الخميس 28 تشرين الثاني 2024

مئات المسلحين احتشدوا لإنقاذ “زعيمهم”!

النهار الاخبارية - وكالات 

كشفت صحيفة Wall Street Journal الأمريكية، في تقرير نشرته الجمعة 20 يناير/كانون الثاني 2023، أنه في الساعات الأولى من فجر الخامس من يناير/كانون الثاني 2023، توافد مئات المسلحين من كارتل سينالوا على بلدة خيسوس ماريا؛ في محاولةٍ لإنقاذ زعيمهم من أيدي الجنود المكسيكيين، الذين حاصروا مزرعته وفقاً للسكان المحليين وأفراد العصابة والجيش المكسيكي.

لكن جيش المسلحين الصغير لم يكن نداً للجيش المكسيكي، الذي استخدم بدوره المروحيات المسلحة لمهاجمة قافلة الشاحنات الصغيرة المزودة بالدروع المؤقتة ومدافع العيار الثقيل، وفقاً لشهود العيان. وتكشّفت تلك الأحداث أثناء عملية القبض على أوفيديو غوزمان، نجل زعيم كارتل سينالوا السابق خواكين "إل تشابو" غوزمان.

شهادات حول تصنيع مخدر الفينتانيل في المكسيك
في سياق متصل التقت الصحيفة الأمريكية مسلحاً من الكارتل عمره 30 عاماً، داخل منطقةٍ شبه مهجورة من جبال سييرا مادري شمال خيسوس ماريا. وكان المسلح يحمل بندقية كلاشينكوف وبعض المسدسات، بينما توشّح بقناعٍ أسود لإخفاء ملامح وجهه، وقال: "لقد هُزِمنا. كانوا مستعدين بصورةٍ أفضل".

يُذكر أن أوفيديو البالغ من العمر 32 عاماً، كان رائداً في عملية الإنتاج غير القانوني لمخدر الفينتانيل الأفيوني الاصطناعي من أجل تهريبه إلى الولايات المتحدة، بحسب عاملين في الصناعة ومسؤولين مكسيكيين. وتعرض الكارتل الخاص به لضربة قوية بعد القبض عليه، لكن أحد الكيميائيين المتصلين بمشغلي معامل الإنتاج الأخرى قال إنهم قد استأنفوا الإنتاج وسيواصلون العمل.

سيارات شرطة تعبر بجوار حطام السيارة المحترقة التي أضرمت فيها النيران من قبل أفراد عصابة مخدرات عندما كانت متاريس بعد اعتقال زعيم عصابة المخدرات المكسيكية أوفيديو جوزمان نجل "إل تشابو"
في حين شهدت المعركة التي استمرت على مدار اليوم خسارة الكارتل كثيراً من شاحناته المدرعة محلية الصنع. وقال وزير الدفاع المكسيكي لويس كريسينسيو ساندوفال، خلال مؤتمرٍ صحفي عُقِد في اليوم التالي، إن قواته فقدت 10 جنود بينهم عقيد في الجيش. بينما لقي 19 من مسلحي الكارتل مصرعهم. فيما أصيب 35 من جنود الجيش بإصابات متفرقة.

من ناحيته، قال الكيميائي الذي يُدير أحد معامل الفينتانيل ومصنعاً للأقراص قرب كولياكان، إن الكارتل حشد مئات المسلحين؛ في محاولةٍ لإنقاذ غوزمان، مما يدل على قوة الكارتل في رأيه. وأوضح: "إذا قتلوا 200 شخص، فسوف ينهض 500 شخص آخر لحمل بنادقهم". وقال ساندوفال إن الجيش المكسيكي دمّر أو استولى على 40 مركبة من مركبات الكارتل، بينها 26 شاحنة مدرعة.

في حين تقع بلدة خيسوس ماريا، التي يقطنها نحو 2000 شخص، على بعد 32 كيلومتراً شمال كولياكان. وأفاد سكانها بأنهم استيقظوا في تمام الساعة 4:20 صباحاً على صوت إطلاق النار الكثيف. وقالوا إنهم شعروا بخوفٍ شديد منعهم من النظر إلى الخارج، فاختبأوا داخل الحمامات مع أطفالهم أو بحثوا عن ملاذٍ تحت أسرتهم.

محاولات لإنقاذ "الزعيم"!
فيما توافد مسلحو الكارتل على خيسوس ماريا؛ في محاولةٍ لإنقاذ زعيمهم بحسب تصريحات السكان والجيش المكسيكي. أما في كولياكان، فقد استولى أعضاء آخرون في الكارتل على الشاحنات والحافلات والسيارات، ثم أضرموا النيران فيها لإقامة حواجز الطرق وعزل المدينة. كما أطلق مسلحون النار على مطار كولياكان؛ في محاولةٍ لمنع عملية القبض على غوزمان. وأصابت إحدى رصاصاتهم طائرة ركابٍ تجارية أثناء استعدادها للإقلاع، بحسب تصريحات شركة طيران المكسيك. وأصاب المسلحون اثنتين من الطائرات التابعة للقوات الجوية المكسيكية أيضاً، مما أجبرها على الهبوط اضطرارياً بعدها، وفقاً لساندوفال.

قال المسلح المقنع -الذي التقته الصحيفة الأمريكية- إنه وصل إلى بلدة خيسوس ماريا وسط قافلةٍ من تسع شاحنات مدرعة، وعندها وجد جثث المسلحين والجنود متناثرةً في الشارع المؤدي إلى منزل غوزمان، بينما اشتعلت النيران في العربات المدرعة. وجرى تدمير الشاحنة التي كان يركبها المسلح، كما فقد 14 من رفاقه. وقال المسلح إن الكارتل فقد نحو 70 رجلاً إجمالاً في ذلك اليوم.

هناك العديد من الروايات المتضاربة حول بداية العملية. إذ قال وزير الدفاع ساندوفال إن عملية القبض على غوزمان كانت نتاجاً لستة أشهر من المراقبة والعمل الاستخباراتي. لكنه أوضح أن العملية بدأت فجأةً عندما صادف جنوده قافلةً مسلحة تضم السيد غوزمان. وأضاف ساندوفال أن الجنود تعرضوا لإطلاق النار من المسلحين، فردّوا بفتح نيرانهم، ثم تعقبوا المسلحين نحو المنزل الذي احتموا به إثر انسحابهم.

بينما قال سكان المدينة ومسلحو الكارتل إن الجنود لم يصادفوا قافلةً في البداية، لكنهم بادروا بإطلاق الرصاص في طريقهم إلى منزل غوزمان.

صور من الدمار الذي خلفه الاشتباكات بين عصابة المخدرات والشرطة في المكسيك
معركة مسلحة للقبض على تاجر مخدرات
من جانبها قالت إيريدا سيرانو، التي تعيش في الشارع المقابل لمزرعة أوفيديو، إنها اختبأت في غرفة نومها مرعوبةً أثناء المعركة المسلحة الأخيرة للقبض على غوزمان. وتعيش إيريدا البالغة من العمر 57 عاماً، في بلدة خيسوس ماريا، التي تُعَدُّ معقل عائلة غوزمان ومسقط رأس اثنتين من طليقات "إل تشابو". وتنظر إيريدا إلى أوفيديو نظرةً إيجابية كما هو حال العديد من سكان البلدة. حيث تقول إنه ساعد أبناء البلدة بتوفير الوظائف وتغطية نفقات العلاج والجنائز.

في حين تشعر إيريدا بالغضب من جنود الجيش المكسيكي، الذين تقول إنهم حطموا منزلها بحثاً عن الأسلحة.

فيما حاول الجيش المكسيكي مواجهة استياء سكان البلدة بتكوين وحدةٍ للعمل المدني بعد انتهاء الاشتباكات. وعرض الجيش على السكان قصات الشعر، والتاكو بشرائح اللحم، وزجاجات المياه المعدنية بالمجان لبضعة أيام.

لكن يبدو أن غالبية سكان البلدة تجاهلوا العرض. بينما احتج نحو 50 من السكان في كولياكان وخيسوس ماريا خلال الأسبوع الماضي، وذلك لمطالبة الجيش بمغادرة البلدة. وقال محرر صحيفة Noroeste المكسيكية أدريان لوبيز، إن "كارتل سينالوا سيمتص الضربة ويواصل العمل" بعد القبض على غوزمان.