النهار الاخباريه وكالات
قال الناطق باسم حركة طالبان، ذبيح الله مجاهد، الثلاثاء 17 أغسطس/آب 2021، إنهم لا يريدون تصفية الحسابات مع أي أحد في أفغانستان، وإنهم أصدروا عفواً عن كل من وقف ضدهم؛ لأنهم لا يريدون استمرار الحرب، بل يسعون لإزالة كل أسبابها، متعهداً بالحفاظ على حقوق المرأة في إطار الشريعة الإسلامية.
جاء ذلك في أول مؤتمر صحفي لحركة طالبان في كابول، وذلك بعد ثلاثة أيام فقط من سيطرتها على العاصمة الأفغانية.
حيث ذكر ذبيح الله: "اعتباراً من اليوم نعلن انتهاء عدائنا مع كل مَن وقف ضدنا، والحرية والاستقلال حقان مشروعان للشعب الأفغاني، ونطمئن شعبنا أنهم سوف يشهدون تغييراً إيجابياً، من أجل تنظيم المجتمع في الجانب الاقتصادي والاجتماعي".
كما شدّد الناطق باسم حركة طالبان على أن "الشعب الأفغاني كله شريك في الإنجاز الذي تحقق بتحرير البلاد من المحتلين"، موضحاً أنهم لم يخسروا أياً من مسلحيهم عند دخولهم العاصمة كابول، وقال: "بعض المخربين استغلوا الفوضى".
كما أضاف: "لن يتعرض أي شخص من الولايات المتحدة أو المجتمع الدولي للأذى"، موضحاً الاتصالات مع الدول الأخرى ستستمر.
أما بخصوص تشكيل الحكومة الجديدة، فذكر المتحدث ذاته أن معالم هذه الحكومة ستتضح بمجرد أن تسمح بذلك الأوضاع المضطربة في كابول، مشيراً إلى أنهم سيصلون قريباً إلى تسوية يتم من خلالها إنشاء حكومة إسلامية في البلاد.
كذلك، تعهد ذبيح الله بأن تصبح أفغانستان، التي تقول إحدى وكالات مكافحة المخدرات التابعة للأمم المتحدة إنها مصدر معظم الهيروين في العالم، خالية من المخدرات، مطالباً المجتمع الدولي بمساعدة المزارعين على زراعة محاصيل بديلة بعدما اعتمدوا على زراعة الخشاش الذي يصنع منه الأفيون لكسب العيش.
رسائل طمانة
كذلك جدّد ذبيح الله التأكيد على رسائل الطمأنة التي تسعى حركة طالبان إلى إرسالها للجميع في الداخل والخارج، إذ قال: "نطمئن العالم، وخاصة الولايات المتحدة، بأن الأراضي الأفغانية لن تُستخدم ضد الآخرين، وسنحترم المعتقدات الدينية والقيم الروحية لجميع الأفغان. ولا نريد للمتعاونين مع الاحتلال، ولا من أفراد النظام السابق، أن يغادروا بلدهم، وعليهم العودة لبيوتهم ولن يضرهم أحد، لأنهم شركاؤنا في بناء وطننا".
أما في الوقت الذي أكد فيه أنهم منفتحون على النقد، وأنه بإمكان وسائل الإعلام الخاصة في أفغانستان أن تواصل عملها بحرية واستقلال، طالب وسائل الإعلام بالحيادية، وأضاف: "لن نسمح لأي وسيلة إعلامية بمخالفة قيم الشعب الأفغاني أو تعاليم الإسلام".
ولفت المتحدث ذاته إلى أنهم سيعملون على تأمين العاصمة كابول وضواحيها والسفارات والبعثات الدبلوماسية، مؤكداً أنهم دخلوا كابول لحفظ الأمن، خاصة أن حكومة الرئيس السابق أشرف غني خذلتهم وأخلت المواقع الأمنية دون تنسيق، الأمر الذي أدى لاستغلال البعض حالة الفوضى والفراغ الأمني، ما استدعى دخولهم العاصمة.
وصول الملا برادر إلى قندهار
في السياق، أعلن متحدث باسم حركة طالبان، في تغريدة على "تويتر"، إن الملا عبد الغني برادر، رئيس المكتب السياسي للحركة، وصل إقليم قندهار الأفغاني بصحبة وفد.
يشار إلى أن برادر، وهو من مؤسسي الحركة، يتولى رئاسة المكتب السياسي للحركة حالياً، وهو عضو في الفريق المفاوض التابع لطالبان، والذي كان في الدوحة حيث تجري محادثات بشأن وقف لإطلاق النار.
كانت قوات الأمن قد اعتقلت برادر عام 2010 في مدينة كراتشي بجنوب باكستان ثم أطلقت سراحه عام 2018.
سيطرة طالبان
كانت "طالبان" قد أعلنت، الأحد 15 أغسطس/آب الجاري، سيطرتها على العاصمة كابول، وعواصم ولايات لغمان وميدان وردك وباميان وخوست وكابيسا وننغرهار ودايكندي في البلاد.
بذلك، باتت 31 عاصمة (مركز) ولاية أفغانية من أصل 34 في قبضة "طالبان"، بعد سيطرتها الأحد على عواصم 7 ولايات.
في حين أفادت مصادر محلية، الأحد، بمغادرة الرئيس الأفغاني أشرف غني البلاد، ونقلت وكالة رويترز عمن وصفته بالمسؤول الكبير في وزارة الداخلية الأفغانية أنَّ غني غادر إلى طاجيكستان.
من جهته، قال مكتب الرئيس الأفغاني لوكالة رويترز، إنه لا يمكنهم الإفصاح عن أي شيء بخصوص تحركات غني، لأسباب أمنية.
يُذكر أن "طالبان" كانت قد تمكنت قبل أقل من 3 أسابيع على سحب الولايات المتحدة آخر قواتها، من السيطرة على جزء كبير من شمال أفغانستان وغربها وجنوبها.
نتيجة لذلك، استولت "طالبان" على كل أفغانستان تقريباً فيما يزيد قليلاً على أسبوع، رغم مليارات الدولارات التي أنفقتها الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي "الناتو" على مدى ما يقرب من 20 عاماً، لبناء قوات الأمن الأفغانية.
كان الرئيس الأمريكي جو بايدن قد صرّح، قبل أيام، بأنه غير نادم على قراره مواصلة الانسحاب، منوهاً إلى أن واشنطن أنفقت أكثر من تريليون دولار وفقدت آلاف الجنود خلال 20 عاماً، ودعا الجيش والزعماء الأفغان إلى التصدي للتحدي.
يشار إلى أنه منذ مايو/أيار الماضي، تصاعد العنف في أفغانستان، مع اتساع رقعة نفوذ "طالبان"، تزامناً مع بدء المرحلة الأخيرة من انسحاب القوات الأمريكية المقرر اكتماله بحلول 31 أغسطس/آب الجاري.
فيما تعاني أفغانستان حرباً منذ عام 2001، حين أطاح تحالف عسكري دولي تقوده واشنطن بحكم طالبان؛ لارتباطها آنذاك بتنظيم "القاعدة" الذي تبنى هجمات 11 سبتمبر/أيلول من العام نفسه في الولايات المتحدة