الإثنين 25 تشرين الثاني 2024

قمّة بوتين- بايدن... بحثاً عن "الاستقرار"

كما كان متوقَّعاً، سيلتقي الرئيس الأميركي، جو بايدن، بنظيره الروسي، فلاديمير بوتين، في قمّة ستُطرح فيها القضايا الخلافية على طاولة الحوار، وستكون مفصليّة في سياق تطوّر علاقات البلدين، لكونها ستترك أثراً على الملفات الإقليمية والدولية. وبحسب الإعلان الصادر عن الكرملين والبيت الأبيض، ستُعقد هذه القمة على أرضٍ محايدة، إذ ستستضيفها مدينة جنيف السويسرية في الـ16 من حزيران/ يونيو المقبل. ومنذ أن تولّى سدّة الرئاسة في 20 كانون الثاني/ يناير الماضي، يبدي بايدن صرامةً كبيرة حيال روسيا، عبر سعيه إلى اتّباع نهج يعكس قطيعة مع نهج سلفه، دونالد ترامب، المتّهم بـ"مُهادنة" الحكومة الروسية. إلّا أن الرئيس الأميركي يُشدّد، من ناحية أخرى، على أهمية الحوار. وهو، وإن كان قد تعهّد بفرض مزيد من العقوبات على روسيا "إذا ما واصلت تدخُّلها في ديمقراطيتنا"، يؤكّد أنه لا يسعى إلى "بدء حلقة تصعيد ونزاع".
واستبق الإعلان عن هذه القمّة، اجتماع تحضيري "إيجابي" بين وزيرَي الخارجية الروسي سيرغي لافروف، والأميركي أنتوني بلينكن، عُقد الأسبوع الماضي في ريكيافيك، ودعا فيه الوزيران إلى التعاون وإجراء حوار "صادق". لكّن ذلك لا ينفي أن قمّة بوتين - بايدن ستأتي في وقتٍ حسّاس تعيشه علاقات البلدين الثنائية، إذ يُخيّم التوتّر على جبهات كثيرة مشتركة، وهو الأمر الذي ألقى بظلاله تالياً على العلاقات الروسية - الأوروبية، التي تعيش هي الأخرى فترةً من عدم الاستقرار، على خلفية اختلاف رؤى بروكسل في عدّة ملفات، من بينها دور "الناتو"، وقضية المعارض الروسي أليكسي نافالني، التي أشعلت التوتّرات بين روسيا ودول "الأطلسي"، وأعادت عصا العقوبات الأوروبية ضدّ موسكو إلى الواجهة، إضافة إلى إعادة تحريك الملف الأوكراني الذي زاد من طين هذه العلاقات بلّة. وممّا لا شكّ فيه، أن نتائج هذه القمة ستنعكس بشكل كبير على العلاقات مع دول القارة العجوز، خصوصاً ألمانيا التي تشارك روسيا في مشروع خط أنابيب الغاز "السيل الشمالي 2"، والذي يلاقي معارضة أميركية شديدة، يبدو أن حدّتها خفّت أخيراً، لتظهر بعدها بوادر حلحلة في هذا المجال، تُرجمت عبر قرار واشنطن رفع العقوبات المفروضة على الشركات المُشرفة على المشروع. وسيكون هذا الاجتماع هو الأوّل بين الرئيسين منذ تولّي بايدن الرئاسة، وسيترافق مع اجتماعات أخرى للرئيس الأميركي مع قادة "مجموعة السبع "و"الأطلسي" في المملكة المتحدة وبروكسل، في مسعى إلى تشكيل جبهة موحّدة ضدّ موسكو. ولمناسبة هذا الاجتماع، يعتزم بايدن إثارة قضية بيلاروسيا ونظامها برئاسة ألكسندر لوكاشنكو، حليف موسكو الوثيق، خصوصاً بعد القرار الأوروبي فرض قيود على مجال بيلاروسيا الجوي رداً على مينسك المُتّهمة باعتراض طائرة مدنية بهدف اعتقال معارض شاب كان بين ركابها.
وعلى الرغم من أن الإشارات أتت إيجابية من موسكو وواشنطن بعد لقاء لافروف وبلينكن، إلّا أن الإعلان الرسمي عن قمة بوتين وبايدن جلّى بعض الواقعية، إذ أعلن البيت الأبيض أنه لا يتوقّع تحقيق "اختراق كبير خلال القمة"، معتبراً أن الهدف الأساسي منها هو جعل العلاقات بين البلدين "أكثر استقراراً"، فيما قال الكرملين إنه لا يتوقّع تحوّلاً رسمياً في العلاقات الروسية - الأميركية خلال القمة. ونَصَحَ الناطق باسمه، ديمتري بيسكوف، بتجنّب "التوقعات المبالغ فيها حول تحقيق تقدُّم خلال القمة" التي وصفها بأنها "مهمّة للغاية".