الأحد 24 تشرين الثاني 2024

التحالف المالي للمناخ يتعهد رصد استثمارات كبرى في الاقتصاد الأخضر


النهار الاخبارية - وكالات 

على الرغم من الوعود والتعهدات الكثيرة التي صدرت عن قمة المناخ الدولية "كوب 26" في غلاسكو باسكتلندا، فإن ما أعلن عنه من تحالف مالي من أجل الوصول إلى هدف "صفر انبعاثات" يعد أهم الإنجازات إذا تحقق. فالتعهدات بخفض انبعاثات غاز الميثان بنسبة 30 في المئة، وخفض الانبعاثات الكربونية حسب مستهدفات الأمم المتحدة في عامي 2030 و2050 ووقف معدل الزيادة في درجة حرارة الأرض كي لا يتجاوز 1.5 درجة مئوية ووقف القضاء على الغابات وغيرها من المساحات الخضراء، تظل في إطار الوعود من دون آليات إلزام بتنفيذها. أما التحالف المالي، الذي أعلن بين مؤسسات مالية تستحوذ على نسبة 40 في المئة من رأس المال في العالم، فيعني دخول القطاع الخاص العالمي بقوة في مشروعات التحول الاقتصادي لمكافحة المناخ.

ومع قرب نهاية قمة المناخ، أعلنت مجموعة كبيرة من صناديق الاستثمار والبنوك وشركات التأمين، تبلغ قيمة أصولها نحو 130 مليار دولار، عن تكوين "تحالف غلاسكو المالي من أجل صفر انبعاثات". وأعلن مبعوث المناخ في الأمم المتحدة مارك كارني، الذي لعب الدور الرئيس في تشكيل التحالف أنه سيستثمر 100 تريليون دولار على مدى العقود الثلاثة المقبلة، في مجال مكافحة التغير المناخي. وأضاف أن على القطاع المالي إيجاد سبل لتوفير رأس المال الخاص من أجل دفع جهود مكافحة التغير المناخي بأبعد مما يمكن للحكومات وحدها أن تتحمله.

ومارك كارني مصرفي أميركي، جاءت به الحكومة البريطانية قبل سنوات إلى منصب محافظ بنك إنجلترا (المركزي البريطاني). وبعدما ترك منصبه، استعانت به الأمم المتحدة كمبعوث للمناخ بهدف جلب القطاع المالي العالمي إلى مسار الجهود الدولية للحد من الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري.

أهمية القطاع المالي

وقال مارك كارني أمام قمة المناخ، إن "الأموال متوفرة، لكن رأس المال هذا يحتاج مشروعات تلتزم بصفر انبعاثات. حينئذ سنجد الطريقة لتحويل ذلك إلى دورة تفاعل إيجابية جداً. وهذا هو التحدي". ويعكس كلام كارني المشكلة التي طالما يشير إليها المستثمرون في العالم الذين يدركون حجم مخاطر الاستثمار المرتبطة بقضايا المناخ. ويرغب القطاع المالي الخاص في العالم بأن يتم التعامل معه في ما يخص المخاطر البيئية بطريقة تتسم بالشفافية والمعايير التفضيلية عالمياً.

ولا تقتصر التحديات على شفافية المحاسبة لرأس المال الخاص وتوفر المشروعات التي تعتمد صفر انبعاثات، بل أيضاً على مدى ونطاق التمويل الحكومي لمشاريع التحول الاقتصادي لمكافحة التغير المناخي – الاقتصاد الأخضر. وتبدو المؤسسات المالية العالمية في القطاع الخاص معنية بشكل واضح بكيفية تدبير الحكومات لتمويل مشروعات "الاقتصاد الأخضر".

وأعلنت الأمم المتحدة خلال "كوب 26"، أنها ستدعم آلية جديدة تستهدف توفير التمويل لمشاريع الطاقة النظيفة والبنية التحتية المستدامة في الدول الصاعدة والنامية.
وكانت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين أعلنت في القمة أن الولايات المتحدة تنضم إلى بريطانيا في دعم آلية سوق رأس المال الجديدة التي يطلقها صندوق استثمارات المناخ. وتستهدف الآلية الجديدة جذب استثمارات جديدة في مجال مكافحة التغير المناخي، وتوفر نصف مليار دولار سنوياً لصندوق الطاقة النظيفة التابع لصندوق استثمارات المناخ، وكذلك لبرنامج الاستثمار في تسريع التخلي عن استخدام الفحم في العالم.

تحديات الاستثمار المناخي

ويقود مارك كارني العمل على ضمان إفصاح المؤسسات المالية عن المخاطر المناخية المتعلقة باستثماراتها بشكل واضح خصوصاً في ما يتعلق بإقراضها للمشروعات الاستثمارية. وبالتالي سيكون على بقية قطاعات الاقتصاد الأخذ في الحسبان كلفة المخاطر البيئية، التي ما زالت لا يعمل لها حساب كبير حتى الآن.

ويطالب كبار المسؤولين الماليين في العالم بضرورة وضع معايير عالمية إلزامية للإفصاح عن المخاطر المناخية ويعتبرون ذلك ضرورياً الآن للحفاظ على الاستقرار المالي وتوفير التمويل المستدام. وكما قالت رئيسة صندوق النقد الدولي كريسالينا جورجيفا، فإنه أصبح من الضروري، تضمين البيانات المناخية في الإعلان عن بيانات وأرقام الاقتصاد الكلي باستمرار.

وأكدت وزيرة الخزانة الأميركية في كلمتها خلال القمة على الأهمية الاقتصادية لقضايا التغير المناخي. وقالت جانيت يلين، "السبب في وجودي هنا، هو أن التغير المناخي لم يعد قضية بيئية فحسب. كما أنه ليس قضية تتعلق بالطاقة فقط. بل إنه قضية اقتصادية تتعلق بالتنمية واستقرار الأسواق. ولن أكون في وضع أداء وظيفتي كما يجب إذا لم أتعامل معها بالجدية التي تستحقها".

ومع دخول القطاع المالي العالمي الخاص بقوة في مجال الاستثمارات في التحول العالمي نحو اقتصاد أخضر، يتوقع أن تنتعش قطاعات جديدة مرتبطة بالقطاع المالي مثل بورصات تداول كوبونات الانبعاثات عالمياً وبيع وشراء نقاط الكربون. كذلك، على الأرجح، سيشهد قطاع التمويل الأخضر المستدام والتمويل ذي المسؤولية البيئة انتعاشاً كبيراً في السنوات والعقود المقبلة.