الأحد 24 تشرين الثاني 2024

توقعات بارتفاع قياسي بالطلب العالمي على الطاقة في 2022

النهار الاخبارية - وكالات 

فيما تهيمن السيارات الكهربائية على الشوارع، وتحاول الشركات الكبرى أن تكون أكثر لطفاً تجاه البيئة، وتتخذ الحكومات إجراءات عديدة في إطار مواجهة ظاهرة تغير المناخ، تشير التوقعات إلى أن العالم ربما يستهلك نفطاً أكثر خلال العام المقبل.

فقد انتعش الطلب العالمي على الطاقة بقوة هذا العام مع تخفيف القيود المفروضة في إطار الإجراءات التي أعلنتها الدول لمواجهة جائحة كورونا، ومن المتوقع أن يرتفع أكثر في عام 2022. حيث تتوقع وكالة الطاقة الدولية، أن الطلب العالمي على النفط سيرتفع بمقدار 3.3 مليون برميل يومياً العام المقبل إلى 99.5 مليون برميل يومياً. وسيطابق ذلك الرقم القياسي السابق للطلب في عام 2019، قبل انتشار الوباء.

ورجحت الوكالة، ألا يتأثر الطلب بظهور المتحورة "أوميكرون"، متوقعة أن يواصل الطلب العالمي ارتفاعه خلال العام المقبل.

طلب مستمر ومرتفع على الوقود

وفي تقرير سابق، أكدت وكالة الطاقة الدولية، أنه من المرجح أن يكون لتدابير الاحتواء الجديدة التي تم وضعها لوقف انتشار الفيروس تأثير أقل حدة على الاقتصاد، مقارنة مع موجات فيروس كورونا السابقة، لأسباب ليس أقلها حملات التطعيم الواسعة النطاق. وقالت الوكالة، التي تراقب اتجاهات سوق الطاقة لأغنى دول العالم، إنها تتوقع استمرار الطلب على وقود النقل البري والبتروكيماويات في تحقيق نمو صحي.

وفيما خفضت الوكالة الدولية توقعاتها لوقود الطائرات بسبب القيود المفروضة على السفر الدولي التي تفرضها الحكومات التي تحاول وقف انتشار "أوميكرون"، لكن منظمة البلدان المنتجة والمصدرة للنفط "أوبك"، لم تغير توقعاتها للطلب لعام 2022 في تقريرها الشهري لشهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي
وكتب محللو "أوبك" في التقرير، أنه "من المتوقع أن يكون تأثير متغير أوميكرون الجديد خفيفاً وقصير الأجل، حيث يصبح العالم مجهزاً بشكل أفضل لإدارة أزمة جائحة كورونا والتحديات المرتبطة به".

وتؤكد التوقعات مدى اعتماد العالم على الوقود الأحفوري، على الرغم من الجهود المبذولة لمعالجة أزمة المناخ والاستثمارات الضخمة في السيارات الكهربائية والطاقة المتجددة وأنواع الوقود الأنظف. وتتوقع "أوبك" أن يزداد الطلب على النفط حول العالم خلال العام المقبل بقيادة دول من بينها الصين والهند والولايات المتحدة.

وحتى لو كان العالم يستهلك النفط في عام 2022 أكثر من أي وقت مضى، فإن التحول الأخضر لا يزال جارياً. حيث تحاول بعض أكبر شركات النفط معرفة كيف تتناسب مع مستقبل أكثر اخضراراً.


كيف ستتحرك الأسعار في 2022؟

وقد شهد الطلب العالمي على النفط ارتفاعاً في 2021 مع بدء تعافي العالم من جائحة فيروس كورونا، ومع وقف الحكومات لعديد من الإجراءات الاحترازية التي تم إعلانها خلال العام الماضي ومن بينها الإغلاقات، فقد شهد الطلب ارتفاعاً كبيراً ما دفع إلى أزمة في سوق النفط وحروب أسعار. ووفقاً لبيانات حديثة  فقد سجل استهلاك البنزين ووقود الديزل قفزة هذا العام مع استئناف السفر وتحسن نشاط الأعمال.

على صعيد الأسعار، يقدر الباحثون في "بنك أوف أميركا"، أن متوسط أسعار مزيج برنت سيبلغ 85 دولاراً للبرميل في 2022، بسبب المستوى المنخفض للمخزونات ونقص القدرات الإنتاجية الاحتياطية. فيما كشف قسم أبحاث الطاقة في "غولدمان ساكس"، أنه "إذا كانت هذه موجة أخرى مثل الموجات التي شهدناها من قبل، فسيكون تأثيرها سلباً في النمو الاقتصادي في الربع الأول من 2022". وأضاف، "لكن إذا تلا ذلك انتعاش فإن الطلب على النفط، الذي لامس لفترة وجيزة مستوياته قبل كوفيد في أوائل نوفمبر (تشرين الثاني)، سيصل إلى مستويات قياسية جديدة في معظم 2022".

كان "جي بي مورغان تشيس"، قد حذر في مذكرة بحثية حديثة، من أن سعر خام "برنت" سيصل إلى 125 دولاراً للبرميل العام المقبل، و150 دولاراً في عام 2023 ، ويعود السبب في جزء كبير منه إلى أن "أوبك" ليس لديها القدر نفسه من القوة النارية للاستجابة للأسعار المرتفعة كما يفترض كثيرون.

وقال كريستيان مالك، رئيس أبحاث النفط والغاز في "جي بي مورغان" والمؤلف الرئيس للتقرير الجديد، "ليس لديهم البراميل الكافية من النفط لتغطية حجم الطلب والاستهلاك... إنه سراب... 150 دولاراً للنفط هو أكثر من ضعف سعر خام برنت اليوم البالغ حوالى 73.50 دولار... إذا ثبت أن هذه التوقعات دقيقة، فمن المحتمل أن تُترجم إلى ارتفاع أسعار الغاز الوطنية إلى أعلى من 5 دولارات للغالون، ما يؤدي بالتأكيد إلى تفاقم الضغوط التضخمية التي تضرب الاقتصاد الأميركي وتضغط على العائلات الأميركية".

وأوضح أن المشكلة المركزية هي أنه بينما تمتلك دول "أوبك" كثيراً من النفط في الأرض، إلا أنها لا تملك رأس المال والخدمات اللوجستية لتسليمه بسرعة.

لا توجد طاقة فائضة في الوقت الحالي

في الوقت نفسه، تقدر الطاقة الاحتياطية الحقيقية لمنظمة "أوبك"، وهو مقياس تتم مراقبته عن كثب ويقيس كمية البراميل التي يمكن إضافتها بسرعة إلى السوق، عند 2 مليون برميل يومياً خلال العام المقبل، وفقاً لتقديرات "جيه بي مورغان". وهذا أقل من نصف ما يفترضه كثيرون في "وول ستريت".

وأشار التقرير إلى أن الطاقة الاحتياطية لمنظمة "أوبك" تعادل نحو 4 في المئة فقط من إجمالي السعة، انخفاضاً من متوسط 14 في المئة بين عامي 1995 و 2020، وأقل بكثير من مستوى الطلب البالغ 10 في المئة. وعندما ينخفض هذا المخزن المؤقت بشكل غير عادي، يمكن أن ترتفع أسعار النفط ويطبق المستثمرون علاوة على الأسعار.

وكتب مؤلف التقرير، "انظر إلى التاريخ... عندما نكون في سيناريو يذهب فيه السوق إلى أعلى... ليس لدينا طاقة فائضة في الوقت الحالي... هذا هو المكان الذي ترى فيه تجاوزات... الخوف في هذه المواقف هو أن سوق النفط هو مجرد صدمة واحدة (حرب أو كارثة طبيعية أو اضطراب آخر في الإمدادات) بعيداً عن عدم القدرة على تلبية الطلب".

الأهم من ذلك، أن "جيه بي مورغان" لا يدعو إلى تداول النفط عند 125 دولاراً للبرميل طوال عام 2022. وبدلاً من ذلك، يتوقع البنك أن يبلغ متوسط سعر النفط الخام 88 دولاراً العام المقبل و "التجاوز" إلى 125 دولاراً في مرحلة ما. وبالمثل، يرى أن برنت يبلغ متوسطه 82 دولاراً في عام 2023، لكنه تجاوز الحد إلى 150 دولاراً. ومع ذلك، فإن توقيت المكالمة مثير للفضول إلى حد ما.