الثلاثاء 26 تشرين الثاني 2024

زيارة مصيرية


عاموس غلعاد - رئيس معهد السياسات والاستراتيجيا في مركز هرتسليا المتعدد المجالات
من المتوقع أن يقوم رئيس الحكومة نفتالي بينت بزيارة إلى الولايات المتحدة، وليس من المبالغة القول إن هذه الزيارة ستكون إحدى أهم الزيارات بالنسبة إلى إسرائيل بسبب المسائل المركزية التي سيجري حسمها. وستشكل الزيارة مناسبة للرئيس بايدن لإظهار صداقته وتقديره العميق لإسرائيل الدولة اليهودية والديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط.
قبل كل شيء ستُطرح مسألة التهديد الإيراني. يمكن القول إن الحكومة السابقة أخفقت استراتيجياً في لجم إيران في سباقها للحصول على خيار عسكري نووي. يتلخص الإخفاق في أن إسرائيل ساهمت بوسائل متعددة في إقناع الرئيس السابق دونالد ترامب بالانسحاب بصورة أحادية الجانب من الاتفاق النووي بين الولايات المتحدة وإيران. في نظرة إلى الوراء، مهما كان الاتفاق سيئاً فإنه يبقى أفضل من الأوهام التي انتشرت بأن فرض عقوبات اقتصادية وعزلة على إيران سيؤديان إلى كسرها من الداخل وسيوقف عملية تطوير قدرة عسكرية نووية. على الرغم من العمليات الممتازة والعقوبات المشددة فإن إيران تتقدم نحو الهدف، أي جمع معرفة وقدرات كقاعدة لاتخاذ قرار سياسي بشأن توقيت القفزة للحصول على سلاح نووي. 
بحسب سمات سياستها في الشرق الأوسط، تبدو الولايات المتحدة معنية بتجديد الاتفاق النووي. وإذا جرى ذلك فستجد إسرائيل نفسها معزولة ولا تستطيع من ناحية استراتيجية - سياسية شن هجوم عسكري على المشروع النووي الإيراني. إذا لم يوقَّع اتفاق فسيكون مطلوباً من إسرائيل عملية بناء قوة استثنائية في حجمها وتفوقها، الأمر الذي سيتطلب أيضاً تنسيقاً وتعاوناً مع الولايات المتحدة. لذا، الخيار الاستراتيجي أمام إسرائيل هو إنشاء منظومة تنسيق شاملة واسعة ونوعية مع الولايات المتحدة ومع شركاء آخرين في مواجهة إيران. يجب أن نضيف إلى ذلك البعد الإقليمي الذي يتمحور على إصرار إيران على محاصرة إسرائيل بقدرات من القذائف والصواريخ والمسيّرات المسلحة بالذخيرة بالاعتماد على القوى الخاضعة لإرادتها، والتي لا تحترم سيادة الدول التي تنشط داخل أراضيها (لبنان، وسورية، والعراق واليمن وغيرها).
الموضوع الثاني – مكان إسرائيل من سلوك الولايات المتحدة في مواجهة الصين. من المهم جداً أن تحافظ إسرائيل على علاقات اقتصادية وثيقة بالصين - لكن يبدو أن الولايات المتحدة تعتبر الصين تهديداً مركزياً لأمنها القومي، لذا، على خلفية الأزمة التي كانت في الماضي بين الصين والولايات المتحدة، من الضروري أن يقدم رئيس الحكومة ضمانات بأن إسرائيل ستكون جزءاً من منظومة القوى الدولية بزعامة الولايات المتحدة في مواجهة التحدي الأمني القومي الذي تمثله الصين.
نوصي رئيس الحكومة بشدة أن يقدم خلال زيارته سياسة شاملة لترميم العلاقات مع يهود الولايات المتحدة بكل تياراتهم والحصول على التأييد الشامل من الحزبين الكبيرين، والذي كانت إسرائيل تتمتع به أعواماً عديدة.
بالإضافة إلى كل ما قيل سابقاً، بقدر ما سيسمح الوقت سيكون في محور الزيارة مسائل مهمة أُخرى، وفي مقدمتها المحافظة على التفوق النوعي للجيش الإسرائيلي، وتركيا وسياستها في الشرق الأوسط، وتهديد الإرهاب وقضاياه، واستقرار الأنظمة العربية السنية في الشرق الأوسط.
يتعين على رئيس الحكومة بناء ثقة حقيقية بالرئيس بايدن كمفتاح لتقديم جواب شامل عن مسائل أمنية وطنية تواجهها إسرائيل، ونجاح رئيس الحكومة سيكون نجاحاً للدولة كلها.