الجمعة 22 تشرين الثاني 2024

لا عدالة رسوم "ترانزيت النقل المبرد" بين سوريا ولبنان

النهار الاخباريه- بيروت 
لاحت منذ فترة أزمة الرسوم المرتفعة على الشاحنات المبردة التي تمر من لبنان عبر سوريا إلى الدول العربية، فاعتبرها كثيرون أزمة مفتعلة من جانب النظام السوري لجر لبنان الرسمي إلى التفاوض معه بعد انقطاع عمره 16 عاماً. فقد تخطت الرسوم الثلاثة آلاف الدولارات على كل شاحنة مبردة تمر عبر الأراضي السورية، ما دفع نقابة أصحاب الشاحنات المبردة في لبنان ومعها سياسيين من مقلب المعادين للأسد، إلى المطالبة باعتماد مبدأ المعاملة بالمثل وفرض رسوم على الشاحنات السورية التي تدخل الأراضي اللبنانية من دون أن تفرض عليها أي رسوم. وسأل النائب جورج عقيص، عضو تكتل لبنان القوي وهو الذي رافق وفد النقابة إلى مكتب نائبة رئيس الحكومة زينة عكر، "هل هذه العلاقة المميزة التي يتغنون بها بين لبنان وسوريا؟".
وعلمت النهار الاخباريه  أن الأسابيع المقبلة قد تشهد زيارات رسمية في مقدمها زيارة نائبة رئيس الحكومة عكر، التي حمّلتها النقابة ملف الشاحنات المبردة، وهي نقلت الملف إلى رئيس الجمهورية ميشال عون. وعُلم أن عدداً من وزراء حكومة تصريف الأعمال بحثوا مع رئيسها حسان دياب مسألة القيام بزيارات رسمية إلى سوريا لبحث الملفات العالقة. وكشفت المعلومات أن دياب وافق مشترطاً أن تكون هذه الزيارات مرفقة بطلب رسمي لبناني، تجنباً لتحمله وحده مسؤولية إعادة التواصل الرسمي مع النظام السوري، على أن تقتصر مواضيع البحث على ملف النازحين السوريين والمواضيع الاقتصادية المشتركة.
6750 عائلة مهددة بلقمة عيشها
يشرح نقيب أصحاب الشاحنات المبردة عمر العلي أن قطاع النقل المبرد يضم في لبنان 1350 شاحنة، ويعتاش من كل شاحنة أكثر من خمس عائلات. والمعلوم أن قطاع النقل المبرد مرتبط بقطاعي الزراعة والصناعة، إذ ينقل المنتجات الزراعية والصناعية اللبنانية عبر الشاحنات المبردة إلى الدول العربية. ويقول العلي إن "هذا القطاع دفع ثمناً كبيراً خلال حرب سوريا عندما أقفل معبر نصيب بين سوريا والأردن، حيث احترقت شاحنات جراء القصف واحتجزت أخرى بسبب قطع الطرقات".
عادت الشاحنات المبردة إلى العمل بعد إعادة فتح المعبر بين سوريا والأردن، لكن في ظل منافسة شديدة بين المزارع اللبناني من جهة والمزارع الأردني من جهة أخرى. ووسط الظروف الصعبة، تفاجأ سائقو الشاحنات في لبنان منذ فترة بتدابير سورية جديدة مجحفة بحقهم. ويقول العلي، إن رسوماً تعجيزية باتت تفرض على كل شاحنة مبردة تعبر الأراضي السورية، فبات يحتسب رسم "المبعث زفت" أي رسم الطريق فقط، من خلال احتساب 10 في المئة من وزن القائم، ضرب المسافة، ضرب 10.08 دولار، هذا إضافة إلى مصاريف البيانات والمعاملات. ما يعني أن كلفة عبور الشاحنة اللبنانية المبردة من المصنع إلى البوكمال في العراق باتت 3500 دولار ذهاباً وأياباً، في الوقت الذي تبلغ كلفة الشاحنة المبردة السورية التي تمر عبر لبنان "صفر"، إذ إنها معفاة من أي رسوم. ويوضح نقيب أصحاب الشاحنات المبردة، أن الشاحنة الخالية تدفع أيضاً رسوم "ترانزيت" تراوح بين 200 و250 دولاراً مقابل صفر رسوم على الشاحنات السورية غير المحملة التي تدخل الأراضي اللبنانية. وفوجئت النقابة، في بداية العام الحالي، بتدبير سوري جديد قضى بمنع دخول الشاحنات اللبنانية الفارغة إلى سوريا، فما كان من النقابة إلا أن طالبت بمنع دخول الشاحنات السورية الفارغة إلى لبنان، فيما بقي معبر المصنع اللبناني مفتوحاً أمام الشاحنات المحملة من دون فرض رسوم عليها. حتى العراق، يقول العلي، ألغى الرسوم على الشاحنات السورية وأُبقيت على الشاحنات اللبنانية. وهو ما دفع المصدرين إلى اللجوء إلى البرادات السورية لنقل المنتجات اللبنانية. والمعلوم أن العراق وحده يستورد نصف المنتجات اللبنانية، مقابل النصف الآخر لبقية الدول العربية.
وحاولت النقابة طلب مساعدة وزيري الزراعة السابقين حسين الحاج حسن من "حزب الله" وغازي زعيتر من "حركة أمل"، لكن الاتصالات مع الجانب السوري لم تؤد إلى نتيجة، والرد السوري وفق العلي "المطلوب أن تأتي الدولة اللبنانية وتفاوض الدولة السورية، والتفاوض يجب أن يحصل بالكامل وليس على النقطة".
هل نجحت سوريا في استدراج لبنان الرسمي
وسط الحديث عن مساع حكومية داخلية للانفتاح مجدداً على سوريا عبر زيارات رسمية متوقعة لكبار المسؤولين اللبنانيين في مقدمهم نائبة رئيس الحكومة عكر، برزت زيارة وفد نيابي دمشق، حيث التقى وزير الخارجية فيصل المقداد.
معظم أعضاء الوفد النيابي هم من كتل نيابية حليفة لنظام الأسد. وأكدت مصادر سياسية " أن فكرة الزيارة ساهم في تحقيقها السفير السوري في لبنان عبد الكريم علي، مطالباً بتواصل لبناني سوري على المستويات الرسمية بعد توتر العلاقة مع النظام منذ عام 2005 على إثر اغتيال الرئيس رفيق الحريري وانسحاب الجيش السوري من لبنان. علماً أن العلاقة منذ ذلك الوقت اقتصرت على التواصل التقني لا السياسي في ملفات محددة تهم البلدين. ويكشف نائب شارك في الوفد بصفته عضواً في لجنة الصداقة اللبنانية السورية، فضل عدم الكشف عن اسمه، أن المبادرة انطلقت لهدفين، الأول المساعدة على إعادة العلاقة مع سوريا تدريجاً لمصلحة الشعب اللبناني، وخصوصاً أمام الواقع الاقتصادي المعيشي الصعب الذي يعيشه، والثاني تخفيف معاناة اللبنانيين وفتح المجال أمام التصدير والاستيراد والعمل على إيجاد مساحات مشتركة انطلاقاً من مصلحة الدولتين والشعبين. وأجرى الوفد مع وزير خارجية سوريا جولة أفق على المشهد السياسي العام في المنطقة والتحولات الدولية وتأثيرها على المنطقة.
وبحسب النائب نفسه حصل تبادل آراء حول السبل الآيلة للوصول إلى حلول. كذلك جرى التداول في إمكانية استيراد الفائض من المنتجات السورية وتصدير المنتجات اللبنانية والتبادل بالعملات الوطنية. وطلب الوفد النيابي من المقداد إعادة النظر في الرسوم المفروضة على الـ"ترانزيت"، تمكيناً لتسهيل عبور المنتجات اللبنانية عبر سوريا إلى الدول العربية. وتطرق الاجتماع إلى إمكانية استيراد الدواء من سوريا إلى لبنان، على اعتبار أن لدى سوريا 90 نوعاً من الدواء المعترف بها أوروبياً. علماً أن حركة تهريب الدواء المدعوم من لبنان إلى سوريا لا تزال ناشطة.
وخلاصة الاجتماع هي تشكيل لجنة من المتخصصين لتحديد الأولويات، مع وضع جدول زمني لتنفيذها.
حصر التصدير إلى الخليج من المرفأ زاد المعاناة
إضافة إلى مشكلة الرسوم القاسية التي فرضتها سوريا على الشاحنات اللبنانية المبردة، يعاني قطاع النقل المبرد من تداعيات قضية الكبتاغون المهرب من لبنان إلى السعودية، بعد قرار وقف استقبال المنتجات الزراعية اللبنانية وتأييد الكويت والبحرين وعُمان القرار السعودي.
ملف التصدير عبر البر إلى السعودية ودول الخليج، بحثه وفد من نقابة أصحاب الشاحنات المبردة مع  وزير الداخلية محمد فهمي. ويكشف العلي أن القضية لا تزال في انتظار وعد رسمي لبناني بتجهيز كل المعابر بسكانر متطور. وهو وعد لا يزال ينتظر التطبيق. علماً أن المديرية العامة لمكافحة المخدرات في السعودية أعلنت، السبت 26 يونيو (حزيران)، عن إحباط محاولة تهريب 14 مليون و400 ألف قرص مخدر ضبطت في ميناء جدة. وأوضح المتحدث باسم المديرية أن الشحنة كانت مخبأة داخل شحنة ألواح حديدية آتية من لبنان.