مهزلة أردوغان الحقوقية... هل ينخدع بايدن بها؟
حض مدير برنامج تركيا في "مؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات" الدكتور أيكان إردمير الإدارة الأمريكية على إقران القول بالفعل حين تتحدث عن انتهاكات أنقرة لحقوق الإنسان.
فيما كان أردوغان يعلن عن أجندته الحقوقية، انشغلت حكومته بحرمان 21 مشرعاً موالين للأكراد من حصانتهم البرلمانيةمؤخراً، وقع 170 نائباً أمريكياً من كلا الحزبين رسالة تحث وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن على معالجة "انتهاكات حقوق الإنسان التي تحدث في عهد الرئيس (التركي) رجب طيب أردوغان". وفي فبراير (شباط) الماضي، دعا 54 عضواً في مجلس الشيوخ الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى مواجهة أردوغان بسبب تراجع الديموقراطية وازدياد السلوك العدواني لتركيا.
بيادق سياسية
تسلط هاتان الدعوتان الضوء على دعم الحزبين والمجلسين التشريعيين في واشنطن لتحركات أمريكية أقسى ضد الحكومة التسلطية في تركيا. وأعقبت هاتان الدعوتان مبادرات سابقة أطلقها الحزبان من أجل محاسبة أردوغان بسبب مسؤوليته عن موقف أنقرة العدواني وخطاباتها التمردية.
في 2018، وجه 66 عضواً في مجلس الشيوخ و154 نائباً رسائل إلى أردوغان متهمين أنقرة باحتجاز مواطنين أمريكيين وموظفين أتراك في القنصليات الأمريكية بطريقة غير عادلة كـ "بيادق سياسية". رسالة مجلس النواب التي أرسلها الإثنين الماضي تحث بلينكن على إعطاء الأولوية لقضية موظفي القنصلية الأمريكية الثلاثة المستهدفين بـ "تهم جنائية مريبة".
الخارجية تتحرك.. بوزيرها وفريقها
أعرب بلينكن عن نيته محاسبة أردوغان. خلال جلسة المصادقة على تعيينه، أشار بلينكن إلى تركيا بكونها "ما يسمى بشريكنا الاستراتيجي" وانتقدها لأنها تصطف "إلى جانب واحد من أكبر منافسينا الاستراتيجيين" بسبب شرائها منظومة أس-400 الروسية. وكرر بلينكن مخاوفه بسبب هذه الصفقة عبر اتصال بنظيره التركي مولود جاويش أوغلو في 15 فبراير مطالباً إياه بعدم الاحتفاظ بالمنظومة الروسية. واستغل بلينكن الفرصة للتشديد على "أهمية المؤسسات الديموقراطية، الحوكمة الشاملة، واحترام حقوق الإنسان".
لقد اتبع فريق وزارة الخارجية خطوات بلينكن. في الثالث من فبراير، شجب الناطق باسم الوزارة نيد برايس خطابات وزير الداخلية التركي سليمان صويلو المناهضة لمجتمع الميم. وفي اليوم التالي، رفضت الوزارة اتهامات صويلو للولايات المتحدة بوقوفها خلف محاولة الانقلاب في تركيا سنة 2016. ووصفت الوزارة ادعاءات الوزير التركي بأنها غير مسؤولة وتفتقر للأساس، وبأنها "غير متناسقة مع وضع تركيا كحليف ضمن حلف شمال الأطلسي وكشريك للولايات المتحدة". وفي العاشر من فبراير، دعت وزارة الخارجية الأمريكية أنقرة إلى "الإفراج فوراً" عن عثمان كوالا، صاحب الأعمال الخيرية في تركيا، وإلى حل الاتهامات التي "لا أساس لها" ضد المسؤول السابق في وزارة الخارجية هنري باركي "بطريقة عادلة، شفافة وسريعة".
تغيير إيجابي وقلق
أضاف إردمير أن ضغط إدارة بايدن على أردوغان يمثل تغييراً إيجابياً. خلال تولي الإدارة السابقة مهامها، ساعدت العلاقة المحيرة التي جمعت ترامب بأردوغان في حماية الأخير من الانتقادات، لا سيما في مجال انتهاكات أنقرة لحقوق الإنسان. يبدو أردوغان قلقاً اليوم من تنامي شعور أعضاء الكونغرس المناهض لسجله في الانتهاكات الحقوقية. فبعد يوم واحد على نشر رسالة مجلس النواب، كشف أردوغان عن خطة العمل لتحسين ملف حقوق الإنسان في تركيا ووعد بإطلاق 393 مبادرة إصلاحية.
مهزلة أردوغان
يحذر إردمير الإدارة من أن تنخدع بمهزلة الرئيس التركي. ففيما كان أردوغان يعلن عن أجندته الحقوقية، انشغلت حكومته بحرمان 21 مشرعاً موالين للأكراد من حصانتهم البرلمانية. وخلال الشهر الماضي، سرعت محكمة الاستئناف العليا في تركيا حكم سجن عمر فاروق جيرجيرلي أوغلو، وهو نائب معارض ومدافع بارز عن حقوق الإنسان، بسبب إعادة نشر خبر على تويتر، منذ ما يقارب خمس سنوات. وفي ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وصف وزير الداخلية التركي جرجيرلي أوغلو بأنه "إرهابي" لمجرد كشفه أخطاء في عمل الشرطة التركية.
التقرير الأخير يؤكد
طالب إردمير الإدارة الأمريكية باتخاذ خطوات ملموسة لدعم انتقادها نظام أردوغان. ونشرت منظمة فريدوم هاوس تقريراً في فبراير الماضي يظهر أن أنقرة هي أكبر مرتكب لترحيل المطلوبين إلى دول لا تحترم حقوق الإنسان خلال التعامل مع المشتبه بهم، وهي أكبر ممارس للقمع العابر للحدود حول العالم. وحث إردمير إدارة بايدن على تقييد تأشيرات الدخول مع فرض عقوبات ماغنيتسكي العالمية على أفظع منتهكي حقوق الإنسان في تركيا، أكانوا داخلها أم خارجها.
جوج عيسى