الإثنين 25 تشرين الثاني 2024

ماذا يحدث فى مرسيليا ثانى أكبر مدن فرنسا؟؟ وكيف انفجر الشارع بوجه الشرطه

النهار الاخبارية - وكالات 

زار الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، مارسيليا مؤخراً لإطلاق المرحلة الثانية من خطته لتنمية المدينة واستعادة الأمن والأمان فيها. ووقف ماكرون داخل الصالة الرياضية في منطقة بوسرين الفقيرة يُحدِّث الحضور عن رؤيته البراقة لمستقبل مارسيليا، لكن الواقع خارج الصالة كان يعكس صورة أخرى، وتوترات تتصاعد، وأزمة حقيقية تدور رحاها في ثاني أكبر مدن فرنسا بسبب سيطرة العصابات على أحياء المهاجرين.

كانت تلك الزيارة قبل أقل من يوم من مقتل الفتى "نائل" (17 عاماً) على يد شرطي في ضاحية نانتير الواقعة غرب العاصمة الفرنسية، وقد أثارت الحادثة غضباً واسعاً وأشعلت احتجاجات اشتبك فيها عشرات الجنود والضباط المدججون بالسلاح والدروع المضادة للرصاص مع مراهقي الضواحي المنحدرين من أصول شمال إفريقية، حسبما ورد في تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية. 

قررت "وسيدة كساسي" عدم الانضمام إلى الحشد الذي استقبل الرئيس الفرنسي في مرسيليا الأسبوع الماضي، لأن الرئيس الفرنسي خيَّب الكثير من الآمال التي عقدتها عليه، ولأنها كانت تزور بوسرين كثيراً خلال المدة الماضية، ولم تكن الوعود البراقة لتغنيها عن تردي أحوال المدينة الذي رأته رأي العين.

عمليات قتل واسعة في أحياء المهاجرين بمرسيليا
التقت وسيدة في 24 أبريل/نيسان أمّاً أصيب ابنها المراهق برصاصةٍ في رأسه وهو جالس على الأريكة في بيته الواقع على بعد أمتار من المكان الذي وقف الرئيس الفرنسي يخطب فيه. وقبل ذلك ببضعة أسابيع، عزَّت أماً مكلومة عُثر على جثمان ابنها المتفحم في صندوق سيارة محترقة. وقالت وسيدة: "كل هذه الأحداث وقعت في المنطقة ذاتها التي تحدث فيها ماكرون".

داخل صالة الألعاب الرياضية، سأل أمين (نجل وسيدة كساسي) الجزائري الفرنسي البالغ من العمر 19 عاماً، الرئيسَ الفرنسي عما إذا كان يعتزم تفعيل منظومة الشرطة المجتمعية لإصلاح العلاقة المقطوعة بين مجتمع المنحدرين من أصول شمال إفريقية في مرسيليا، وقوات الشرطة التي ما انفكت تزداد عسكرة وانعزالاً عن المنطقة وسكانها.

أحياء المهاجرين
الشرطة الفرنسية أغلقت عقاراً في مرسيليا بعد أن فتح مسلحون مقنعون النار على سيارة للشرطة عام 2017/ رويترز- أرشيفية
بدا أمين منفعلاً في حديثه، وقد عكس كلامه ملامح المعاناة التي كابدتها المدينة ومناطقها الفقيرة منذ آخر زيارة لماكرون إلى مارسيليا في عام 2021 والتي أعلن فيها  عن المرحلة الأولى من خطته.

في العامين الماضيين، زار أمين ووالدته 55 أسرة منكوبة بالحزن في منطقة "كارتييه نورد"، وقد فقدت كل أسرة منها صبياً في حروب المخدرات المستعرة في المدينة، ولذلك كانا يدركان قدر التزايد في وتيرة جرائم القتل، والاشتداد المتسارع للوحشية فيها. لكن ماكرون لم يقدم إجابة تشفي ولا تغني، حتى إن أمين قال: إنه تحدث، لكنه "لم يرد في الحقيقة".

ربما يقول رئيس فرنسا إنه خاطر بنفسه ودخل إلى قلب المجمعات السكنية سيئة السمعة في شمال مرسيليا، لكن الجميع كانوا يعلمون أنه لم يفعل ذلك، بل أخذ سكان بوسرين يتندرون على الحضور الهائل لقوات الشرطة التي استُدعيت لتأمين ماكرون أثناء الزيارة. وقال أحدهم ساخراً: "أهذا هو المكان الذي يختبئ فيه كل رجال الشرطة عن المنطقة. كم شرطياً تحتاجون إليه لتأمين رجل واحد؟".

بعض المناطق أصبحت خارج سيطرة الدولة وتخضع للعصابات
لن تشهد القافلة الرئاسية أبداً على الواقع القائم على بعد مئات أمتار فقط من مكان الزيارة، فبعض الطرق في مارسيليا لم يعد للدولة حكم عليها، وقُطعت طرق الوصول إلى بعض المجمعات السكنية القريبة بحواجز تسيطر عليها عصابات المخدرات، التي صارت الآمر الناهي فيها، علاوة على ذلك فإن بعض المناطق بثاني أكبر مدينة في فرنسا باتت معاقل تابعة لعصابات الاتجار بالبشر.

زادت حادثة مقتل نائل من زخم الاتهامات الموجهة للشرطة الفرنسية بتجذُّر العنصرية في أفرادها، وفي الوقت نفسه فإن مرسيليا إنذار للجميع بما يحدث عندما تفقد الشرطة السيطرة -أو تتخلى عن- الناس والمجتمع في مكان ما.

يرى كثيرون أن مارسيليا أوضح اختبار لفرنسا في هذا السياق، فإذا كانت البلاد عاجزة عن السيطرة على أكثر مدنها تنوعاً من الناحية الثقافية، حتى صارت المدينة تضم مناطق عصيان شاسعة لا تتعامل معها الشرطة إلا بالشك أو بالعداء، فأيُّ أمل للبلاد في السيطرة على المناطق الأخرى ذات السمات الشبيهة؟!

لم يستغرب أحد لما انضمت المدينة إلى مناطق الاحتجاج على مقتل نائل، واشتعلت فيها أعمال الشغب مساء الجمعة 30 يونيو/حزيران. وقد اعتقلت الشرطة 88 شخصاً، وقالت إنها تخوض اشتباكات مع "جماعات عنيفة". ثم طالب عمدة مرسيليا الحكومة بإرسال المزيد من القوات على الفور لمساعدة جنوده في السيطرة على المدينة، وتحسباً لتردي الأمور إلى ما هو أسوأ.

في معرض التعليق على فيديو مقتل نائل، قال أمين إن الشرطة فقدت بالفعل كل مصداقية لها بين سكان المجمعات السكنية المهمشة في مرسيليا، فحشود الضباط المدججين بالسلاح يتدفقون إلى المنطقة بين الحين والآخر، لكنها سرعان ما تتراجع بعد أن تفرض غرامات سخيفة على المارة بدعوة غياب التأمين، أو أشياء من هذا القبيل. 

ويقول: لو أنهم -بدلاً من ذلك- تركوا 20 شرطياً بالمنطقة يقطعون على عصابات التهريب سبل العمل، "لتوقفَ العنف".

إذا اتصلت بالشرطة لن تأتي إليك والكلاشينكوف في أيدي العصابات
قال جوزيف داونينغ، المحاضر البارز في السياسة والعلاقات الدولية، إنه من المستحيل على البريطانيين استيعاب مدى تردي الأحوال في المجمعات السكنية بالضواحي الفرنسية، "لا سيما سوء الخدمات، وغياب الدولة، وغياب المسؤولين إلى حدٍّ يستعصى على التصور، فالشرطة تخشى الذهاب إلى هناك. وهذه الأماكن تقع خارج سيطرة الدولة بكل ما تحمله الكلمة من معنى. والساكن هناك إذا اتصل بالشرطة، لن يأتي إليه أحد".

ومما يزيد من اختلاف مارسيليا بعض الشيء عن بقية المدن الفرنسية: انتشار بنادق الكلاشينكوف بين أيدي العصابات في أحيائها، وهو أحد أبرز العوامل التي تتذرع بها الشرطة للتنصل من وظيفتها لهذه الأماكن.

32 قتيلاً في عمليات تصفيات الحساب، فالشرطة تفضل أن يقتل العرب بعضهم بعضاً
ويصف رفيق، وهو مراهق من سكان بوسرين، الأمر بالقول: "الشرطة يسرُّها أن يقتل (العرب) بعضهم بعضاً. وهم يرون أنه إذا نقص العرب واحداً، فلا ضرر في ذلك".

خلاصة القول أنه قد مرَّ عامان على آخر زيارة لماكرون إلى مرسيليا وإعلانه عن خطته الكبيرة لتحسين الأحوال في أحيائها، ومع ذلك فقد تدهورت العلاقة بين الشرطة من جهة، وسكان المدينة من جهة أخرى، تدهوراً كبيراً خلال تلك المدة.

في العام الماضي، قُتل 32 شخصاً في عمليات تصفية للحسابات بين عصابات المخدرات في المدينة. وشهد هذا العام 23 جريمة قتل، وإصابة أكثر من 50 بجروح.

يؤكد أمين وغيره من سكان "كارتييه نورد"  أن العنف في المدينة صار أشد وطأة من أي وقت مضى، "لقد تفاقم العنف في المدينة، وامتد إلى المناطق القريبة من المدارس، وصرنا نشهد ضحايا من الأبرياء طوال الوقت، وأغلب هؤلاء الضحايا من صغار السن".

يقع مجمع "فريس فالون" السكني قبالة تلال بروفنسال المحيطة بمارسيليا في قطعة أرض محاطة بالطرق السريعة، ويتكدَّس في مباني المجمع نحو 7 آلاف شخص -متوسط أعمارهم 36 عاماً- ومعظمهم من أصول جزائرية ومغربية وتونسية.

العصابات أصبحت منظمة وتعتمد على مجموعات من المراهقين 
تنتشر في المجمع مجموعات المراهقين -المعروفة باسم (choufs)، أي "الحرَّاس"، وهم أقل الرتب في التسلسل الهرمي للعصابات- يقطعون المباني جيئة وذهاباً وهم يحدقون في هواتفهم.

وعلى مقربة من برج متداعٍ يتكون من 23 طابقاً، وقفت مجموعة من "الجنود" بجانب إحدى محطات البيع العلنية للقنب والكوكايين في فريس فالون. أما "القادة"، فهم يحملون الأسلحة الرشاشة من طراز "إيه كيه 47" وينظمون توريد المخدرات وتوزيعها من مخابئهم بالداخل. أما أفراد الطبقة العليا الذين لا يراهم أحد ولا يعرفهم سوى القلة، فهم بارونات العصابات الذين يقيم معظمهم في شمال إفريقيا، وبعضهم في بريطانيا ودبي.

البعض يفكر في العودة لبلاده 
تسكن "عبدي" هذه البناية منذ عام 1961، وتقول إن الدولة تخلت عن "فريس فالون" وسكانها، وتركتها نهباً لعصابات المخدرات. لذلك تقول عبدي إنها صارت -لأول مرة منذ وصولها إلى فرنسا قبل أكثر من 60 عاماً- تريد العودة إلى تونس، "فقد أصبح الأمر شديد الخطورة. عليَّ أن أغادر، وأن آخذ معي حفيدي البالغ من العمر 19 عاماً لإنقاذه".

ولد أمين في فرايس فالون في عام 2004 ورأى بأم عينيه شبكات المخدرات وهي تتوسع شيئاً فشيئاً في أحياء كارتييه نورد، واستغلال العصابات لنسبة البطالة بين الشباب في هذه المناطق، والتي تصل إلى 70%. ويستطيع أمين أن يعدِّد من بين زملائه السابقين 50 شخصاً انضموا إلى عصابات المخدرات؛ و10 آخرين في السجن.

الشرطة أغلقت مركزها وتركت صغار التجار يصبحون أباطرة دوليين 
قال أمين إن المبنى الذي نشأ فيه كان يقع به مركز للشرطة، لكن السلطات أغلقته قبل أكثر من 10 سنوات، فتوسعت بعد ذلك عصابات الجريمة المنظمة في فريس فالون، و"تركت الشرطة صغار التجار حتى كبرت أعمالهم وصاروا أباطرة دوليين" في عالم الجريمة.

قُتل إبراهيم كساسي، شقيق أمين، في عام 2020، وعُثر على جثمانه في سيارة محترقة على طريق خارج المدينة. وقبل عدة أشهر من وفاة شقيقه، أنشأ أمين "جمعية الضمير"، وهي منظمة شعبية تطالب بتحسين فرص التعليم والعمل للشباب في مقاطعة كارتييه نورد. وعلى مدى العامين الماضيين، اشتغل أمين بدراسة الأسباب الكامنة وراء العنف المتصاعد بين الشباب في مارسيليا، وزار العشرات من أسر الضحايا المنكوبين خلال السنتين الماضيتين.

تقول رحيم فانا، أم أخرى فُجعت في نجلها، إن نجلها قُتل طعناً في 26 يوليو/تموز 2022 على يد صبي معروف للشرطة، ولم تفعل الشرطة شيئاً. واتصل أمين بالشرطة للتحقيق في جريمة القتل، لكنه لم يتلقّ أيَّ رد. وقالت رحيم إن الصبي الذي قتلَ ابنها الوحيد قُتل بعد أسبوعين.

يروننا بشراً أقل رتبة  
في معرض الحديث عن الشرطة، قالت رحيم: "جعلوني أدرك أنني لست جديرة باهتمامهم. فلأنني مسلمة، تقع عليَّ الأحكام المسبقة طوال الوقت، وأعامل معاملة مختلفة، وأنا أقل استحقاقاً من غيري". وأيدها أمين فيما قالته، وأضاف: "إنهم يروننا بشراً أقل مرتبة منهم".

وقالت الأمم المتحدة يوم الجمعة 30 يونيو/حزيران، إن الاضطرابات التي تجتاح فرنسا يجب أن تكون حافزاً لشرطتها على "معالجة مشكلات العنصرية الكامنة فيها".

بالعودة إلى فريس فالون، صار من الواضح أن التعامل مع سكانها معاملة المواطنين من الدرجة الثانية جعلت المنطقة محضناً لتجنيد الشباب في عصابات التهريب والمخدرات. وقال صديق لأمين: "معظمنا يكد في طلب العمل"، وقد "تقدمت لكثير من الوظائف، منها عامل نظافة في الشوارع، لكن طلباتي كلها ترفض بسبب عنواني واسمي [العربي]".

خلال زيارة ماكرون السابقة إلى مارسيليا، عرض عليه أمين خطة أعدَّها لمساعدة السكان في كارتييه نورد، وأعجب بها الرئيس الفرنسي إعجاباً كبيراً، حتى إنه دعا أمين لمناقشتها في قصر الإليزيه. وقالت والدة أمين: "لقد أمسك [ماكرون] يدي وأثنى على أمين"، وقال إنه خصص لجمعيتهم 30 ألف يورو (32.700 ألف دولار أمريكي)، لكنهم لم يتلقوا منها سوى 10 آلاف يورو (10.900 آلاف دولار).

لقد أوفى ماكرون ببعض وعوده وأرسل عشرات من أفراد شرطة النخبة إلى مرسيليا، لكن الأمر لم يؤتِ أكله على ما يبدو. فالشرطة عاجزة عن مراقبة المجمعات السكنية بالقدر الكافي؛ وقد انهارت الثقة بين قوات الأمن والسكان على مدار سنوات؛ ومن ثم قلَّت المعلومات التي كانت الشرطة تتلقاها عن أنشطة العصابات.

معاملة الشرطة خلقت غضباً مكتوماً فجره مقتل نائل 
وفي باريس ومحيطها الوضع لا يختلف كثيراً، حيث ترك سكان الضواحي ضحية الفقر والعصابات وعنصرية الشرطة، وجاءت حادثة اغتيال نائل لتصب الزيت على النار.

ففي حي "لا غراند بورن" بضاحية غريني الواقعة جنوبي العاصمة باريس، فإن الغضب يصم الآذان، والأمور توشك على مزيد من الانفجار بعد مقتل نائل. فالشباب مستعدون لمواجهة الشرطة بلا خوف، لكي تُسمع أصواتهم وتصل مطالبهم، حسبما ورد في تقرير لموقع  Middle East Eye البريطاني.

وقال موسى، الفتى البالغ من العمر 16 عاماً والذي يعيش في المدينة، لموقع MEE: "إن لم نتحرك، فلن تتوقف الشرطة. فنحن لن نترك أنفسنا عرضة لإطلاق النار علينا مثل الأرانب"، حتى وإن "اتهمونا بالعنف، ولو لم يستوعب بعض الناس لماذا نهاجم الحافلات والمدارس. ولو طلبت مني والدتي البقاء في المنزل وعدم الخوض في هذه المشكلات، فإن ما يحدث أقوى أثراً من أن أتجاهله"، "فقد اجتاحني كل الغضب الذي كان بداخلي لمّا علمت بوفاة نائل، ولم أعد أستطيع السيطرة عليه".

عاجز عن النوم منذ أن شاهد فيديو الجريمة
أيد كيليان، صديق طفولة موسى، رفيقه فيما قاله. وقال إنه عاجز عن النوم منذ أن شاهد فيديو مقتل نائل، فهم "كأنهم [الشرطة] كانوا يصطادون حيواناً ويقتلونه بدمٍ بارد".

لطالما كانت العلاقات متوترة بين شباب حي "لا غراند بورن" والشرطة، فقوات الأمن ترى الحي بؤرة لتجارة المخدرات، أما السكان فيرونه بؤرة للفقر.

يعيش أكثر من 15 ألف شخص في المجمع السكني بالحي، ويتقاسمون 3685 وحدة سكنية عامة بُنيت في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي.

أنشئ الحي في الأصل لاستقبال سكان الأحياء الفقيرة في باريس، لكنه صار الآن موطناً لعدد كبير من المهاجرين الذين يعيشون في ظروف اجتماعية شديدة التردي، وترتفع بينهم معدلات التسرب من التعليم، والبطالة.

في عام 2005، اشتعلت أعمال شغب عنيفة في "لا غراند بورن" في أعقاب وفاة مراهقين، زيد بينا وبونا تراوري، صعقاً بالكهرباء أثناء محاولة للفرار من الشرطة. وقد ولد موسى وكيليان بعد هذه الحادثة بعامين، وأحداثها حاضرة في أذهانهما، وتتردد ذكراها في واقعهم وخبراتهم.

سجن مفتوح
بعد عام واحد من أعمال الشغب في عام 2005، اقتحمت شرطة مكافحة الشغب مقهى للشيشة في "لا غراند بورن"، واعتدت على رواد المكان، وأغلقت المقهى بلا مسوغ مقبول.

كان أحمد أحد الحاضرين للواقعة وقتها، ويروي: "لقد كان استفزازاً محضاً. مهما فعلنا، فنحن مذنبون". ويقول إن ابنه البالغ من العمر 14 عاماً يتعسر في الدراسة و"ليس لديه دافع" لمواصلة التعليم، فرغم صغر سنه، فإنه قد بدأ يتعرض للعنصرية، و"عندما يلتقي أفراد الشرطة، فإنه يحس بالخوف لأنه يشعر دائماً أن لديه شيئاً يخجل منه".

يرى أحمد أن حي "لا غراند بورن" سجن مفتوح حُكم على سكانه بالتعرض للعنصرية ومعاناة الفقر، و"الكل يشتكي من تجارة المخدرات وعنف الشباب في الحي. ولكن ماذا فعلنا لهم؟ الدولة التي أهملتهم هي ذاتها التي تراهم مجرمين محتملين".

تقول خديجة، من سكان الحي، إن "بعض صبيان الحي يُسجنون، ويُسلب جزء من حياتهم، ويخرجون بلا شهادات، فماذا يفعلون؟!"، ثم تدفعهم البطالة وقلة المال إلى أحضان عصابات المخدرات.