف بحق إسرائيل في الوجود، كما أنها تدافع عن الصراع المسلح كوسيلة مشروعة للمقاومة. ومن جانبها تدين سويسرا هذه المواقف بكل وضوح"
لقد كانت سويسرا على اتصال بجميع أطراف الصراع، كما طالبت حركة حماس في قطاع غزة بوقف جميع أعمال العنف، والالتزام بالقانون الدولي الإنساني، وكذلك بضمان حقوق الإنسان
تضارب الأهداف
إن عدم قيام الاتحاد الأوروبي بدور مفصلي في الوساطة من أجل وقف إطلاق النار، كان له عدة أسباب. فبناء على تصنيفه لحماس كمنظمة إرهابية، فإنه لم يعد بمقدوره إجراء مباحثات مباشرة معها، وهو الأمر الذي ينطبق على العديد من الدول الأخرى. في المقابل، قامت بعض البلدان بتصنيف كتائب القسام، الذراع المسلح لحركة حماس، فقط كجماعة إرهابية، وليس المنظمة بأسرها.
في سياق متصل، تزايد الضغط داخل دول شتى في أعقاب التصعيد الأخير، من أجل تصنيف حركة حماس كجماعة إرهابية. هكذا طالب على سبيل المثال أرمين لاشيت، عضو الحزب الديمقراطي المسيحي، ومرشح الائتلاف الحاكم لشغل منصب المستشار الألماني، بحظر راية حركة حماس، بينما أيّد آخرون حظر الجماعة كلياً. وتجدر الإشارة هنا إلى أن حركة حماس ليست محظورة في ألمانيا أيضاً.
لكن السؤال المطروح الآن هو، إلى أي مدى سوف يكون هذا الحظر محققاً للهدف ـ فبحسب بعض المحللين تعتبر حركة حماس في الأثناء أكبر قوة سياسية فلسطينية، ولا يقتصر ذلك على قطاع غزة وحسب: حيث أنها تحكم القطاع منذ عام 2007، إلا أنها فضلاً عن ذلك تكتسب على الدوام مزيداً من التأييد الشعبي في كل من الضفة الغربية وفي صفوف فلسطينيي الداخل (عرب 1948)، الذين يعيشون داخل الخط الأخضر "تعد حركة حماس هي الفائز السياسي على الجانب الفلسطيني. فلابد إذن من الإبقاء على الحوار معها أما نعتُها بالجماعة الإرهابية فلن يصبّ في مصلحة أحد.".