النهار الاخبارية - وكالات
كشفت وزارة الخارجية الأمريكية، الجمعة 23 يونيو/حزيران 2023، عن احتضان واشنطن اجتماعاً لخبراء نوويين من الصين وفرنسا وروسيا وبريطانيا والولايات المتحدة، في وقت سابق من يونيو/حزيران.
وقالت الخارجية في بيان، إن الاجتماع عُقد يومي 13 و14 من الشهر الجاري، حسبما نقل موقع قناة "الحرة" الأمريكية، وقد "ناقش الحد من المخاطر الاستراتيجية والعقيدة النووية للدول".
يأتي هذا الاجتماع وسط تحذيرات عدة من مخاطر الحرب الروسية في أوكرانيا على الأمن النووي، ومستقبل الأوضاع بمحطة زابوريجيا النووية.
وفي فبراير/شباط 2023، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في خطاب مهم قبيل الذكرى السنوية الأولى للغزو الروسي لأوكرانيا، أن موسكو علقت مشاركتها في "معاهدة ستارت النووية الجديدة"، وهي الاتفاقية الوحيدة المتبقية للحد من التسلح النووي بين القوتين النوويتين روسيا وأمريكا.
معاهدة "ستارت"
تعتبر معاهدة ستارت الجديدة آخر اتفاقية قائمة من نوعها بين أكبر قوتين نوويتين في العالم بشأن الأسلحة، ووظيفتها الحد من عدد الرؤوس الحربية النووية التي يمكن لكل جانبٍ نشرها، كما أن لها أهمية رمزية وعملية كبيرة.
ومعاهدة "ستارت الجديدة" أو "ستارت-3″، هي معاهدة تم توقيعها في العام 2010 بين الرئيسين الأمريكي باراك أوباما والروسي ديمتري ميدفيديف في العاصمة التشيكية براغ.
والهدف منها كان تحديد عدد الرؤوس النووية بـ1550 رأساً نووياً، خلال فترة 7 سنوات، ابتداء من دخول الاتفاقية حيز التنفيذ.
كما تُحدد الاتفاقية 700 وحدة من منصات إطلاق الصواريخ المنشورة ميدانياً، سواء من المنصات البرية أو الغواصات أو القاذفات المعدة للتسليح النووي كسقف نهائي لكل دولة.
وتم تحديد 10 سنوات كمدة لتنفيذ المعاهدة، على أن يحق للطرفين الاتفاق مجدداً لتمديدها مدة 5 سنوات إضافية. وفي فبراير/شباط 2021، وقبل يومين فقط من انتهاء صلاحيتها، تم تمديد الاتفاقية لمدة 5 سنوات أخرى.
يقول تقرير لمجلة Economist البريطانية، إن الإبقاء على معاهدة ستارت الجديدة كان أولوية في السياسة الخارجية للرئيس الأمريكي جو بايدن، وحصل على دعم بوتين للتمديد بعد ستة أيام فقط من توليه منصبه، كان ذلك على النقيض من الإدارة السابقة، حيث لم يُبدِ دونالد ترامب سوى قليل من الاهتمام في فكرة الحد من الأسلحة النووية.
وهذا يعني أنه لمدة خمس سنوات أخرى سيتم وضع حد أقصى للرؤوس الحربية النووية الاستراتيجية القابلة للنشر عند 1550 على كلا الجانبين، مع مزيد من القيود على "قاذفات" الصواريخ الباليستية الأرضية، والصواريخ الباليستية التي تُطلق من الغواصات والقاذفات الثقيلة.
ورغم أنها لا تزال تترك للطرفين قوة نيران كافية لتدمير الحياة المتحضرة على الأرض، فإن المعاهدة مع ذلك تمثل انخفاضاً بنسبة 75% في الرؤوس الحربية منذ نهاية الحرب الباردة، كما تقول المجلة البريطانية.
ربما تكون إجراءات التحقق والشفافية التي تدعم معاهدة "ستارت 3" أكثر أهمية من الأرقام، حيث يتطلب ذلك من كلا الجانبين السماح بما لا يقل عن 18 عملية تفتيش في الموقع كل عام، وتبادل مجموعة واسعة من البيانات الفنية، وكذلك أحكاماً لمنع إدخال أنظمة جديدة يمكن أن تقوض مبادئ المعاهدة.
وتم إجراء نحو 328 عملية تفتيش في المواقع النووية بين عام 2011 وأوائل عام 2020، عندما تم تعليقها خلال جائحة كوفيد-19. حتى عندما كانت العلاقات بين الطرفين متوترة، استمر مفتشو الأسلحة بهدوء وجدية في عملهم المتمثل في جعل العالم مكاناً أكثر أماناً إلى حد ما.
وعندما تم تمديد المعاهدة في عام 2021، أعرب الروس عن رضاهم. وأكدت وزارة الخارجية الروسية أهمية الحفاظ على الاستقرار الاستراتيجي، قائلة: "بالنظر إلى المسؤوليات الخاصة التي تتحملها روسيا والولايات المتحدة باعتبارهما أكبر دولتين نوويتين في العالم، فإن قرار التمديد يضمن مستوى ضرورياً من القدرة على التنبؤ والشفافية، مع الحفاظ بشكل صارم على توازن الاهتمامات".
بينما قالت وزارة الخارجية الأمريكية إنها ستُواصل الالتزام بقيود المعاهدة، فإن تعليق المعاهدة قد يعني أنه سيكون من الصعب على الولايات المتحدة مراقبة الامتثال الروسي.
وعلقت روسيا بالفعل عمليات التفتيش المتبادلة على مواقع الأسلحة النووية، والمشاركة في لجنة استشارية ثنائية. ويقول الخبراء لصحيفة الغارديان البريطانية، إنها ستكون ضربة خطيرة إذا ذهب بوتين إلى أبعد من ذلك، وأوقف التقارير الروتينية وتبادل البيانات حول تحركات الأسلحة النووية والتطورات الأخرى ذات الصلة.
من جهته، قال جون إراث، كبير مديري السياسات بمركز الحد من التسلح وعدم الانتشار، في مقابلة مع صحيفة واشنطن بوست، الثلاثاء 21 فبراير/شباط، إن هذه الخطوة "رمزية بالكامل".
ويعتقد إراث أن بوتين أصدر هذا الإعلان للضغط على بايدن للتواصل مع روسيا بشأن إنهاء الحرب، وأضاف: "حتى تتمكن روسيا من إملاء الشروط التي بموجبها سيحدث ذلك"، حسب تعبيره.
فيما قال أندري باكليتسكي، الباحث البارز في برنامج أسلحة الدمار الشامل والأسلحة الاستراتيجية الأخرى بمعهد الأمم المتحدة لبحوث نزع السلاح، لصحيفة الغارديان: "إن تعليق المعاهدة لا يعني الانسحاب الكامل، ولكن في الواقع يمكن أن يصبح قريباً كذلك بمرور الوقت".