النهار الاخباريه وكالات
أعرب توماس كين، الذي ترأس لجنة التحقيق اعتداءات 11 سبتمبر (أيلول) 2001 وشارك في إعداد التقرير الصادر عقب انتهاء التحقيقات، أنه كان من الممكن منع وقوع الهجوم، مشيراً إلى أن تقرير اللجنة استنتج أنه إذا كان الرئيس الأميركي السابق جورج دبليو بوش، ومن قبله الرئيس السابق بيل كلينتون، قد تصرفا بشكل مغاير، لكان ممكناً الحيلولة دون وقوع الهجوم أو إحباطه.
وأضاف كين أن التقرير النهائي للجنة أوضح أن كلا الرئيسين السابقين "اتخذا قرارات معقولة ولكن بعد فوات الأوان، وأنه كان من الممكن اتخاذ الكثير من القرارات بشكل مختلف"، كما نقلت عنه صحيفة "الغارديان" البريطانية".
يتذكر كين أنه في 11 سبتمبر كان يتحدث مع طبيبه عبر الهاتف، عندما طلب الأخير منه فتح التلفاز ومشاهدة ما يحدث بمركز التجارة العالمي، قائلاً: "قمت بتشغيله وتركته يعمل حتى وصول الطائرة الثانية".
حينها كان كين رئيس جامعة "درو" في ولاية نيوجيرسي، وهرع إلى الحرم الجامعي قلقاً من احتمال أن يكون طلابه من بين ضحايا الهجمات وذلك بالنظر إلى مدى قرب المكان من نيويورك. وقال لصحيفة "الغارديان" إنه لا أحد تقريباً بالمكان الذي يعيش فيه لم يتأثر بالهجمات، مضيفاً: "لا توجد بلدة لم تفقد أناساً".
وقضى حوالى 3 آلاف شخص خلال الاعتداءات. وطالبت عائلات الضحايا بتحقيق بشأن ما حدث وكيف ولماذا حدث، والإخفاقات، والدروس المستفادة لمنع تكرار أمر مشابه.
كينسجر كان الخيار الأول
وفي عام 2002، كان أول خيار للرئيس السابق جورج دبليو بوش لقيادة لجنة هجمات سبتمبر هو هنري كيسنجر، وزير الخارجية السابق، والسيناتور السابق جورج ميتشل نائباً له، لكن رفض الاثنان بسبب تضارب المصالح.
وذهبت المهمة بدلاً من ذلك إلى كين، الحاكم الجمهوري السابق لولاية نيوجيرسي، ولي هاميلتون عضو الكونغرس الجمهوري السابق من ولاية إنديانا.
وقال كين: "شعرت كما لو أن جبلاً سقط عليّ. عرض ثلاثة رؤساء مناصب وزارية علي لكنني رفضتها. قررت أنني أنهيت عملي بالحكومة واتجهت لأمور أخرى، لكن بالنظر إلى حقيقة أنني فقدت أصدقاء، وأنه من الصعب قول لا لرئيس الولايات المتحدة، لم أعتقد أن هناك خياراً آخر سوى هذا. لذا وافقت. وفكرت بعدها مباشرة: يا إلهي، ما الذي أقحمت نفسي فيه؟".
وعقد كين وفريقه اجتماعا سرياً مع رئيس الاستخبارات البريطانية الذي حلق إلى الولايات المتحدة. وأجروا استجواباً مع الرئيس السابق بيل كلينتون، ونائب الرئيس ديك تشيني، وبوش نفسه، الذي استمرت جلسته ساعتين أو ثلاث ساعات.
السجلات الحكومية
تحت الضغط المستمر من عائلات القتلى التي حضرت جلسات الاستماع العامة بصور ضحاياهم، حاولت اللجنة ألا تدخر جهداً في سعيها للحصول على السجلات الحكومية. لكن الطريق إلى الشفافية لم يكن سهلاً.
يقول كين "لم يرغبوا في إعطائها لنا. كان علينا أن نكافح من أجل إجراء مقابلات مع الرئيس ، ونكافح من أجل الاطلاع على الإيجازات الرئاسية اليومية ، ونكافح من أجل الحصول على معلومات في بعض الأحيان زعموا أنها سرية للغاية حتى بالنسبة لنا. لكن أخيراً ، في النهاية ، حصلنا على كل شيء طلبناه وتمكنا من كتابة التقرير الذي قمنا به لأننا كان لدينا وصول كامل إلى جميع المعلومات ".
وحصل كين وزملاؤه على اطلاع غير مسبوق على إيجازات الرئيس اليومية، وملخص للمعلومات عالية المستوى وتحليل لقضايا الأمن القومي. تمت إزالة الوثائق من الخزائن حتى يتمكن المفوضون من قراءتها وتدوين الملاحظات، على الرغم من عدم السماح لمذكراتهم بمغادرة الغرفة المغلقة.
كانت إحداها مؤرخة بتاريخ 6 أغسطس (آب) 2001 بعنوان "(أسامة) بن لادن مصمم على ضرب الولايات المتحدة". وأقنع المفوضون البيت الأبيض بجعل هذه الوثيقة أول موجز يومي للرئيس يراه الجمهور على الإطلاق.
لا شيء يدين السعودية
شعر كين أن معظم الوثائق التي تم تصنيفها لا ينبغي أن تكون كذلك.
وكان الرئيس الأميركي، جو بايدن، قد وقع أمراً تنفيذياً موجهاً لوزارة العدل والوكالات الأخرى ذات الصلة بوثائق التحقيقات في الهجمات، يدعوها إلى مراجعة عملية رفع السرية بعد أن وقع ذوو الضحايا عريضة موجهة إلى الرئيس يدعونه إلى كشفها.
ونوه كين إلى عدم عثوره على أي شيء قد يدين السعودية في جميع الوثائق التي نُشرت والتي لم تُنشر حول الهجمات.
وقال إن تقرير اللجنة لم يعثر على "أي دليل على أن الحكومة السعودية كمؤسسة أو كبار المسؤولين السعوديين قاموا بشكل فردي بتمويل" تنظيم "القاعدة"، مؤكداً أن "جميع الوثائق التي قرأتها، ومن بينها تلك التي تريد عائلات الضحايا الإعلان عنها الآن، لم أجد فيها أي شيئاً يشير إلى أي مشاركة من قبل مسؤولي السعودية"، بحسب الصحيفة.
وأضاف أنه عثر على المزيد من المعلومات حول "تورط إيران المحتمل أكثر من السعودية"، مشيراً إلى أنه وأعضاء اللجنة كان لديهم تصميم على مطاردة كل خيط، بغض النظر عن مدى وحشيته أو عدم احتماله.
وحسم كين الأمر بقوله إنه حرص على أن يتم تعقب كل خيط أو حتى نظرية مؤامرة، و"إذا كانت صحيحة، فسيتم إدراجها في التقرير؛ وإذا لم تكن صحيحة، يتم إسقاطها"، ومن ثم التحقيق في كل نظرية مؤامرة على حدة "وأسقطنا معظمها".
ترحيب سعودي
وكانت السفارة السعودية في الولايات المتحدة الأميركية قد رحبت بقرار رفع السرية عن الوثائق المحجوبة والمتعلقة بهجمات 11 سبتمبر. وقالت في بيان لها إن "القيادة السعودية دعت باستمرار طيلة العشرين عاماً الماضية إلى الإفراج عن جميع المواد المتعلقة بتحقيق الولايات المتحدة في الهجمات".
ولفت البيان إلى أن الرياض دعت إلى الشفافية في كل ما يتعلق بـ"مأساة 11 سبتمبر".
وأكدت السفارة في بيانها أنها كررت دائماً دعمها رفع السرية الكامل عن أي وثائق ومواد تتعلق بتحقيق الولايات المتحدة في الهجمات الإرهابية، على أمل أن يؤدي الإفراج الكامل عن هذه الوثائق إلى "إنهاء المزاعم التي لا أساس لها مرة واحدة وإلى الأبد".
وأضافت "التحقيقات السابقة التي أجرتها لجنة الحادي عشر من سبتمبر والتي انتهت بإصدار ما يسمى بـ(28 صفحة)، لم تُظهر أي دليل على الإطلاق يشير إلى أن الحكومة السعودية أو مسؤوليها كانوا على علم مسبق بالهجوم الإرهابي، أو كانوا متورطين بها بأي شكل من الأشكال المشاركة في التخطيط أو التنفيذ".
وعادت لتؤكد أن أي ادعاء بتورطها في الهجمات هو "ادعاء خاطئ ولا أساس له، وهو ما أكدته إدارات الرؤساء السابقين الأربعة للولايات المتحدة". وقالت "إن الرياض أدانت واستنكرت بشكل قاطع الجرائم المؤسفة التي ارتكبت ضد الولايات المتحدة، حليفها المقرب وشريكتها