تهم معلقون في تل أبيب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالمسؤولية عن تفجير الأوضاع في القدس المحتلة خدمة لمصالحه السياسية الشخصية.
واعتبر إلداد ينيف، مستشار رئيس الوزراء السابق إيهود باراك، أن نتنياهو من خلال التصعيد في القدس، وتحديداً ضد المسجد الأقصى، يحاول "تخريب" الجهود الهادفة إلى تشكيل حكومة "التغيير وهو مستعد في سبيل ذلك لإشعال الدولة".
وفي تغريدة على حسابه على "تويتر"، أوضح ينيف أن الشرطة التي تخضع لتعليمات وزير الأمن الداخلي الليكودي المقرب من نتنياهو أمير أوحانا "أشعلت حريقاً في المسجد الأقصى بعد أن أشعل بن غفير (زعيم الحركة الكهانية) حي الشيخ جراح".
وحذر ينيف من أن ذروة الانفجار الذي يخطط له نتنياهو ستتم غداً الأحد عبر السماح لغلاة المتطرفين من أتباع الحركة الكهانية بتنظيم "مسيرة الأعلام" في البلدة القديمة من القدس المحتلة، داعياً معسكر "التغيير" إلى الإسراع في تشكيل الحكومة قبل أن يحقق نتنياهو مبتغاه.
واتفق المعلق أمير أورن مع ينيف على أن مصلحة نتنياهو تقتضي أن تشتعل القدس حتى يتكرس واقع إسرائيلي داخلي يقلص من قدرة منافسه يئير لبيد على تشكيل حكومة بعد أن كلفه الرئيس بهذه المهمة قبل ثلاثة أيام.
وفي سلسلة تغريدات كتبها على حسابه على "تويتر"، دعا أورن قادة المعسكر المعارض لنتنياهو، والذي يطلق على نفسه "معسكر التغيير" إلى إصدار بيان واضح يدعو إلى التهدئة، محذراً من خطورة الوقوع في "الشرك" الذي نصبه لهم نتنياهو، الذي احتضن زعيم الحركة الكهانية إيتمار بن غفير، المعني بإشعال الأوضاع في القدس.
وحث أورن حزب العمل وحركة "ميريتس" على المطالبة بالحصول على وزارة الأمن الداخلي حتى يقلصا دور الشرطة في إشعال الأوضاع، مطالباً بإعادة النظر في أوامر إطلاق النار المعمول بها حالياً.
أما شموئيل مئير، رجل الاستخبارات الإسرائيلي السابق فرأى أن عدم تحرك نتنياهو لمنع استفزازات المستوطنين اليهود المنظمة في القدس أسهمت في إشعال الأوضاع.
وفي تغريدة على حسابه على "تويتر"، اعتبر مئير إقدام شرطة الاحتلال على اقتحام المصليات في قلب المسجد الأقصى الليلة الماضية تحولا خطيرا، مشدداً على أن التداعيات التي يمكن أن تسفر عن هذا الاقتحام يجب أن تشعر رئيس هيئة أركان الجيش أفيف كوخافي ورئيس جهاز المخابرات الداخلية نداف أرغمان بالقلق، على اعتبار أنها يمكن أن تفضي إلى مواجهة تخرج عن السيطرة.
ورأت كسينيا سفيتولوفا، العضو السابق في لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست، أن الأحداث في القدس دليل على أن القضية الفلسطينية مازالت حية.
وكتبت على حسابها على "تويتر" أنه من غير الحكمة ربط المواجهات في القدس بالأسباب المباشرة التي أدت إلى انفجارها، مشددة على أن بقاء الصراع مع الشعب الفلسطيني بلا حل سيظل دائماً السبب الذي يقود إلى مثل هذه المواجهات.
وحذرت سفيتولوفا، التي تعمل حالياً باحثة في "معهد دراسة السياسة الخارجية والإقليمية لإسرائيل" (ميتيفيم)، من ميل إسرائيل لتجاهل الصراع، محذرة من أن المواجهات في القدس ومظاهر ضعف السلطة الفلسطينية يجب أن تدفع إسرائيل لمغادرة حالة اللامبالاة إزاء القضية الفلسطينية.
من ناحيته، رأى ألون بن دافيد، المعلق العسكري في قناة "13" الإسرائيلية أن المواجهات في القدس المحتلة تدل على أن القضية الفلسطينية مازالت حية.
وفي تحليل نشرته صحيفة "معاريف"، أشار بن دافيد إلى أنه في أعقاب الهدوء الذي فرضه تفشي وباء كورونا عادت القضية الفلسطينية لتؤكد أنها "لم تغادر إلى أي مكان"، مشدداً على أن المؤسسة العسكرية الإسرائيلية تنظر بحساسية بالغة إلى التطورات التي يمكن أن تحدث خلال الأيام العشرة المقبلة.
وفي سياق متصل، قال طال لفرام، معلق الشؤون العسكرية في صحيفة "معاريف"، إن مواجهة شاملة بين حركة "حماس" وإسرائيل يمكن أن تندلع في أعقاب أحداث القدس.
وفي تحليل نشرته الصحيفة، لفت لفرام إلى أن البيان الذي أصدره قائد الذراع العسكري لحركة "حماس" محمد الضيف والذي هدد فيه إسرائيل في حال أقدمت على طرد الفلسطينيين من حي الشيخ جراح، أعاد للأذهان الظروف التي سبقت الحرب التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة في صيف 2014.
وعلى الرغم من تحميل معلقين كبار نتنياهو المسؤولية عن تفجر الأوضاع في القدس، إلا أن زعيم المعارضة يئير لبيد والمكلف بتشكيل الحكومة قد غرد داعماً إجراءات شرطة الاحتلال القمعية ضد الفلسطينيين في القدس.