الإثنين 3 تشرين الثاني 2025

قراءة في كتاب «الضياع: الفلسطينيون من النكبة إلى عذابات الهجرة» للكاتب عبد معروف


وكالة النهار الاخبارية/ فاطمة جابر 

يتناول الكاتب عبد معروف في كتاب "الضياع" واقع الشعب الفلسطيني منذ نكبة عام 1948 وحتى مرحلة الشتات والهجرة القسرية، مسلطًا الضوء على المأساة الإنسانية والسياسية التي عاشها الفلسطينيون داخل وطنهم وخارجه.

الكتاب يوثّق رحلة الضياع الفلسطيني الممتدة لأكثر من سبعة عقود، حيث انتُزع الفلسطيني من أرضه، ووجد نفسه يعيش بين مخيمات اللجوء، والحصار، والمنفى، والبحث المستمر عن وطن وهوية.
يرى الكاتب أن الضياع ليس حدثًا تاريخيًا فحسب، بل حالة مستمرة يعيشها الفلسطيني جيلاً بعد جيل.

النكبة (1948): يصفها الكاتب كنقطة البداية للضياع، إذ أدت إلى تهجير مئات الآلاف من الفلسطينيين من قراهم ومدنهم، وسط صمت دولي وتواطؤ إقليمي.

ففي الصفحات الأولى من الكتاب، قدم المؤلف كتابه، لمن كابد مآسي النكبة عام 1948، وعاصر النكسة عام 1967، وما تبعها من عذابات السنين، هجرات وتشرد في الشتات وأنين، ورحل بحسرة العودة إلى فلسطين، وهو أيضا من تشرد من القدس وكل فلسطين وتوارث الأبناء سنوات الهجرة جيلا بعد جيل، وإلى الذين عاشوا كل مراحل الآلام مع أبناءهم وشعبهم، فرح وهيلانة ..لرحهما الرحمة والسلام. 

الشتات والمخيمات: يتناول تفاصيل الحياة القاسية في مخيمات لبنان وسوريا والأردن، حيث الفقر، والبطالة، وغياب الأمل، مع استمرار الحنين إلى الوطن.

الحروب والاحتلالات: يعرض أثر الحروب المتكررة (1967، 1982، الانتفاضات، حرب غزة...) على الفلسطينيين في الداخل والخارج، وما رافقها من تدمير وتهجير جديد.

عذابات الهجرة الحديثة: يناقش موجة الهجرة الأخيرة إلى أوروبا بعد الأزمات في سوريا ولبنان، وكيف أصبحت رحلة البحر والموت طريقًا جديدًا نحو المجهول.

الهوية والانتماء: يعالج الكاتب أزمة الهوية الفلسطينية في المنفى، والصراع بين الاندماج في المجتمعات المضيفة وبين التمسك بالذاكرة والحق في العودة.

يكتب عبد معروف بأسلوب تسجيلي توثيقي ممزوج بالعاطفة الإنسانية، معتمدًا على الشهادات الحية والروايات الشخصية للاجئين الفلسطينيين.

يجمع بين التحليل السياسي والسرد الواقعي ليُظهر كيف تحوّل الفلسطيني من صاحب أرض إلى لاجئ تائه في المنافي.

يؤكد الكاتب أن الضياع الفلسطيني هو جرح مفتوح لم يندمل بعد، وأن العالم فشل في إنصاف الشعب الفلسطيني. لكنه يشير أيضًا إلى أن التمسك بالذاكرة والهوية الوطنية هو السلاح الحقيقي في مواجهة محاولات النسيان والطمس.

كتاب "الضياع" ليس مجرد رصد للتاريخ، بل هو صرخة إنسانية ووطنية ضد الظلم والنسيان.
يقدّم عبد معروف من خلاله شهادة صادقة عن ألم المنفى، وحلم العودة، واستمرار النكبة بأشكال جديدة في كل مكان يوجد فيه الفلسطيني.