السبت 23 تشرين الثاني 2024

هل يتجراء الإحتلال ويقصف المنشآت النووية في إيران كما فعلها في العراق؟


النهار الاخباريه وكالات
بعد بدء العدوان على غزة، بدأت تداعيات المشهد الجيوسياسي في الشرق الأوسط تصبح أكثر تعقيداً، وبدأت تأخذ التوترات بين إسرائيل وإيران حداً تصاعدياً سريعاً. إذ أدى اغتيال قيادات من الحرس الثوري في سوريا، ومن ثم الرد الإيراني المباشر على الاحتلال الإسرائيلي، إلى ظهور التوقعات التي تشير إلى توسع الحرب لتشمل باقي الإقليم، حيث كان الرد الإيراني والذي شمل مئات الطائرات بدون طيار وعشرات الصواريخ، تصعيداً غير مسبوق في الصراع المستمر بين الدولتين.
بعد ذلك بأيام، أفادت وسائل إعلام إيرانية، الجمعة، بسماع دوي انفجارات في مدينة أصفهان، وسط إيران، فيما قال مسؤولون أمريكيون وإسرائيليون إن الحديث يجري عن ضربة إسرائيلية ضد أهداف إيرانية.
ورغم أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أكدت عدم وقوع أي ضرر في المواقع النووية الإيرانية في الهجوم الذي شنته إسرائيل على إيران، ما زالت تلوح بعض التحليلات في الأفق والتي تتكهن باحتمالية توجيه ضربة إسرائيلية إلى المواقع النووية الإيرانية.
لطالما توعدت إسرائيل بالقضاء على المشروع النووي الإيراني وفق عدة سيناريوهات لكنها لم تفعل، في حين أنها في السابع من يونيو/حزيران عام 1981، عن طريق ثماني طائرات إسرائيلية من طراز f16 قصفت مفاعل تموز، أو "أوزيراك" العراقي، بعد أن رأى رئيس الوزراء الاحتلال الإسرائيلي آنذاك مناحم بيغن أنه كان على وشك أن يصبح تهديداً للاحتلال.
ورغم أن بنيامين نتنياهو رئيس وزراء الاحتلال الحالي، بنيامين نتنياهو نفسه لوح أكثر من مرة بإمكانية اللجوء لعملية عسكرية جوية تستهدف المنشآت النووية الإيرانية كما فعل سلفه بيغن، إلا أنه لم يفعل، فإيران اليوم لا تشبه عراق الأمس، والشرق الأوسط اليوم لم يعد شرق أوسط الأمس حتى ولو زاد عدد حلفاء إسرائيل في المنطقة.
بالإضافة لذلك، يقف العالم كله اليوم على حافة الهاوية، ويراقب الجميع عن كثب أعمال إسرائيل. أي ضربة عسكرية للمنشآت النووية الإيرانية ربما ستدعو إلى التدقيق والإدانة، فجميع الدول ورغم هذا التوازن الهش في النظام الدولي تخشى زعزعته، فربما خطوة غير محسوبة تشعل فتيل حرب عالمية ثالثة.
فهجوم على المواقع النووية الإيرانية قد يؤدي إلى سلسلة من ردود الفعل. إذ تمتلك إيران قدرات عسكرية هائلة بما في ذلك الصواريخ الباليستية وقدرات الحرب السيبرانية والوكلاء الإقليميين. مما سيجعل الضربة موجعة للاحتلال وسيجلب الغرب لحمايتها؛ مما قد يؤدي إلى إحداث حرب لا يدرك أحد مدى تأثيرها على الاستقرار العالمي.

بالإضافة لذلك، القضاء على المشروع النووي الإيراني بشكل كامل أمر غير مرجح، فمنشآت إيران المتناثرة والمحصنة، إلى جانب تصميمها، تجعلها قادرة على الصمود. فبينما قد تؤخر الضربة تقدمه، لكنها لن تمحو المعرفة أو البنية التحتية أو الخبرة العلمية. فضلاً عن ذلك فإن مثل هذا الهجوم قد يؤدي إلى حشد الدعم الداخلي لطموحات إيران النووية، وتحويلها إلى مسألة فخر وطني. وقد لوَّحت طهران بالفعل على لسان مسؤول حماية المنشآت النووية الإيرانية بإعادة النظر في عقيدتها وسياستها النووية، إذا تعرضت تلك المنشآت لهجمات من الاحتلال الإسرائيلي.
بينما تتفاقم الانقسامات داخل حكومة الاحتلال المتطرفة وقيادته المتناحرة. فبينما يرى البعض أن الهجوم على أصفهان بسيط، يدرك آخرون خطورته على الاحتلال قبل المنطقة. هذا الخلاف يؤكد المخاطر والتكهنات بخصوص احتمالية توسع الحرب في الإقليم. فاستمرار فشل قوات الاحتلال في إحراز أي تقدم في أي جبهة، بالإضافة إلى دمار أسطورة الاحتلال الأمنية والعسكرية، يدفع قادة الاحتلال المصابين بالهستيريا -وخصوصاً نتنياهو – إلى الضغط للهروب للأمام وافتعال حرب إقليمية، لا تعرف عواقبها على الاحتلال نفسه.