الإثنين 25 تشرين الثاني 2024

معدلات مُقلِقَة للوفيات بين الشباب الأمريكيين..

النهار الاخبارية - وكالات 

ارتفعت معدلات الوفيات بين الشباب في أمريكا إلى أعلى مستوى لها منذ 15 عاماً، مدفوعة تحديداً بجرائم القتل والجرعات الزائدة من المخدرات وحوادث السيارات وحالات الانتحار، في انتكاسة مقلقة بعد عقود من التقدم في الرعاية الصحية والسلامة، وفق ما ذكرته صحيفة The Wall Street Journal الأمريكية.

في تقرير للصحيفة نُشر الأربعاء 17 مايو/أيار 2023، قالت إنّ عام 2020 شهد تسارع ارتفاع معدلات الوفيات بين الشباب الأمريكيين. وعلى الرغم من أنَّ "كوفيد-19" نفسه لم يكن سبباً رئيسياً لوفاة الشباب، يقول الباحثون إنَّ الاضطراب الاجتماعي الناجم عن الوباء أدى إلى تفاقم مشكلات الصحة العامة، وضمن ذلك تفاقم القلق والاكتئاب. 

إضافة إلى ذلك، ساعد الوصول المتزايد إلى الأسلحة النارية والقيادة الخطرة وأنواع المخدرات الأكثر فتكاً على ارتفاع معدلات الوفيات بين الشباب في أمريكا.

معدلات الوفيات بين الشباب في أمريكا
بين عامي 2019 و2020، ارتفع معدل الوفيات الإجمالي للأعمار من 1 إلى 19 عاماً بنسبة 10.7%، وزاد بنسبة 8.3% إضافية في العام التالي، وفقاً لتحليل إحصاءات الوفيات على مستوى الدولة، وهذه هي أعلى زيادة لعامين متتاليين في نصف قرن تتبعت فيها الإدارة الأمريكية مثل هذه الأرقام، وفقاً لتحليل وولف.

كما أشارت الصحيفة إلى أن الولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة بين نظيراتها من الدول المتقدمة حيث الأسلحة النارية هي السبب الأول في الوفيات بين الشباب في أمريكا.

فيما بدأت حالات الانتحار بين الأمريكيين الذين تتراوح أعمارهم بين 10 و 19 عاماً في الازدياد في عام 2007، بينما بدأت معدلات جرائم القتل لتلك الفئة العمرية في الارتفاع في عام 2013، وفقاً للتحليل الذي أجراه وولف وزملاؤه ونشرته The Journal of the American Medical Association.

عند تفشي وباء "كوفيد-19″، ارتفعت الوفيات بين الشباب في أمريكا بسبب الانتحار والقتل. وشهدت أيضاً معدلات الوفيات الناجمة عن تعاطي جرعات زائدة من المخدرات، والوفيات الناجمة عن وسائل النقل -خاصة حوادث السيارات- ارتفاعاً ملحوظاً.

كان "كوفيد-19″، الذي صعد إلى المرتبة الثالثة بين أسباب الوفيات بين الشباب في أمريكا في أمريكا أثناء ذروة الوباء، مسؤولاً عن عُشر ارتفاع معدل الوفيات بين الشباب في أمريكا في عام 2020، وخُمسه في عام 2021، وفقاً للبحث الذي قاده وولف، الذي استخدم بيانات من مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها.

يقول الأطباء والباحثون في مجال الصحة العامة إنَّ إغلاق المدارس، وإلغاء الأنشطة الرياضية والشبابية والقيود المفروضة على التواصل الاجتماعي الشخصي، كلها عوامل أدت إلى تفاقم وباء الصحة العقلية الناشئ بين الشباب في الولايات المتحدة. 

مشكلات الشبكات الاجتماعية
أضافوا أنَّ الشبكات الاجتماعية ساعدت أيضاً في تأجيج مشكلات الصحة العقلية من خلال استحداث التوق إلى جذب الاهتمام الاجتماعي عبر الإنترنت بديلاً عن العلاقات الناجحة؛ مما ترك الشباب دون إشباع لرغبات طبيعية، وعرّضهم لمواقع تبرز السلوكيات غير الصحية مثل اضطرابات الأكل وإيذاء النفس.

حيث فاق الطلب على خدمات الطب النفسي والمشورة وغيرها من أشكال دعم الصحة السلوكية المعروض منها بكثير؛ مما ترك المرضى الصغار دون خيار سوى التوجه إلى أقسام الطوارئ، التي كانت تئن بالفعل تحت ضغوط إصابات "كوفيد-19".

في هذا السياق، قال لويس لي، طبيب طوارئ الأطفال في مستشفى بوسطن للأطفال ورئيس مجلس الإصابات والعنف والوقاية من السموم بالأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال: "نرى المزيد من المرضى الأصغر سناً يأتون إلينا بأزمات نفسية، حتى أننا نرى أطفالاً في أعمار 8 إلى 10 سنوات يأتون إلينا بميول انتحارية". 

إلى حد ما، تعكس معدلات الوفيات بين الشباب في أمريكا المتزايدة ذات الاتجاه في السكان البالغين. فقد بدأت معدلات الوفاة في الارتفاع بين الأمريكيين البيض في منتصف العمر ابتداءً من عام 1999، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى الانتحار وتعاطي الكحول وتعاطي المخدرات الزائدة وأمراض الكبد المزمنة، على الرغم من انخفاض معدلات الوفيات بين الأمريكيين السود والإسبان خلال نفس الفترة.

في عام 2020، انخفض متوسط ​​العمر المتوقع للمواطن الأمريكي بمعدل 1.8 عام، وهو أكبر انخفاض منذ الحرب العالمية الثانية على الأقل، ليس فقط بسبب "كوفيد-19″، بل أيضاً بسبب زيادة الوفيات الناجمة عن الإصابات غير المقصودة، بما في ذلك الجرعات الزائدة من المخدرات، بجانب جرائم القتل.

ارتفاع حيازة السلاح
كما يشير الباحثون إلى حقيقة أنَّ ارتفاع حيازة السلاح خلال الوباء، وأعمال عنف الشرطة البارزة بما في ذلك مقتل جورج فلويد، فاقمت من عدم الثقة في سلطات إنفاذ القانون. 

قال دانييل ويبستر، أستاذ الصحة العامة في جامعة جونز هوبكنز الذي يبحث في العنف المسلح والوقاية منه، إنَّ هذا دفع بعض الناس إلى اللجوء إلى ممارسة أشكال مميتة من "عدالة الشوارع" بدلاً من استدعاء الشرطة.

فقد أدى الإمداد المتزايد لما يُسمَى بالبنادق الشبحية -وهي الأسلحة المُصنّعة من أجزاء تُشتَرى عبر الإنترنت أو المصنوعة باستخدام طابعات ثلاثية الأبعاد- إلى تسهيل حصول المراهقين على الأسلحة النارية التي لم يتمكنوا من الحصول عليها قانونياً بسبب قيود السن. وأوضح ويبستر: "لديك أكبر عدد من الأسلحة النارية تحت مظلة أقل مستوى من الدعم الاجتماعي، وإذا صح التعبير، هذه هي البوادر لعاصفة من زيادات مفاجئة ومثيرة للعنف المميت".

حوادث السير واستهلاك الكحول
يأتي الارتفاع في الوفيات بين الشباب في أمريكا المرتبطة بوسائل النقل، على الرغم من حقيقة انخفاض عدد الناس على الطرق عندما بدأ الوباء. ويقول الباحثون إنَّ عدم وجود سيارات أخرى على الطريق دفع بعض الناس إلى القيادة بتهور، كما أنَّ تشتت الانتباه بسبب استخدام الهواتف المحمولة جعل القيادة أكثر فتكاً بالأرواح في السنوات الأخيرة.

إضافة إلى ذلك، زاد استهلاك الكحول خلال الوباء؛ مما أدى على الأرجح إلى ارتفاع الوفيات الناجمة عن القيادة تحت تأثير الثمالة.

يرى العديد من خبراء الصحة العامة أنَّ نهاية الوباء لن تؤدِ إلى عكس الاتجاه الصعودي لمعدلات الوفيات بين الشباب الأمريكيين. 

إذ يتوقع فريدريك ريفارا، من جامعة واشنطن والمشارك في تحليل The Journal of the American Medical Association، أنَّ هذه المشكلات ستستمر بسبب الأزمات المتواصلة المتعلقة بالصحة العقلية وإمكانية وصول صغار السن إلى الأسلحة.