شدد رئيس تحرير موقع "ذا ديسباتش" جوناه غولدبيرغ على ضرورة الفصل بين المشاعر والوقائع عند معالجة الملف الأفغاني.
أكثر سيناريو ترجيحاً هو اندلاع حرب أهلية في وقت قريب. ستسقط كابول بنفس سرعة ورعب سقوط عاصمة فيتنام الجنوبيةفالرئيس الأمريكي جو بايدن يشعر بأن الوقت قد حان لإنهاء الحرب في أفغانستان، وهكذا يفعل معظم الأمريكيين. ويعترف الكاتب بأن هذا الشعور يخالجه أيضاً. لكن يجب ألا يصغي الأمريكيون للأحاسيس في نهاية المطاف. خلال كلمته المتلفزة التي ألقاها بغرض إعلان قراره، كرر بايدن أن الانسحاب الأمريكي من أفغانستان لا يمكن "أن يرتبط بالظروف على الأرض"، لأن لا أحد يستطيع قول ما هي الظروف التي يجب أن تتحقق من أجل الرحيل.
مشكلة في الأسئلة
فسر مسؤول أمريكي بارز للمراسلين أن قرار الرئيس "ليس مستنداً إلى شروط. لقد قيّم الرئيس أن مقاربة (الانسحاب) المبني على الشروط، والتي شكلت مقاربةَ العقدين الماضيين، هي وصفة للبقاء في أفغانستان إلى الأبد". يرد غولدبيرغ بأن عبارة "غير مستند إلى الشروط" هي طريقة أخرى لقول إنه انسحاب "غير مشروط". لكنه يتساءل أيضاً عما إذا كانت المشكلة في الأسئلة بدلاً من الأجوبة. يشير إلى أن الولايات المتحدة لديها شرطة ورجال إطفاء ومسعفون، ولن يقول أحد: "علينا التخلص منهم لأن لا أحد يستطيع وصف كيف ستبدو الظروف حين لن نكون بحاجة إليهم بعد اليوم". وأضاف أن سؤال "كيف ينتهي هذا؟" هو خاطئ لأنه سيكون هنالك دوماً جرائم وحرائق وطوارئ صحية.
شرطي أفغانستان؟
ينفي الكاتب أن يكون من معتنقي فكرة تولي الولايات المتحدة دور شرطي العالم، فهي ليست كذلك ولا تستطيع أن تكون كذلك. ويذكر العديد من الأماكن التي تدور فيها أحداث فظيعة حول العالم، ومع ذلك، لا ترسل واشنطن جنودها لوقفها. لكن الجنود الأمريكيين ليسوا موجودين في أفغانستان من أجل فرض النظام في العالم ولا حتى في أفغانستان. الولايات المتحدة هناك لضمان عدم استيلاء طالبان مجدداً على البلاد وجعلها ملاذاً آمناً للإرهاب مرة أخرى. يرى البعض أن لا حاجة للوجود الأمريكي هناك. يرد الكاتب بأن هذه الحجة ليست صحيحة، والسبب الجزئي لذلك، هو قول مؤيديها إن الشروط على الأرض غير مهمة. لماذا لا يقولون "لقد استوفينا الشروط الضرورية؟" يسأل غولدبيرغ.
مجافٍ للمنطق ومحيّر
إن عدم قدرة البيت الأبيض على التحدث عن استيفاء الشروط يظهر أن السبب الحقيقي للانسحاب ليس في أفغانستان بل في الولايات المتحدة. وهذا السبب هو الإرهاق. ثمة نقاش حاد بين الأكاديميين حول مدى تأدية الحرب السوفياتية في أفغانستان دوراً في انهيار الاتحاد السوفياتي. لكن لا نقاش حول أن الهزيمة السوفياتية أدت إلى بروز طالبان والقاعدة. وقال حينها الزعيم السابق لتنظيم القاعدة أسامة بن لادن تعليقاً على الحدث إن أسطورة القوة العظمى تدمرت وكذلك النوم والتعب. يؤكد غولدبيرغ أن فكرة البعض حول عدم وصف طالبان وإسلامويين آخرين لمغادرة الجيش الأمريكي أفغانستان بالهزيمة، هي فكرة مجافية للمنطق. ومن بين جميع جوانب قراره، إن اختيار بايدن لتاريخ 11 سبتمبر كموعد نهائي للانسحاب هو أكثر أمر إثارة للحيرة بحسب الكاتب.
السيناريو المرجح
يصر البيت الأبيض على أن حكومة كابول تستطيع صد طالبان بمفردها وأنه سيكون بإمكان واشنطن شن عمليات ضد الملاذات الآمنة للإرهابيين عبر طائرات بدون طيار أو عبر أصول أخرى من خارج أفغانستان. هذا مشكوك فيه. والأمر نفسه ينطبق على الزعم بأن الإدارة قادرة على استخدام الضغط الديبلوماسي والعقوبات لمنع طالبان من قتل من تصفهم بالمرتدين أو من ممارسة الوحشية ضد النساء. إذا لم تستطع 20 سنة من الحرب أن تفعل ذلك فمن غير المرجح أن يكون حظر السفر وتجميد الحسابات في البنوك أكثر فاعلية.
يكرر غولدبيرغ القول إنه يشعر بالإرهاق أيضاً ويأمل في أن يكون بايدن محقاً. لكن المشاعر والآمال ليست براهين. إن أكثر سيناريو ترجيحاً هو اندلاع حرب أهلية في وقت قريب. ستسقط كابول بنفس سرعة ورعب سقوط عاصمة فيتنام الجنوبية. وسيكون لهذا الرئيس أو الرئيس المقبل مشكلة أسوأ من مجرد الاحتفاظ بقوة رمزية قيّدت طالبان طوال عشرين عاماً.