الأربعاء 2 تشرين الأول 2024

سفينة روسية تثير قلق واشنطن.. توقفت في جنوب إفريقيا وأطفأت أجهزة الإرسال والاستقبال الآلية

النهار الاخبارية - وكالات 

أفاد تقرير لصحيفة The Wall Street Journal الأمريكية، الإثنين 9 يناير/كانون الثاني 2023، بأن سفينة تجارية روسية، يُزعم أن مُلاكها نقلوا أسلحة من أجل الكرملين، أغلقت جهاز الإرسال والاستقبال الخاص بها في ديسمبر/كانون الأول الماضي، قبل أن ترسو "خلسة" في أكبر قاعدة بحرية بجنوب إفريقيا، حيث سلمت وحملت شحنات غير محددة، وذلك وفقاً لشهودٍ ومسؤولٍ أمريكيٍّ بارز.

بحسب الصحيفة، فإن جنوب إفريقيا رفضت توضيح ماهية الشحنات التي سلمتها السفينة، أو ماهية الشحنات التي حُمِّلت على متنها في قاعدة سيمونز تاون البحرية. حيث "استهجنت" وزيرة الدفاع بالبلد الإفريقي تساؤلات الولايات المتحدة، وقالت إن واشنطن "تهدد إفريقيا، وليس فقط جنوب إفريقيا، في حال امتلاك أي شيء تُشم فيه حتى رائحة روسيا".

وتسببت زيارة السفينة "ليدي آر"، التي تملكها شركة الشحن الروسية MG-FLOT LLC، في توتر العلاقات بين واشنطن وبريتوريا، في حين يُظهر هذا الموقف أيضاً الصعوبة التي تواجهها الولايات المتحدة وحلفاؤها لفرض العقوبات ضد موسكو، وفق الصحيفة ذاتها.

لم ترد شركة MG-FLOT على طلبات التعليق التي أُرسلت إليها عبر عناوين البريد الإلكتروني المتاحة للشركة على الإنترنت. وكذلك لم ترد السفارة الروسية في بريتوريا ولا الكرملين على طلبات التعليق المرسلة عبر البريد الإلكتروني.

قلق أمريكي
بدوره، قال مسؤول أمريكي بارز إن واشنطن كانت قلقة من الدعم الذي قدمته القوات المسلحة الجنوب الإفريقية إلى السفينة "ليدي آر"، والذي تضمن السماح لها بإدخال شحنة إلى قاعدة بحرية ونقل شحنة أخرى منها، بينما كان نظام التعرف الآلي الخاص بالسفينة مغلقاً.

على مدى ليلتين، وبينما كانت مدينة سيمونز تاون غارقة في الظلام بسبب انقطاعات الكهرباء على مستوى البلاد، نقلت رافعة متحركةٌ الصناديق من وإلى السفينة البالغ طولها 122 متراً، تحت إشراف القوات المسلحة، حسبما أفاد الشهود وحسبما أوضحت الصور التي اطلعت عليها "ذا وول ستريت جورنال".

في السياق، قال المسؤول الأمريكي: "ليست هناك معلومات متاحة علناً حول مصدر الحاويات التي حُمِّلت على متن السفينة ليدي آر".

فيما غادرت السفينة "ليدي آر" قاعدة سيمونز تاون صباح 9 ديسمبر/كانون الأول، وعندما بدأت السفينة في بث موقعها مجدداً مساء ذلك اليوم، كانت راسية على بُعد أكثر من 100 ميل شرق مدينة سيمونز تاون، وهو ما أظهرته خدمات التتبع.

منذ منتصف ديسمبر/كانون الأول، كانت السفينة راسية قبالة ساحل موزمبيق، حيث سُحبت إلى ميناء بيرا في مطلع هذا الأسبوع، وذلك وفقاً لخدمات تتبُّع السفن، التي أفادت بأن وجهتها هي مدينة إسطنبول. وانطلاقاً من إسطنبول، تكون الرحلة إلى موانئ البحر الأسود في روسيا قصيرة نسبياً.

"ذخائر قادمة من روسيا"!
من جانبه، قال كوبوس ماريه، المشرع البرلماني الجنوب الإفريقي ومتحدث الدفاع باسم التحالف الديمقراطي المعارض في جنوب إفريقيا، إنه أُبلغ أن "ليدي آر" سلمت ذخيرة قادمة من روسيا، مع أن تلك الشحنات كانت ستُستورد في المعتاد عبر الموانئ التجارية.

كانت الولايات المتحدة قد فرضت عقوبات على السفينة "ليدي آر" وشركة MG-FLOT في 8 مايو/أيار من العام الماضي، عندما كانت الشركة تستخدم اسم Transmorflot LLC، في حين قالت واشنطن إن الشركة وسفنها كانت تشحن أسلحة لصالح الحكومة الروسية.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، عندما علمت الولايات المتحدة أن السفينة "ليدي آر" كانت متجهة إلى جنوب إفريقيا، حذرت السفارة الأمريكية حكومة جنوب إفريقيا من واقع خضوع السفينة لعقوبات، وذلك وفقاً لمسؤول أمريكي بارز.

بموجب القانون الأمريكي، تستطيع واشنطن فرض عقوبات على أي كيان أو شخص أو بلد يقدم خدمات إلى أي سفينة تخضع للعقوبات.

وأوضح المسؤول الأمريكي أن السفارة لم تتلق أي رد من حكومة جنوب إفريقيا حول تحذيرها المتعلق بالسفينة "ليدي آر".

أغلقت أجهزة الإرسال والاستقبال
تشير خدمات تتبُّع السفن إلى أن السفينة "ليدي آر" أغلقت أجهزة الإرسال والاستقبال الآلية، التي تبث هوية السفينة وموقعها إلى السفن الأخرى وإلى السلطات البحرية. بينما قال الشهود إن زوجاً من زوارق القَطر البحرية ساعدا السفينة لتصل إلى مرسى بالقاعدة البحرية في سيمونز تاون القريبة من مدينة كيب تاون.

وأوضحوا أنهم شاهدوا شاحنات مصحوبة بمركبات حراسة تحمل حاويات شحن وتتجه نحو القاعدة ليلاً. في حين قالت إحدى سكان المدينة إنه جرى تعقُّبها في شوارع مدينة سيمونز تاون الخالية بعد أن حاولت تعقب شاحنة خاوية كانت تغادر القاعدة.

وفي إفادة صحفية في 22 ديسمبر/كانون الأول الماضي، قالت وزيرة الدفاع في جنوب إفريقيا ثاندي مودايس، إنها كانت في انتظار الأوراق التي تحتوي على مزيد من المعلومات حول الشحنة، قبل أن تعلق على سبب توقف السفينة "ليدي آر" في القاعدة البحرية، وما هي الشحنات التي أُنزلت منها والتي حُمِّلت على متنها.

وأوضحت الوزيرة ثاندي: "أياً كانت المحتويات التي كانت هذه السفينة تجلبها، فقد طُلبت قبل كوفيد بوقت طويل"، واستدعت الوزيرة في حديثها، ما قالت إنه ضغط أمريكي غير مبرر على البلاد الإفريقية التي تحافظ على علاقاتها مع روسيا.

لم يرد متحدث باسم الوزيرة ثاندي على مكالمات هاتفية ورسائل تطلب التعليق على وجود السفينة "ليدي آر" في قاعدة سيمونز تاون البحرية، وعلى تصريحات المسؤول الأمريكي. كذلك لم ترد القوات المسلحة الجنوب الإفريقية على طلبات للتعليق، بحسب الصحيفة.

ثمة بعض "الغموض"
من جانبه، قال دارين أوليفر، مدير شركة African Defence Review للتحليلات الدفاعية والاستشارات، إن من المنطقي قول إن السفينة "ليدي آر" كانت تسلم شحنة ذخيرة قادمة من روسيا. ففي عام 2020، صرحت جنوب إفريقيا باستيراد 4.5 مليون طلقة ذخيرة روسية تبلغ قيمتها 585 ألف دولار.

وأوضح قائلاً إن ثمة بعض الغموض الذي يكتنف ماهية الشحنة التي حُمِّلت إلى السفينة. وأضاف: "الصناعة الدفاعية لجنوب إفريقيا لا تنتج في العموم أسلحة ومنظومات كاملة مستخدمة من قبل الجيش الروسي".

لكنه أشار إلى أن روسيا قد تكون مهتمة بالعناصر ذات الاستخدامات المزدوجة، مثل نظم التوجيه والتحكم والبصريات، التي يمكن استخدامها في إنتاج الطائرات بدون طيار.

تجدر الإشارة إلى أن حزب المؤتمر الوطني الإفريقي الحاكم في جنوب إفريقيا، تجمعه علاقات وثيقة مع موسكو يعود تاريخها إلى دعم الاتحاد السوفييتي لنضال الحزب ضد حكم الأقلية البيضاء.