بعد أن شغل منصب رئيس الوزراء أكثر من 10 أعوام، يتجه بنيامين نتانياهو الذي ظل فترة طويلة وجهاً مألوفاً في إسرائيل، إلى هامش المشهد السياسي.
ولكن، حتى في الوقت الذي يخوض فيه معركة قضائية في مواجهة تهم الفساد، فإن نتانياهو بصفته زعيماً للمعارضة سيكون مستعداً للهجوم على ائتلاف حاكم جديد من أحزاب يمينية، ووسطية، وعربية لا يجمعها مشترك، سوى الرغبة في الإطاحة به.
وفي مؤشر على ما ستحمله الأيام المقبلة، ظهر نتانياهو، 71 عاماً، عابساً على شاشة التلفزيون ليحذر من تشكيل "حكومة خطيرة من الجناح اليساري"، ووصف بغضب المشهد بـ "احتيال القرن" بعد أن انقلب عليه رفيقه اليميني نفتالي بينيت، يوم الأحد، واختار التحالف مع زعيم المعارضة المنتمي للوسط يائير لابيد، رغم من وعده علناً بأنه لن يقدم على هذه الخطوة.
وبموجب اتفاق لتقاسم السلطة أعقب انتخابات 23 مارس(آذار) الماضي، الرابعة في إسرائيل في عامين، سيصبح بينيت، وزير الدفاع السابق والمليونير في مجال التكنولوجيا الفائقة، رئيساً للوزراء، وبعد عامين سيسلم المنصب إلى لابيد الذي تولى مرة وزارة المالية، في حكومة نتانياهو.
وقد تؤدي التركيبة المتنوعة لتحالف لابيد بينيت إلى وضع غير مستقر، في بلد تمزقه الانقسامات السياسية، إلى درجة أن تكرار انتخابات بات أمراً طبيعياً فيه، ما يعني أن لا أحداً في إسرائيل يستبعد عودة نتانياهو إلى الحياة السياسية.
وأعادت تصريحاته إلى الأذهان أصداء اللغة التي كان يتحدث بها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب أقرب حلفائه على الصعيد الدول،ي والذي أطيح به كذلك من منصبه، لكنه لا يزال يحظى بولاء مؤيديه.
وبالنسبة للناخبين الموالين لنتانياهو فإنه يظل زعيماً صاحب موقف قوي فيما يتعلق بالأمن، ودرعاً في مواجهة الضغط، حتى من الرئيس الأمريكي جو بايدن، لأي خطوات جريئة قد تؤدي إلى دولة فلسطينية.
ومن مقاعد المعارضة، يمكنه أن يواصل ترديد رسالة مفادها أن الائتلاف الجديد سيكبله اليساريون إذا دعت الضرورة لاتخاذ خطوات عسكرية ضد أعداء إسرائيل.
ولخطف الأضواء، بينما كان لابيد يجري مفاوضات مكثفة على تغيير الحكومة، اختار نتانياهو على ما يبدو التشاحن مع بايدن يوم الثلاثاء حول كيفية التعامل مع البرنامج النووي الإيراني، ولمح مجدداً إلى احتمال هجوم إسرائيلي.
وقال نتانياهو في كلمة: "إذا كان علينا الاختيار، وآمل ألا يحدث ذلك، بين الاحتكاك بصديقتنا الكبرى الولايات المتحدة والقضاء على التهديد الوجودي، فإن القضاء على التهديد الوجودي، يفوز".
الوقت الضائع
وكانت السنوات القليلة الماضية صعبة على نتنياهو ولم تكن قيادته المتميزة لحملة التطعيم ضد كورونا، كافية للحيلولة دون تراجع أسهمه السياسية.
وتزايد إحساسه باللعب في الوقت الضائع بعد 12 عاماً في المنصب، بسبب اتهامات جنائية بتقديم خدمات لأباطرة وسائل الإعلام، والحصول على هدايا باهظة من السيغار والشمبانيا بشكل غير قانوني، وينفي نتانياهو أي مخالفات وقال، دون دليل، إنه ضحية مؤامرة دولة عميقة، ضده.
ونتانياهو المعروف شعبياً بلقب طفولته "بيبي" ابن مؤرخ، والتحق بالمدرسة الثانوية والجامعة في الولايات المتحد،ة حيث كان والده يعمل أستاذاً، وكان صوته الجهوري مسموعاً على المسرح العالمي منذ أن شغل منصب سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة بين 1984 و 1988.
ودخل معترك السياسة في إسرائيل نائباً عن حزب ليكود وأصبح زعيماً للحزب في 1993 وظل مهيمناً على المسرح السياسي الإسرائيلي عشرات السنين.
ويمثل تشكيل الحكومة الجديدة هزيمة نادرة لنتانياهو، وكانت آخر مرة اضطر فيها هو وزوجته سارة، إلى حزم أمتعتهما والخروج من مقر إقامة رئيس الوزراء، قبل مطلع الألفية.