الإثنين 16 أيلول 2024

على الرغم من توحيد سعر صرف الدولار في مصر... إستمرارغلاء المنتجات الأساسية بالأسواق

النهار الاخباريه وكالات
منذ أن أقدمت الحكومة المصرية على توحيد سعر الدولار بين الرسمي والسوق السوداء، لم تشهد الأسواق المصرية انخفاضات كبيرة في أسعار العديد من السلع والخدمات الرئيسية مثلما كان متوقعاً.
وفي جولة لـ"عربي بوست" داخل العديد من أسواق بيع السلع الغذائية وأسواق الأجهزة الكهربائية؛ فإن الأسعار مازالت مرتفعة كما قبل توحيد سعر الصرف.
وحسب ما ورد من تجار فإن أسباب استمرار ارتفاع الأسعار في مصر راجع للخدمات الحكومية، ومشكلات الشحن والتفريغ العالمية بسبب الاضطرابات في البحر الأحمر.
وتشهد مصر موجة غير مسبوقة من ارتفاعات أسعار جميع السلع والخدمات التي كان يربطها بعض التجار بأزمة شح الدولار وارتفاع أسعار الصرف بنسب غير منطقية في السوق السوداء.
تقول إيمان سمير، ربة منزل مشرفة على شراء أساسيات البيت، إن الأسعار مازالت مرتفعة مقارنة بما كانت عليه قبل عام واحد تقريباً، بل إن بعض السلع لم تنخفض أسعارها وأخرى شهدت ارتفاعاً.
وأكدت المتحدثة التي  التقيناها في أحد الأسواق الشعبية في منطقة عين شمس أنه ليس هناك أي تأثير لتراجع أسعار الدولار مقارنة بما كانت عليه في السوق السوداء قبل ثلاثة أشهر فقط.
وأضافت المتحدثة أن سعر الأرز بـ35 جنيهاً للكيلو، وهو نفس السعر قبل التعويم، أما سعر الدقيق المعبأ فسجل انخفاضاً بشكل طفيف، ووصل الآن إلى 28 جنيهاً للكيلو عوضاً عن 32 جنيهاً.
أما السكر، فوصفته المتحدثة بالانخفاض المخادع، إذ أصبح المنتج متوفراً لكنه وصل إلى 36 جنيهاً للكيلو، مقابل أن سعره قبل أزمة اختفائه منذ عدة أشهر كان لا يتجاوز 15 جنيهاً.
ولم تشهد المكرونة (المعجنات) أي انخفاض في أسعارها، فما زال سعرها 32 جنيهاً للكيلو، وهذه كلها سلع رئيسية لا يمكن الاستغناء عنها، ومع ذلك فإنها لم تنخفض كما وعدت الحكومة.
وأعلنت الحكومة المصرية أن أسعار الأعلاف ستنخفض بعد تحرير سعر الجنيه والسماح بدخول الشحنات المكدسة في الموانئ، الأمر الذي سيساهم في انخفاض أسعار المواد الغذائية.
لكن ذلك لم ينعكس على أسعار الدواجن التي شهدت انخفاضاً بسيطاً خلال الشهر الأول من التعويم الأخير، وعادت الآن لتقترب إلى ما كانت عليه قبل بداية شهر رمضان.
ووصل سعر الكيلو من الدواجن 105 جنيهات، وكذلك الوضع بالنسبة للحوم التي تصل أسعارها إلى 450 جنيهاً وظلت كما هي على الرغم من التعويم.
ويمكن تسجيل الانخفاض بالنسبة لأسعار البيض، إذ انخفض سعر الكرتونة من 160 إلى 125 جنيهاً، لكن ذلك لا يعد انخفاضاً مقارنة بما كانت عليه قبل عام مضى، إذ كان سعر الكرتونة لا يتجاوز 100 جنيه.
كما أن جميع السلع التي انخفضت لم تصل للمستويات التي كانت عليها قبل حدوث الفجوة بين السعر الرسمي والسوق السوداء للدولار حينما كان سعر الدولار 31 جنيهاً رسمياً.
فسعر زيت الخليط أصبح 60 جنيهاً رغم أنه كان لا يتجاوز 40 جنيهاً قبل عام، لكن سعره قبل شهرين كان يتجاوز 85 جنيهاً، وبالتالي فقد سجل انخفاضاً بنسبة 20%.
وكذلك الوضع بالنسبة للجبن والألبان التي انخفضت بمعدلات ضئيلة للغاية تكاد لا تذكر، وسط توقعات بارتفاع أسعارها مرة أخرى خلال الفترة المقبلة.
وكانت الحكومة المصرية تأمل أن تتسبب إجراءات توحيد أسعار صرف الدولار والقضاء على السوق الموازية للعملة وتوقيف المضاربين وتجار العملة، في انخفاض الأسعار.
لكن منذ القرار الأخير بخفض قيمة الجنيه مقابل الدولار والعملات الأجنبية والعربية، ورغم استقرار أسعار صرف الدولار عند مستوى 46 إلى 47 جنيهاً، لم تشهد أسواق التجزئة تراجعات كبيرة في الأسعار.
هذا الارتفاع في الأسعار دفع الحكومة المصرية إلى البحث عن السلع التي تقود معدلات التضخم إلى الارتفاع.
لم يختلف الوضع كثيراً في سوق السلع المعمرة الشهير في وسط القاهرة، وبحسب سامح عبد المحسن، صاحب أحد محال بيع الأجهزة الكهربائية فإن الأسعار لم تشهد انخفاضاً بشكل كبير.
وقال المتحدث إن الأجهزة الموجودة في المخازن أغلبها تم شراؤه في وقتٍ كان فيه دولار السوق السوداء بـ60 جنيهاً أو أكثر.
وأضاف المتحدث أن الانخفاض يتراوح ما بين 10% إلى 15%، ولا يمكن أن يكون أكثر من ذلك لأن الوضع يرتبط بمسارات صرف أخرى للتجار، بينها ارتفاع أسعار الخدمات والوقود، وزيادة رواتب العمالة في أعقاب تخفيض قيمة الجنيه.
وأوضح المتحدث أن سعر الثلاجة الـ14 قدماً، وهي الأكثر طلباً في السوق، انخفض من 27  إلى 23 ألف جنيه، لكن سعرها قبل أشهر عديدة لم يكن يتجاوز 15 ألف جنيه.
وكذلك الوضع بالنسبة للغسالة الأوتوماتيك التي وصل سعرها الآن إلى 9000 بدلاً من 10000 جنيه، ويصل سعر شاشة التليفزيون الـ43 بوصة إلى 9000 آلاف جنيه بدلاً من 11 ألف جنيه.
ولفت إلى أن أسعار أجهزة التكييف تشهد تبايناً في هذا التوقيت الذي يعد موسماً للشراء، وكان من المفترض أن تنخفض بشكل كبير لكن مع زيادة الطلب عليها فإنها لم تنخفض سوى بمعدلات لم تتجاوز 10%، وكذلك الوضع بالنسبة لباقي الأجهزة مثل المراوح والشفاطات والتي دائماً ما تشهد إقبالاً من الجمهور في فصل الصيف.
وأكد المتحدث أن المشكلة الكبرى تتمثل في حالة الركود التي تشهدها الأسواق، لأن الزبائن لديهم قناعة بأن الأسعار ستنخفض أكثر، وهناك وعود حكومية بأنها قد تتجاوز 30%، لكن هذا صعب على أرض الواقع والجميع يرفض الخسارة، وهناك من ينتظر حدوث تغيير في سعر الصرف قد يقود لارتفاع أسعار الأجهزة مجدداً.
وأشار المتحدث إلى أن الركود يجعل التجار يضعون في اعتبارهم حجم الخسائر التي يعانون منها في الوقت الحالي ويكون إقدامهم على خفض الأسعار بسيطاً، خاصة أن هناك مخاوف من صعوبات جديدة في توريد الأجهزة الكهربائية من الخارج بسبب اضطراب الأوضاع العالمية.
وتقلل المصادر من إمكانية انخفاض الأسعار على نحو أكبر خلال الفترة المقبلة، لكنها تستدرك "إن الأمل الوحيد يبقى في استمرار حالة الركود الحالية والتي يمكن وصفها بأنها مقاطعة غير منظمة، وفي حال طالت الفترة سيلجأ التجار لخفض الأسعار شريطة عدم تعرضهم لخسائر"