الخميس 28 تشرين الثاني 2024

كيف تؤثر قضية “الوثائق السرية” على بايدن الذي تطارده 7 ملفات حساسة؟

النهار الاخبارية - وكالات 

تعيش واشنطن حالةً من الفوضى الداخلية والانقسام الحكومي، وذلك بعد العثور على ملفات سرية مخزنة بمرآب ومكاتب خاصة بالرئيس الأمريكي، جو بايدن، يوم الثلاثاء، 10 يناير/كانون الثاني 2023، ليعين على أثر ذلك وزير العدل الأمريكي مدعياً خاصاً للتحقيق فيما إذا كانت القوانين قد انتُهكت، فيما أصبح يشكل هذا الحادث الحساس بالنسبة لبايدن مشكلة كبيرة، وأصبح مسعاه للرئاسة المقبلة مهدداً، ويشبه مسعى ترامب.

ما قصة الوثائق السرية التي وُجدت لدى بايدن؟
أفادت وسائل الإعلام الأمريكية، يوم الثلاثاء، بأن نحو 10 وثائق سرية تعود للفترة التي كان فيها جو بايدن نائباً للرئيس الأمريكي، تم العثور عليها في مكتب خاص لبايدن في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

وأشارت التقارير إلى أن محامي بايدن، الذين عثروا على الوثائق، أخبروا بذلك الأرشيف الوطني الأمريكي، الذي يجب أن تُخزن فيه مثل هذه الوثائق، حسب قانون السجلات الرئاسية.

وقال المصدر إنه بعد الاتصال بالأرشيف الوطني، قام فريق بايدن بتسليم عدة صناديق بحذر شديد، على الرغم من أن العديد من الصناديق يحتوي على مواد شخصية.

وبدأت وزارة العدل الأمريكية تحقيقاً أولياً بشأن تخزين الوثائق الرسمية في مكتب خاص، ثم ستتخذ الوزارة قراراً ما إذا كانت ستعيّن مدعياً لمواصلة التحقيقات في القضية أم لا.

ويوم الأربعاء، أفادت شبكة "إن.بي.سي نيوز" الأمريكية، نقلاً عن مصدر لم تُسمّه، بأن معاوني الرئيس الأمريكي، جو بايدن، اكتشفوا مجموعة أخرى على الأقل من الوثائق السرية، في مكتب بمركز أبحاث كان يستخدمه بعد أن شغل منصب نائب الرئيس.

وذكرت الشبكة أن معاوني بايدن يبحثون عن مواد سرية إضافية، قد تكون في مواقع أخرى، بعد العثور على مجموعة من الوثائق السرية، في نوفمبر/تشرين الثاني، في مركز الأبحاث الذي مقره واشنطن.

واكتشف محامو بايدن نحو 12 من السجلات السرية داخل المكتب، في مركز الأبحاث، وأبلغوا الأرشيف الوطني الأمريكي بذلك، وسلموا المواد، وقالوا إنهم يتعاونون مع إدارة الأرشيف ووزارة العدل في هذا الصدد. وقال بايدن، إنه وفريقه يتعاونون بشكل كامل مع تحقيق في الأمر.

كيف يؤثر ذلك على مستقبل بايدن وفرص إعادة ترشحه؟
كان وزير العدل غارلاند قد عين في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي المحقق جاك سميث مستشاراً خاصاً للإشراف على تحقيقات وزارة العدل المتعلقة بتعامل الرئيس الجمهوري السابق دونالد ترامب مع الوثائق السرية، والجهود لإلغاء نتائج انتخابات 2020. وأعلن ترامب، الذي هزمه بايدن عام 2020، في نوفمبر/تشرين الثاني ترشحه للرئاسة في عام 2024.

ومن المتوقع أن يطلق بايدن (80 عاماً) حملة إعادة انتخابه رسمياً في الأشهر المقبلة، وربما يلقي الكشف عن هذه الوثائق بظلاله على الحملة كما يقول الخبراء. ولم يؤكد بايدن بعد أنه سيترشّح لـ4 سنوات أخرى في 2024، لكن يتوقّع أن يعلن قراره في غضون أسابيع، فيما سيكون خطاب حال الاتحاد السنوي في السابع من شباط/فبراير، فرصة لتقديم برنامجه أمام جمهور تلفزيوني ضخم والكونغرس.

وقال بايدن للصحفيين، الخميس، 12 يناير/كانون الثاني 2023، إنه سيتحدث عن "كل ذلك قريباً"، وذلك قبل أن يقرأ من بيان مُعد سلفاً المعلومات التي ذكرها البيت الأبيض قبل ذلك بدقائق قليلة.

وقال بايدن: "كما قلت في وقت سابق من هذا الأسبوع، يعرف الناس أنني آخذ الوثائق السرية والمواد السرية على محمل الجد. كما قلت إننا نتعاون بشكل كامل وشامل مع المراجعة التي تُجريها وزارة العدل".

وأضاف أن فريقه القانوني اكتشف عدداً قليلاً من المستندات ذات العلامات السرية في مناطق تخزين وخزائن الملفات في مكتبته الشخصية في منزله في ويلمنغتون. والمكتبة ملحقة بمرآبه الذي قال بايدن إنه مغلق. وتعني هذه التطورات أن الخصمين المحتمَلين في انتخابات 2024، بايدن وترامب، يواجهان تحقيقات من مستشارين خاصين.

كيف يخطط الجمهوريون للتحقيق مع بايدن بمختلف الطرق واستغلال هذه الحادثة؟
تقول صحيفة New York Times الأمريكية إن الجمهوريين أوضحوا بما لا يدع مجالاً للشك أن مهمتهم الأساسية ستتمحور حول التحقيق في شؤون حكومة بايدن، بما في ذلك التحريات التي ربما تؤدي إلى سحب الثقة من بايدن وبعض أعضاء حكومته.

وشكّل الجمهوريون 3 لجان تحقيق خاصة، أو فرعية، تمهيداً لاستخدام سلطات الاستدعاء التي حصلوا عليها مؤخراً، لكنهم يتوقعون فتح مزيد من التحريات بموجب اختصاصات اللجان القائمة التي يسيطرون عليها الآن.

وإليكم خارطة الطريق الخاصة بتلك التحقيقات في ما يلي:

1- "تسليح" الحكومة
اللجنة المختصة: اللجنة الفرعية الخاصة التابعة للجنة القضائية، تحت قيادة النائب الجمهوري، جيم جوردن، من ولاية أوهايو.

المسائل الموضوعية المتعلقة بالسياسات: لم تتضح هذه المسائل بعد. إذ إن نص القرار الخاص بإنشاء اللجنة الفرعية يمنح اللجنة اختصاصاً قضائياً مفتوحاً للتدقيق في أي مسألة مرتبطة بالحريات المدنية، أو فحص كيفية جمع أي وكالة فيدرالية للمعلومات عن الأمريكيين، وطريقة تحليل واستخدام تلك المعلومات. كما أن نص القرار يمنح اللجنة الفرعية سلطة الحصول على المعلومات السرية التي تُمنح للجنة الاستخبارات فقط عادةً، بما في ذلك أهم أسرار الحكومة.

الأجندة السياسية: خلال حملتهم الانتخابية لعام 2022، وعد الجمهوريون باستغلال سلطتهم الجديدة داخل الكونغرس للتدقيق في جهود الحكومة المنسقة -حسب تعبيرهم- لإسكات وعقاب المحافظين على جميع المستويات، بدايةً بالمحتجين في اجتماعات مجالس المدارس ووصولاً إلى الرئيس السابق دونالد ترامب. وربما تصبح اللجنة وجهةً لاستهداف الموظفين الفيدراليين المتهمين بتنفيذ أجندةٍ حزبية. ومن المحتمل كذلك أن تُعيد اللجنة التقاضي في المسائل التي كُشِفَ عنها بشأن سلوكيات ترامب.

2- شركات عائلة بايدن
اللجان المختصة: لجنة الرقابة والإصلاح الحكومي التي يقودها النائب الجمهوري جيمس كومر، من ولاية كنتاكي، مع مشاركةٍ محتمَلة من اللجنة الفرعية القضائية الجديدة.

المسائل الموضوعية المتعلقة بالسياسات: تقول لجنة الرقابة والإصلاح الحكومي إن الغرض من تحقيقها يتمثل في التعريف بالتشريعات، وتقوية قوانين الأخلاقيات الفيدرالية، وضمان فرض المؤسسات المالية للضوابط وبرامج الامتثال الداخلية اللازمة لتنبيه الوكالات الفيدرالية لأي أنشطة غسيل أموال محتمَلة.

الأجندة السياسية: تعهّد كومر طيلة أشهر بالتحقيق في شؤون عائلة بايدن وعلاقاتها التجارية. وحصل فريقه بالفعل على محتويات حاسوب محمول يملكه هانتر بايدن، الذي تخضع أنشطته التجارية لتحقيق فيدرالي حالياً. وعقد كومر مؤتمراً صحفياً مع جوردن في مبنى الكابيتول من أجل سرد تفاصيل خططهما، حيث يرغبان في توسيع نطاق التحريات إلى ما هو أبعد من بايدن الابن.

3- أصول جائحة كوفيد
اللجان المختصة: اللجنة الفرعية الخاصة التابعة للجنة الرقابة، ولجنة الطاقة والتجارة بقيادة النائبة الجمهورية كاثي مكموريس رودجرز من واشنطن.

المسائل الموضوعية المتعلقة بالسياسات: يقول المشرعون إنهم يرغبون في استكشاف ما إذا كان يجب على الولايات المتحدة تمويل "أبحاث اكتساب الوظائف" المزعومة أم لا. حيث تمثل تلك الأبحاث مجالاً علمياً يُتيح التلاعب بالفيروسات بطريقةٍ يُمكن أن تجعلها أكثر خطورة. وتحتل تلك الأبحاث صميم تأكيدات الجمهوريين على أن الجائحة ربما كانت ناتجةً عن تسريب في المختبر.

الأجندة السياسية: يؤكد جمهوريون مثل كومر وجوردن، دون دليلٍ، على أن الدكتور أنتوني فاوتشي، المستشار الطبي السابق لبايدن، تستّر على تسريب مختبر يزعمون أنه ربما تسبب في تفشي الجائحة. وقالوا مراراً إنهم سيحققون في أمر فاوتشي، الذي أصبح هدفاً سياسياً للجمهوريين الراغبين في استمالة ناخبي ترامب.

4- قدرات الصين التنافسية
اللجنة المختصة: اللجنة المختارة الجديدة المختصة بالتنافس الاستراتيجي بين الولايات المتحدة وبين الحكومة الصينية، ويقودها النائب الجمهوري مايك غالاغير من ولاية ويسكونسن.

المسائل الموضوعية المتعلقة بالسياسات: يتركز غرض اللجنة حول التحقيق في "التقدم الاقتصادي، والتقني، والأمني للحكومة الصينية ومنافستها مع الولايات المتحدة". وستتطرق اللجنة إلى العديد من الموضوعات مثل اعتماد الولايات المتحدة الاقتصادي على سلاسل التوريد الصينية، والمساعدات الأمنية الأمريكية المقدمة لتايوان، وجهود الضغط من جانب الحكومة الصينية للتأثير على الحكومات المحلية والولائية والمؤسسات الأكاديمية.

الأجندة السياسية: حظيت هذه اللجنة بدعم الحزبين، ومن المستبعَد أن يجري توجيهها سياسياً كما هو حال بقية التحقيقات التي يقودها نواب جمهوريون. لكن بعض الديمقراطيين يخشون أن التركيز المكثف على الصين ربما يؤدي لخطاب يُحفز على كراهية الأجانب، مما سيزيد المشاعر المعادية للآسيويين داخل الولايات المتحدة.

5- الانسحاب من أفغانستان
اللجان المختصة: لجنة الشؤون الخارجية بقيادة النائب الجمهوري مايكل ماكول، من ولاية تكساس، ولجنة القوات المسلحة بقيادة النائب الجمهوري مايك روجرز، من ولاية ألاباما، ولجنة الرقابة.

المسائل الموضوعية المتعلقة بالسياسات: أصدر الجمهوريون في لجنة ماكول تقريراً مؤقتاً بعنوان: "فشلٌ استراتيجي: تقييم انسحاب الإدارة من أفغانستان"، ويخطط ماكول لمواصلة التحقيق الآن بفضل سلطة الاستدعاء. ومن المتوقع أن يركز التحقيق على التخطيط الذي سبق الإخلاء، والجهود الفاشلة لإجلاء المترجمين والمقاولين الأفغان الذين ساعدوا الحكومة الأمريكية، وتداعيات الانسحاب.

الأجندة السياسية: يرى الجمهوريون في مجلس النواب أن هذا التحقيق يُعد من أكثر التحقيقات خطورة، ويمكن استغلال تلك التحريات لتقويض الثقة في كفاءة إدارة بايدن.

6- فرض القانون على الحدود
اللجان المختصة: لجنة الأمن الداخلي بقيادة النائب الجمهوري مارك غرين، من ولاية تينيسي، واللجنة القضائية، ولجنة الرقابة.

المسائل الموضوعية المتعلقة بالسياسات: لا شك أن التحقيق في نهج إدارة بايدن في التعامل مع الحدود سيحظى بتركيزٍ كبير ضمن جهود الجمهوريين على مدار العامين المقبلين، لكنهم لم يحددوا بعد شكل التوصيات السياسية التي سيقدمونها. ومن المستبعَد تمرير أي تشريع يتعلق بالهجرة في ظل تقسيم سلطات الكونغرس حالياً.

الأجندة السياسية: تستهدف التحقيقات هنا مواجهة موجات الهجرة غير المسبوقة عبر الحدود الجنوبية، التي تضغط على الموارد بالتزامن مع اندفاع إدارة بايدن لحل "الأزمة"، على حد تعبير أعضاء الحزبين.

لكن الجمهوريين سعوا في الوقت ذاته إلى استغلال سياسات بايدن الحدودية كسلاحٍ سياسي ضده وضد الديمقراطيين. كما طالبوا بسحب الثقة من وزير الأمن الداخلي أليخاندرو مايوركاس.

7- معاملة المتهمين باقتحام الكابيتول
اللجان المختصة: لم تتضح اللجان التي ستتطرق لهذه المسألة بعد. لكن من المرجح أن تشارك فيها لجنة الرقابة أو اللجنة القضائية ولجانها الفرعية الجديدة.

المسائل الموضوعية المتعلقة بالسياسات: خلال اجتماعٍ مغلق في نوفمبر/تشرين الثاني، حصل مشرعو اليمين، ومنهم النائبة مارجوري تايلور غرين، على وعدٍ من قادتهم بالتحقيق مع رئيسة مجلس النواب السابقة نانسي بيلوسي ووزارة العدل، وذلك في ما يتعلق بمعاملة المتهمين السجناء على خلفية أحداث اقتحام الكابيتول يوم 6 يناير/كانون الثاني 2021.

الأجندة السياسية: يمثل هذا الموضوع محور تركيزٍ للجمهوريين من اليمين المتشدد داخل الكونغرس، الذين حاولوا التقليل مما حدث أو تشويه الحقائق المتعلقة بالهجوم المميت. حيث قالوا إن الضحايا الحقيقيين هنا هم الأشخاص الذين دخلوا الكابيتول، وتجري محاكمتهم الآن بسبب قناعاتهم السياسية.