الثلاثاء 26 تشرين الثاني 2024

مصر تعتزم منح الإيرانيين تأشيرات دخول عند وصولهم لجنوب سيناء

النهار الاخبارية - وكالات 
قال مسؤولون في وزارة السياحة المصرية، الثلاثاء 28 مارس/آذار 2023، إن مصر ستسمح قريباً للإيرانيين الوافدين ضمن مجموعات سياحية بالحصول على تأشيرات عند الوصول إلى جنوب سيناء؛ حيث توجد مدينة شرم الشيخ شديدة التأمين؛ تمهيداً لإمكانية السماح لهم بزيارة أماكن أخرى في البلاد. 

في حين قال وزير السياحة والآثار المصري، أحمد عيسى، لرويترز: "هنقيم تجربة دخول الإيرانيين إلى جنوب سيناء كخطوة أولى، وبناء عليها سنحدد إن كان سيُسمح لهم بأماكن أخرى أم لا". 

سلسلة تسهيلات
جاء القرار في إطار سلسلة تسهيلات أُعلنت، الإثنين 27 مارس/آذار، بهدف تيسير منح التأشيرات لتعزيز إيرادات السياحة في وقت تعاني فيه مصر اقتصادياً من نقص حاد في العملة الأجنبية. 

بشأن السياحة الإيرانية، قال عيسى خلال مؤتمر، الإثنين، إن مواطنيها سيحصلون على تأشيرات السياحة عند وصولهم إلى المطارات جنوبي سيناء، ضمن ضوابط وشروط معينة.

ضمن الشروط التي وضعتها الوزارة، حصول السائح الإيراني القادم إلى القاهرة على تأشيرة، إن كان قادماً ضمن مجموعات سياحية قادمة من نفس البلد. 

كذلك، تتضمن الشروط، حصول السياح الإيرانيين على التأشيرة، من خلال مجموعات سياحية تنظم عبر شركات تنسق مسبقاً إلى الرحلة مع الجانب المصري.

تخفيف التوترات الإقليمية
ويأتي القرار في وقت تتخذ فيه بعض دول الشرق الأوسط، بما فيها مصر، خطوات لتخفيف التوترات الإقليمية، حيث أعلنت السعودية وإيران هذا الشهر استئناف العلاقات الدبلوماسية. 

وسوّت القاهرة خلافاً مع قطر وتعمل على استئناف العلاقات مع تركيا التي سيتم السماح أيضاً لمواطنيها بالحصول على تأشيرات دخول من المنافذ والمطارات المصرية المختلفة، بحسب بيان لوزارة السياحة المصرية. 

وتضمنت التسهيلات الجديدة استحداث تأشيرة متعددة الدخول صالحة لمدة خمس سنوات بقيمة 700 دولار، في حين قال الوزير المصري إنها تستهدف المستثمرين ومالكي العقارات المقيمين خارج مصر ويترددون على زيارتها. 

لمحة عن العلاقات بين مصر وإيران
واتسمت العلاقات بين مصر وإيران بشكل عام بالتوتر خلال العقود الماضية رغم أن البلدين أبقيا على اتصالات دبلوماسية، فمنذ عهد الرئيس المصري السابق جمال عبد الناصر شهدت العلاقات بين البلدين تقلصاً حينما كانت طهران محسوبة على المعسكر الغربي في زمن الشاه، في حين تحولت القاهرة إلى حليف للاتحاد السوفييتي.

وعادت العلاقات من جديد على مستوى السفراء، إثر وساطة كويتية ومفاوضات بين الدولتين، في أغسطس/آب 1970. وقد اضطر عبد الناصر -المهزوم عسكرياً في 1967- إلى القبول بتقديم اعتذار للشاه عن استفزازات سابقة، وأن يبادر هو بالخطوة الأولى.

وبعد تولي السادات بدأت البوصلة المصرية تتغير تدريجياً، لتصبح تابعة للسياسة الأمريكية، وفي تلك الآونة تحسنت العلاقات المصرية الإيرانية بصورة لافتة، ودخلت عصرها الذهبي، فقد أصبح البلدان ضمن السياق الأمريكي، فبادر السادات عام 1971م بإرسال مستشاره الأمني أشرف مروان لزيارة الشاه، وبحث سبل التعاون وتوقيع اتفاقيات تجارية، وتدفقت المساعدات الإيرانية على مصر لتبلغ 850 مليون دولار عام 1977.

مصر والجمهورية الإسلامية
ومنذ 1979 دخلت إيران تحت حكم الخميني في حالة عداء مع المعسكر الغربي، وتوترت علاقاتها مع مصر، خاصة بعد أن استضاف السادات، في مارس/آذار 1980 شاه إيران المعزول، الذي لم يجد بلداً آخر يقبله، ورغم أن مصر اعترفت في أبريل/نيسان 1979 بجمهورية إيران الإسلامية، فإن الخميني قرر في مايو/أيار من العام نفسه قطع العلاقات الدبلوماسية مع القاهرة، بسبب اتفاقية كامب ديفيد.

فيما انزلقت العلاقات الثنائية إلى أسوأ مراحلها مع اندلاع الحرب بين إيران والعراق، في سبتمبر/أيلول 1980، والتي استمرت حتى 1988م، في تلك الحرب وقف السادات في البداية على الحياد الظاهري، مستنكراً قصف المدنيين في البلدين، لكنه لم يلبث أن اندفع بقوة مع الجانب العراقي، ثم تابعه مبارك.

وفي عهد مبارك تحولت مصر إلى دولة وظيفية من المنظور الإقليمي، إذ باتت سياساتها الخارجية مرتهنة بدرجة أساسية بالحفاظ على المصالح الإسرائيلية والمصالح الخليجية، وكان الالتزام بهذا الدور يعود على النظام بمزيد من مليارات الدعم، سواء تحت بند الإقراض أو المعونات.

مصر وإيران بعد ثورة يناير
ومع اندلاع ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، سارعت إيران عن طريق مرشدها علي خامنئي إلى دعمها بصورة صريحة، حتى قبل أن يسقط مبارك، إذ أعلن خامنئي في خطبة الجمعة بطهران، يوم 4 فبراير/شباط 2011، أن نظام مبارك كان عميلاً لإسرائيل، ودعا الجيش إلى تأييد الشعب، وألقى الخطبة باللغة العربية، إلا أنها لم تجد صدى لدى الجماهير الثائرة في مصر.

مع تولي الرئيس الراحل محمد مرسي كان واضحاً أن مصر تسعى لاتباع نهج أكثر استقلالية في سياستها الخارجية، فسعى لإعادة العلاقات مع إيران إلى سياق إقليمي متوازن، فقام بزيارة إلى طهران، في سابقة تاريخية، أغسطس/آب 2012، وكان على استعداد لتطوير العلاقات بصورة مطردة ومستقلة، دون إخلال بالثوابت السياسية، خاصة فيما يتعلق بالوضع السوري، وكانت التوقعات تشير إلى استقبال مصر بناء على ذلك التحسن استثمارات تُقدر بـ5 مليارات دولار، مع توقع وصول عدد السائحين الإيرانيين إلى 3 ملايين سائح. 

وقد زار الرئيس الإيراني أحمدي نجاد مصر، في فبراير/شباط 2013، وتعددت اللقاءات بين المسؤولين والوفود الاقتصادية.

ولم تصل هذه التطورات إلى غايتها، إذ سرعان ما وقع الانقلاب العسكري، في يوليو/تموز 2013، لتعود العلاقات الإيرانية المصرية إلى المقاربة التي كانت سائدة في عهد مبارك.

قبل أن يتولى منصب الرئاسة بأيام قليلة، أكد السيسي عودة مصر في علاقتها مع إيران إلى "مقاربة مبارك"، فقال: "نقول لأشقائنا في الخليج هي مسافة السكة.. لدينا القدرة على حماية أمننا القومي العربي. إيران تدرك أن العلاقة مع مصر تمر عبر الخليج العربي. الخليج أهلنا ويهمنا أن يعيش بسلام"، ثم ألمح إلى أن هذه المقاربة لا تشمل العداء أو التباعد التام مع إيران، فقال: "كل ما نسعى إليه مع إيران هو علاقة عادلة، من حقنا تأمين مصالحنا، كما يحق لإيران القلق على مصالحها".