الأحد 24 تشرين الثاني 2024

من أوروبا إلى الصين... هل تنطلق أزمة الغاز إلى دول العالم؟


النهارالاخباريه- وكالات 
فيما تواصل أسعار الغاز ارتفاعها الجنوني، تسبب النقص في إمدادات الطاقة إلى الصين بتوقف العمليات في المصانع الكبرى التي تزود شركات مثل "تيسلا" و"أبل"، مما أدى إلى خفض الإنتاج وتراجع توقعات النمو الاقتصادي للبلاد. وتقوم الصين حالياً بترشيد استخدام الفحم ومصادر الطاقة الأخرى لضمان الحفاظ على إمدادات الطاقة للمنازل خلال موجة البرد الحالية. وسيدفع هذا النقص في إمدادات الطاقة الشركات إلى رفع أسعار السلع للمستهلكين الصينيين مما سيتسبب في تسريع معدلات التضخم.
في الوقت نفسه، حذر تقرير حديث نشرته صحيفة "فايننشال تايمز"، من زيادة مخاوف تأثر نمو سوق النفط بتصاعد أزمة نقص الغاز العالمية. فيما ارتفع سعر خام برنت إلى أعلى مستوياته منذ سبتمبر (أيلول) 2018 ليصل إلى 79.60 دولار للبرميل، مواصلاً رحلة صعوده التي بدأت عندما توقعت "أوبك" في وقت سابق من هذا الشهر أن يتجاوز الطلب على الخام خلال 2021 مستويات عام 2019. وقفز خام برنت بالفعل بنسبة 50 في المئة منذ بداية العام وحتى الآن.
أيضاً، تستعد بريطانيا لنشر الجيش وسط حمى شراء الناس للبنزين، والتي أدت إلى نفاد الوقود بنسبة في 90 في المئة من المحطات، وفق تقرير "فايننشال تايمز"، نقلاً عن مصادر مطلعة في الحكومة. وسيجري نشر مئات الجنود لقيادة ناقلات النفط بموجب خطة طوارئ تسمى "عملية إسكالين". ومع ذلك، قد لا يمتلك الجيش المهارات اللازمة للقيام بالمهمة، لا سيما في عمليات مثل التفريغ، على حد قول بريان مادرسون، رئيس اتحاد تجار تجزئة البترول. ويستبعد المتخصصون وجود الكثير للقيام به باستثناء انتظار وقف الشراء بدافع الذعر.
إلى أين وصلت الأزمة في أوروبا والصين؟
وإلى جانب أزمة الطاقة التي تعصف بأوروبا في الأسابيع القليلة الماضية، بسبب نقص المخزون وتحول جانب من صادرات الغاز الروسي لأوروبا نحو الأسواق الآسيوية، يبدو أن هناك أيضاً أزمة في سائقي الشاحنات في بريطانيا منذ تنفيذ "بريكست"، وفق ما ذكرته وكالة "رويترز". هذا المزيج من الأزمات أدى إلى حالة ذعر بين المستهلكين الذين تسابقوا على محطات الوقود.
فيما حذرت وكالة "بلومبيرغ" من أن أزمة الطاقة في أوروبا من الممكن أن تمتد لتشمل بقية بلدان العالم. حيث سيؤدي الشتاء البارد المقبل إلى دفع الطلب على الغاز الطبيعي فوق العرض المتضائل بالفعل، مما يتسبب في وقوع المزيد من البلدان ضحية لنقص الطاقة. في الصين، قد يضطر القطاع الصناعي بما في ذلك مصانع الخزف والزجاج والأسمنت إلى رفع الأسعار، وستعاني الأسر في البرازيل من ارتفاع أسعار الكهرباء. وأضاف التقرير أن الاقتصادات التي لا تستطيع تحمل ارتفاع تكاليف الوقود مثل باكستان وبنغلاديش قد تصاب بالشلل.
فيما تتصاعد أزمة الكهرباء في الصين بعد أن بدأت المقاطعات هناك بقطع التيار الكهربائي عن بعض المصانع. وقالت الصحيفة الرسمية للحزب الشيوعي الصيني في تقرير حديث، إن نقص الطاقة سيجبر الشركات على رفع أسعار السلع للمستهلكين الصينيين ويدفع التضخم إلى الأعلى. وتسببت الأزمة في انقطاعات للتيار الكهربائي في مناطق سكنية بعدة مقاطعات صينية خلال الأيام الماضية.
وأثارت أزمة الطاقة مخاوف بانهيار مالي عالمي يضاهي المخاوف المقبلة من أزمة شركة "إيفرغراند" الصينية، إذ يثير شبح تدهور سلاسل التوريد العالمية مخاوف متزايدة لدى المراقبين.
وفي التعاملات، قفزت العقود المستقبلية للغاز الطبيعي في بورصة نايمكس بنسبة 4.82 في المئة لتبلغ 5.39 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية. وارتفعت عقود نوفمبر (تشرين الثاني) لخام برنت بنسبة 1.69 في المئة لتسجل نحو 79.4 دولار للبرميل، فيما بلغ سعر خام غرب تكساس الوسيط 75 دولاراً للبرميل.
وفي إطار الجهود المبذولة لضمان ألا يصبح الصقيع في الشتاء قاتلاً، تخزن البلدان مصادر الطاقة الملوثة مثل الفحم وزيت التدفئة، لكن ينبعث من الغاز الطبيعي حوالى نصف كمية ثاني أكسيد الكربون الناتج عن حرق الفحم.
ذروة الطلب على النفط قبل 2030
وبسبب الأزمة، توقعت شركة "توتال"، أن يبلغ الطلب العالمي على النفط ذروته قبل 2030 في وقت أبكر من الموعد المتوقع سابقاً. وكانت التوقعات السابقة للشركة تشير إلى بلوغ ذروة الطلب في عام 2030 وليس قبله، لكن عملها الآن يستند إلى افتراض بأن الاستهلاك العالمي سيبدأ في التراجع قبل نهاية العقد الحالي.
وأشارت "توتال" في توقعاتها السنوية لسوق الطاقة إلى أن الطلب على النفط سيتراجع إلى 40 أو 64 مليون برميل يومياً بحلول 2050 اعتماداً على مدى قوة تطبيق السياسات وتغيير العادات. وقالت إن الغاز الطبيعي سيظل يلعب دوراً كوقود انتقالي لا سيما عندما يكون مصحوباً بتقنيات استخلاص الكربون وانبعاثات الميثان. ورجحت أن يزيد توليد الكهرباء إلى مثليه بحلول 2050، وأن تمثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية أكثر من 85 في المئة من الزيادة.
فيما ذكر تقرير "وورلد أويل" الدولي، أن النفط الخام حافظ على مكاسبه بالقرب من أعلى مستوياته منذ 2018، وسط أزمة طاقة عالمية تزيد بالفعل، وبفعل قوة الطلب العالمي على النفط الخام، بينما تنخفض المخزونات النفطية في كل من الولايات المتحدة والصين، لافتاً إلى أن الارتفاع في أسعار الغاز الطبيعي سيجبر بعض المستهلكين على التحول إلى النفط ما يزيد من تشديد السوق قبل شتاء نصف الكرة الشمالي.
وذكر التقرير أن العقود الآجلة للنفط سجلت زيادة أسبوعية وهي الثالثة على التوالي، بينما تراجعت مخزونات النفط الخام البرية العالمية بنحو 21 مليون برميل في الأسبوع الماضي بقيادة الصين، مشيراً إلى اقتراب المخزونات الأميركية من أدنى مستوى لها في ثلاثة أعوام.
وأشار إلى إجراء الصين أول مزاد للخام من احتياطياتها الاستراتيجية، كما ارتفعت أسعار النفط، أخيراً، بعد فترة من عدم اليقين في الطلب الناجم عن انتشار جائحة كورونا، بينما توقع بعض أكبر المتداولين في البنوك حول العالم أن الأسعار قد ترتفع أكثر بسبب أزمة الطاقة.
ولفت التقرير إلى أنه يمكن أن يرتفع استهلاك النفط الخام العالمي بمقدار 370 ألف برميل إضافي يومياً إذا ظل الغاز الطبيعي مرتفعا لفترة طويلة، وفقاً لتقديرات منظمة "أوبك"، مشيراً إلى أن مقاييس سوق النفط الخام الأساسية المختلفة تلفت النظر أيضاً إلى وجود سوق أقوى، موضحاً أن الفارق الرئيس بين العقود الآجلة لخام برنت لشهر ديسمبر (كانون الأول) وبعد عام يقترب من 7 دولارات وهو الأقوى منذ 2019.