الأحد 24 تشرين الثاني 2024

هل أخفق بايدن في تنفيذ خطته الاقتصادية؟

النهار الاخباريه- وكالات 
تسببت الأزمات التي يشهدها الاقتصاد العالمي وألقت بظلالها على الاقتصادات المتقدمة في أن يقوم الرئيس الأميركي جو بايدن بتغيير خطته لتعزيز أداء الاقتصاد الأميركي. وتشير البيانات الرسمية إلى نمو اقتصاد الولايات المتحدة الأميركية بأبطأ وتيرة خلال أكثر من عام في الربع الثالث من العام الحالي، إذ تسببت جائحة كورونا في أن تفرض المزيد من الضغوط على سلاسل الإمداد العالمية، ما أدى إلى نقص بعض السلع، الأمر الذي قلص إنفاق المستهلكين.
وأعلن الرئيس الأميركي عن إطار جديد لخطته للإنفاق الاجتماعي بعدما خفض قيمتها إلى 1750 مليار دولار، معرباً عن ثقته بحصولها على تأييد كل الديمقراطيين، ومشيراً إلى أنه تم تقديم خطة تاريخية للاقتصاد في الولايات المتحدة.
وبسبب الضغوط العنيفة التي يواجهها الاقتصاد الأميركي، وفي إطار بحث الإدارة الأميركية عن مصادر جديدة لتمويل الإنفاق الضخم بسبب التداعيات السلبية التي خلفتها جائحة كورونا، يستهدف الديمقراطيون في الكونغرس ثروة الأميركيين الأكثر ثراء، وأعلن رئيس اللجنة المالية بمجلس الشيوخ، أوريغون رون وايدن، تفاصيل الخطة المعقدة والمثيرة للجدل التي كان يعمل عليها لمدة عامين في الأقل. ومن شأن الاقتراح أن يفرض ضرائب على المليارديرات على مكاسب قيمة أصول معينة كل عام، بدلاً من فرض ضريبة على المليارديرات في وقت البيع فقط، كما هو معمول به حالياً.
الناتج المحلي يسجل تراجعاً كبيراً
وأعلنت وزارة التجارة الأميركية أن الناتج المحلي زاد بنسبة اثنين في المئة على أساس سنوي خلال الربع الثالث من العام الحالي مقابل نحو 6.7 في المئة خلال الربع الثاني. وهو أبطأ معدل منذ الربع الثاني من 2020، عندما واجه الاقتصاد انكماشاً تاريخياً في أعقاب سلسلة إجراءات للإغلاق العام بهدف مواجهة الموجة الأولى من جائحة كورونا.
وتسبب تفشي السلالة المتحورة "دلتا" في تفاقم عجز العمالة في المصانع والمناجم والمواني واضطراب سلاسل الإمداد، وتوقع استطلاع أجرته وكالة "رويترز" زيادة الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2.7 في المئة خلال الربع الماضي.
في الوقت نفسه، نما إنفاق المستهلكين، الذي يشكل أكثر من ثلثي النشاط الاقتصادي الأميركي بنسبة 6.1 في المئة بعد وتيرة نمو بلغت 12 في المئة خلال الربع الثاني، في وقت انخفض فيه عدد الأميركيين المتقدمين للحصول على طلبات إعانة بطالة جديدة، ويتفق تحسن أوضاع سوق العمل مع تقرير حديث أصدرته وزارة العمل الأميركية، أظهر أن طلبات إعانة البطالة لأول مرة انخفضت عشرة آلاف طلب إلى مستوى معدل لحساب عوامل موسمية بلغ 281 ألفاً في الأسبوع الماضي، وهو أقل مستوى منذ منتصف مارس (آذار) من العام الماضي.
خفض الإنفاق الاجتماعي بنسبة 50 في المئة
على صعيد تخفيض الإنفاق العام، ووفق وكالة "رويترز"، فإن بايدن أخفق في تحقيق هدفه الأساس بضمان إقرار خطة الإنفاق الاجتماعي بنسختها الأصلية في الكونغرس، ويعتقد كبار مساعدي الرئيس الأميركي أن الإطار الجديد للخطة يشكل صفقة جيدة لا يمكن للديمقراطيين أن يرفضوها.
وأعلن البيت الأبيض أن الخطة المعدلة تتضمن إنفاق 1750 مليار دولار على التعليم ودور الحضانة والطاقة النظيفة وغيرها من الخدمات الاجتماعية، ويشكل هذا المبلغ نصف القيمة الأصلية للخطة (3500 مليار دولار) التي كان بايدن والجناح اليساري في الحزب الديمقراطي يسعون إلى إقرارها.
وكانت الخلافات الدائرة بين الديمقراطيين منذ أسابيع حول تفاصيل الخطة وقيمتها تهدد بإسقاطها، وبنسف خطة أخرى يسعى من خلالها الرئيس الأميركي إلى الاستثمار بقيمة 1200 مليار دولار في البنى التحتية الأميركية المتداعية، لكن في الوقت الحالي، يبدو أن بايدن يمتلك ثقة كبيرة في موافقة الكونغرس على قبول الصفقة، إلا أن موعد إجراء التصويت يبقى بيد رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي.
ورداً على منتقدي خفض قيمة الخطة، قال مسؤول في البيت الأبيض، إنه على الرغم من اقتصار قيمته على 1750 مليار دولار، فإن إطار العمل الذي عرضه بايدن يرصد "استثمارات تاريخية في الولايات المتحدة". وأضاف، "أكبر استثمار تحولي على صعيد الأطفال والرعاية منذ أجيال، وأكبر جهد للتصدي للتغير المناخي في التاريخ، واقتطاع ضريبي تاريخي لعشرات الملايين من عائلات الطبقة الوسطى".
ضريبة الأثرياء تثير جدلاً واسعاً
ومن المتوقع أن تثير ضريبة الأثرياء كثيراً من الجدل، إذ تتضمن الخطة التي يدرسها مجلس الشيوخ أن يفرض ضرائب على المليارديرات على مكاسب قيمة أصول معينة كل عام، بدلاً من فرض ضريبة على المليارديرات في وقت البيع فقط، كما هو معمول به حالياً.
وتستهدف الخطة ما يقرب من 700 من الأثرياء الأميركيين الذين لديهم أصول تزيد على مليار دولار أو يبلغ دخلهم المعلن أكثر من 100 مليون دولار لمدة ثلاث سنوات متتالية، وحددت الخطة وجهين لفرض الضرائب، أولهما على الأصول القابلة للتداول، مثل الأسهم، حيث من المقرر أن يدفع المليارديرات ضريبة أرباح رأس مالية نسبتها 23.8 في المئة، على الزيادة في قيمة أسهمهم، في وقت سيحصلون على خصم عن الخسائر سنوياً، كما سيمكنهم ترحيل الخسائر لتعويض الدخل المستقبلي الخاضع للضريبة والأرباح الرأسمالية، وفي ظروف معينة، يمكن ترحيل الخسائر لمدة ثلاث سنوات.
وتم ابتكار نهج جديد للتعامل مع الأصول غير القابلة للتداول، مثل العقارات والفوائد، التي تشكل جزءاً كبيراً من صافي ثروة الأثرياء، ولكن يصعب تقييمها عاماً بعد عام، حيث لن يتم فرض ضرائب على هذه الأصول سنوياً. وبدلاً من ذلك، سيدفع المليارديرات ضريبة أرباح رأسمالية، بالإضافة إلى رسوم الفائدة، عندما يبيعون حيازاتهم. وسيكون المعدل هو السعر الفيدرالي المطبق على المدى القصير، بالإضافة إلى نقطة واحدة، الذي سيبلغ إجمالي 1.22 في المئة حالياً.
إيلون ماسك يتصدر قائمة منتقدي الضريبة
وانتقد الرئيس التنفيذي لشركة "تيسلا"، إيلون ماسك، الاقتراح من الديمقراطيين في الكونغرس رداً على اقتراح مستخدم آخر على "تويتر" بأن "أي ضرائب جديدة على أرباح رأس المال غير المحققة ستشق طريقها ببطء إلى استثمارات التقاعد من الطبقة الوسطى على مدى السنوات العديدة المقبلة".
وقال ماسك في رده، "بالضبط. في نهاية المطاف، نفدت أموالهم من الآخرين ثم يأتون من أجلك"، ويطلق لفظ الأرباح غير المحققة على الارتفاعات في أسعار الأسهم المملوكة للأشخاص، على الرغم من عدم بيعهم لها.
وعند سؤالها عن انتقاد ماسك الضريبة المقترحة، قالت السكرتيرة الصحافية للبيت الأبيض، جين باساكي، "ردنا على أي شخص يعارضه هو أننا نعتقد أن الأميركيين ذوي الدخل المرتفع يمكنهم دفع المزيد قليلاً من أجل القيام باستثمارات تاريخية في قوتنا العاملة، وفي اقتصادنا، وفي قدرتنا التنافسية. وهذا له فائدة صافية على الناس في جميع أنحاء البلاد".
وقال كبار الديمقراطيين في نهاية الأسبوع الماضي إن الضريبة السنوية الجديدة على الأرباح الرأسمالية غير المحققة للمليارديرات من المرجح أن يتم تضمينها في مشروع قانون الإنفاق الاجتماعي الهائل الذي يحاولون سنه، لكن الاقتراح قوبل ببعض الانتقادات من الديمقراطيين الآخرين، بما في ذلك رئيس لجنة الطرق والوسائل في مجلس النواب ريتشارد نيل، من ماساتشوستس، الذي قال إن تنفيذه سيكون صعباً.
ومن المحتمل أن تواجه ضريبة الملياردير تحدياً قانونياً، وفقاً لصحيفة "وول ستريت جورنال"، ومن المحتمل أن يجادل المحامون بأن فرض ضرائب على مكاسب رأس المال التي لم تتحقق بعد تقع خارج ضرائب الدخل، التي يسمح بها التعديل الـ16 لدستور الولايات المتحدة الذي لا يتعين تقسيمه على أساس عدد سكان الولاية.