الخميس 10 تشرين الأول 2024

من هي المراه الحديديه التى اننقذت اقتصاد روسيا بعد العملية العسكرية في أوكرانيا؟


النهار الاخباريه  وكالات

بعد نحو شهرين من العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا لحماية دوناس، اكتشف العالم امرأة حديدية تقود العملية بنجاح باهر، ولقبت بأغلى امرأة في تاريخ روسيا، ومنحها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين صلاحيات كاملة.
إنها إلفيرا نابيولينا أو "سيدة المركزي” التي كلفها بوتين بمواجهة العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي وأمريكا، والتي توصف بأنها "الأقسى” في تاريخ العقوبات الغربية، وبالفعل كانت نابيولينا على قدر المسؤولية.
وخلال العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا، تشابكت الأعمال العسكرية فيها مع العناصر الاقتصادية، وأنتجت معادلة صعبة.
لكنها أظهرت للعالم شخصية مالية واجهت العقوبات الغربية بكل ذكاء وشراسة، حيث قادت الورقة الرابحة "أمر التسوية بالروبل”، الذي نجح في منع انهيار النظام المالي الروسي، والذي تسبب في انتعاشه بشكل حاد إلى مستويات ما قبل العملية العسكرية.
وسلطت تقارير عالمية على الدور البارز لرئيسة البنك المركزي الروسي إلفيرا نابيولينا في انقاذ اقتصاد روسيا بعد العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا لحماية دوناس، وفرض الغرب بقيادة الولايات المتحدة

عقوبات كبيرة على موسكو.
وقالت تلك التقارير، إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يستمع إلى نابيولينا دوماً وحاضرةً في كل اجتماعاته، وتيسير بموكب مهيب، نجحت بهز عرش الدولار الأمريكي، وإنقاذ عملة بلادها "الروبل”.
وأضافت، أن نابيولينا حولت العقوبات الغربية المفروضة على روسيا إلى ثمن يدفع بيد من فرضها، من خلال تثبيت قيمة الروبل وخفض التضخم انطلاقاً من عام 2014 عقب ضم موسكو لشبه جزيرة القرم.
ووصفت نابيولينا بمنقذة روسيا فهي صاحبة فكرة دفع الغرب لثمن مشتريات النفط الغاز الروسي بالروبل بدلاً من اليورو والدولار.
وتابعت” أن نابيولينا قيدت بيع الروبل بالذهب فقط مما دعم موجودات المعدن الأصفر في البنك المركزي الروسي بعد تجميد أموال وأصول موسكو في الخارج”.

ما دور إلفيرا نابيولينا في العملية العسكرية!

إلفيرا نابيولينا، وبصفتها مؤيدا قويا للرئيس فلاديمير بوتين، تولت منصب محافظ البنك المركزي الروسي لأول مرة في عام 2013.
قادت موسكو لعبور العديد من الأزمات الاقتصادية بأمان، وساهمت في وضع الأساس لسمعة النظام الاقتصادي والمالي الروسي.
موسكو فوجئت بحجم العقوبات، لكن أيضا فاجأت الغرب بتأكيد أحقية الشركات الروسية بتسديد مديونياتها لجهات مالية غربية بالعملة المحلية، وليس بالدولار، مما يعني أن الدول والشركات الغربية سوف تتضرر من جراء انخفاض قيمة الروبل أكثر بسبب العقوبات، اذ سمح هذا الإجراء بتقليل السحب من احتياطيات روسيا من العملات الأجنبية.

قرارات إلفيرا نابيولينا.. تفوق لافت

قرارات إلفيرا نابيولينا في هذا الأزمة ونجاحها في إنقاذ الاقتصاد الروسي لم تكن وليدة اللحظة.

ففي عام 2014، واجهت روسيا انخفاضا حادا في الروبل بسبب العقوبات الغربية على قضية شبه جزيرة القرم، إلى جانب انخفاض حاد في أسعار النفط العالمية، مما أغرق الاقتصاد الروسي في أزمة.
في العامين التاليين، شجعت نابيولينا على إنشاء نظام سعر الصرف العائم في روسيا، الذي خفّف الضغط على احتياطيات النقد الأجنبي لروسيا، وخفّض معدل التضخم إلى أدنى مستوى بعد تفكك الاتحاد السوفيتي، وعزز انتعاش الاقتصاد الروسي.
خلال الفترة بين 2013 و2017، أغلقت نابيولينا نحو 300 مؤسسة مالية، إلا أن غالبية هذه المؤسسات جرى دمجها لاحقاً تحت مسميات أخرى، بداعي فشلها.
اعتبرتها مجلة "ذا بانكر” البريطانية عام 2017 أفضل محافظة بنك مركزي في أوروبا، ودعاها صندوق النقد الدولي لإلقاء واحدة من أهم محاضراته السنوية عام 2018.
كذلك اختارتها مجلة "فوربس” ضمن قائمة أقوى 100 امرأة في العالم.

نظام سويفت.. اختبار كبير

بعد طرد العديد من البنوك الروسية من نظام "سويفت”، وفرض عقوبات على البنك المركزي الروسي أيضا من قبل أمريكا، وتجميد الأصول الموجودة في الخارج، ما دفع الروس إلى البنك، محاولين إخراج أموالهم قبل أن ينخفض الروبل أكثر.
ردا على هذا الموقف، بدأت نابيولينا في حل المشكلة "بشكل جذري”، وسرعان ما رفعت سعر الفائدة القياسي للبنك المركزي من 9.5 % إلى 20%، على أمل ثَني الناس عن سحب الأموال من البنك.
بعد ذلك، أعلن البنك المركزي الروسي عن الإفراج عن 733 مليار روبل من الأموال الاحتياطية الطارئة، والسماح للبنوك بتأجيل إعادة تقييم جميع الأصول للحفاظ على قيّم الأصول عند مستويات عالية.
هذه السلسلة من الإجراءات، التي اتخذها البنك المركزي الروسي، تهدف جميعها إلى الحفاظ على ملاءة البنوك ومنع التدفقات المصرفية على نطاق واسع بسبب انهيار الروبل. بعد ذلك، استقر زخم انخفاض قيمة الروبل مؤقتاً.
بعد ذلك، بدأت نابولينا في التعامل مع التضخم، منعتها العقوبات التي فرضتها الدول الغربية من بيع الاحتياطيات الروسية في الخارج لدعم الروبل، لذلك فكّرت بطريقة مختلفة، وطالبت الشركات الروسية بشراء الروبل بنسبة 80% من العملات الأجنبية.
بالإضافة إلى ذلك، أعلنت عن تطبيق ضوابط على رأس المال للحد من تدفقات رأس المال المحلي نحو الخارج، بما في ذلك القيود على المبلغ، الذي يمكن للمقيمين سحبه بالدولار من الحسابات المصرفية بالعملات الأجنبية، والقيود المفروضة على سحوبات العملاء الأجانب بعملات أجنبية معينة، إذ يحظر على الروس تحويل الأموال إلى حساباتهم المصرفية الأجنبية، كما أن مبلغ العملة الأجنبية، الذي يمكن سحبه خلال الشهر، يقتصر أيضاً على 10 آلاف دولار، كما لا تسمح شركات السمسرة الروسية للعملاء الأجانب ببيع الأوراق المالية.

سلاح الرادع الاقتصادي

في مواجهة العقوبات المتزايدة التي تفرضها الدول الغربية، لجأت نابيولينا مباشرة إلى "الإجراء الرادع”، بربط الروبل وشركة مقاصة الطاقة الروسية معاً، حيث أعلن بوتين في اليوم نفسه أن توريد الغاز الطبيعي إلى "الدول غير الصديقة” سيتم تسويته بالروبل، وطلب من البنك المركزي الروسي والحكومة صياغة المواصفات ذات الصلة لتسوية الروبل في غضون أسبوع.
بعد ذلك، قام البنك المركزي الروسي بخطوة أخرى لـ”ربط” الروبل بالذهب، معلناً أنه في الفترة من 28 مارس/آذار إلى 30 يونيو، سيشتري الذهب بسعر ثابت قدره 5 آلاف روبل للجرام، في خرق للقيود المفروضة على السيولة المصرفية. وبعد أن ضحت روسيا بـ”سلاحها القاتل”، انتعش الروبل منذ 24 مارس. واعتباراً من 8 أبريل، كسر أعلى مستوى له منذ نوفمبر من العام الماضي.

معركة ستالينغراد الجميلة

تحت قيادة نابيولينا، خاضت روسيا بنجاح معركة جميلة للدفاع عن ستالينغراد "أهم المعارك الكبرى والفاصلة التي شهدتها الحرب العالمية الثانية” في السوق المالي.
ربما لن تدرك نابيولينا نفسها أن الحرب المالية التي تشارك فيها ليس لها تأثير بين الولايات المتحدة وروسيا، ولكنها نقطة انطلاق جديدة لنمط عالمي جديد، بالنسبة لدول العالم الثالث، فهو بلا شك نموذج يدرس.

"الدوما” يمدد صلاحيات رئيسة المركزي الروسي

ووافق مجلس النواب الروسي "الدوما”، يوم 24.04.2022 على تمديد صلاحيات إلفيرا نابيولينا في منصب رئيسة للبنك المركزي الروسي لمدة 5 سنوات .
وبذلك تكون إلفيرا نابيولينا قد عينت في منصب رئيسة للبنك المركزي الروسي للمرة الثالثة على التوالي، وتبدأ فترة الولاية الجديد انطلاقا من 24 يونيو من هذا العام.
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد قدم في 18 مارس/آيار الماضي ترشيح إلفيرا نابيولينا لقيادة المنظم المالي لروسيا (البنك المركزي) لولاية جديدة.
وتولت نابيولينا رئاسة المركزي الروسي في يونيو 2013 محل سيرغي إغناتيف، الذي ترأس البنك المركزي الروسي في الفترة من 2002 وحتى يونيو 2013، وفي سبتمبر من العام 2013 حصل البنك المركزي على صلاحيات المنظم الضخم للسوق المالية ودمج الخدمة الفيدرالية للأسواق المالية في هيكله.
وفي يونيو من العام 2017، صوت مجلس الدوما على تمديد صلاحيات إلفيرا نابيولينا لرئاسة البنك المركزي الروسي لمدة خمس سنوات أخرى، أي أن فترة ولايتها الحالية تنتهي في يونيو من هذا العام.

إلفيرا نابيولينا محافظ البنك المركزي الروسي في سطور

ولدت نابيولينا في عام 1963 لعائلة فقيرة فأمها كانت عاملة في مصنع، ووالدها سائق سيارة بالأجرة.
متزوجة من عميد دائرة الاقتصاد في كلية دراسات عليا بموسكو.
العمر 53 سنة تمثل اليد اليمنى لبوتين.
مجلة الإيكونوميست البريطانية وصفتها بـ”الحضور الإمبراطوري القوي”.
أدرجتها قائمة فوربس الأمريكية بين أقوى 100 امرأة في العالم.
 سلمها بوتين وزارة الاقتصاد العام 2007، ثم اختارها العام 2013 محافظا للبنك المركزي.
نجحت في اجتياز ثلاث أزمات كبرى الأزمة المالية العالمية 2008- 2009 وأزمة أوكرانيا والحصار الأمريكي، ثم صدمة النفط الأخيرة بفعل الحرب الأوكرانية.
 استخدمت إلفيرا الأدوات النقدية والمالية التي حافظت على نسبة العجز ومعدلات الاحتياطي.
 لم تتردد في اعتماد الخيار الأسوأ وهو تخفيض العملة مع رفع الفائدة البنكية.
سمحت بتخفيض الروبل بنسبة 50% وهي نفس نسبة انخفاض سعر النفط خلال 2015.
ما يعني أن برميل النفط بالنسبة لبلد مصدر للبترول ظل يساوي نفس عدد الروبلات التي كان يساويها قبل سنة.
ألغت تراخيص 200 بنك تشكل 20% تقريبا من إجمالي عدد المصارف الروسية.
وصفها نائب رئيس كتلة الشيوعيين في مجلس الدوما بأنها "أغلى امرأة في تاريخ روسيا”
في إشارة إلى أنها تتحكم بـ 70 مليار دولار كاحتياطي أجنبي في البنك المركزي.
وكالة "بلومبيرج” الاقتصادية فقد اختصرت نابيولينا بثلاث صفات تشترك فيها مع بوتين، وهي: يابسة، دقيقة جدا ومتطلبة.

أوكرانياإلفيرا نابيوليناالاتحاد الأوروبيالبنك المركزي الروسيالرئيس الروسي فلاديمير بوتينالروبلالعملية العسكريةالولايات المتحدةروسياسيرغي إغناتيفمجلس الدوما