الإثنين 25 تشرين الثاني 2024

بريطانيا تتحدى القضاء و”تصر” على إرسال المهاجرين إلى رواندا..

لا يزال أكثر من 24 ألف طالب لجوء من حوالي ثلث دول العالم معرضين للترحيل إلى رواندا من جانب وزارة الداخلية البريطانية على الرغم ما قضت به محكمة الاستئناف الخميس 29 يونيو/حزيران من عدم قانونية هذا البرنامج، بحسب ما نشرت صحيفة The Guardian البريطانية السبت 1 يوليو/تموز 2023. 

وتُظهر بيانات من وزارة الداخلية حُصل عليها بموجب طلب حرية المعلومات أنه، بين يناير/كانون الثاني عام 2021 ومارس/آذار عام 2023، صدرت خطابات لـ 24.083 طالب لجوء تحذرهم من إمكانية ترحيلهم قسرياً.

وخطابات النوايا هذه تصدر بعد إعلان وزارة الداخلية عدم قبول طلبات لجوء. وهي تعني أنه لا يمكن البتّ في طلب اللجوء في المملكة المتحدة؛ لأن طالب اللجوء مرّ في السابق عبر بلد آمن قبل وصوله إلى بريطانيا، وأنه يلزم إرسال الشخص إلى بلد ثالث آمن للبتّ في طلبه هناك.

والدولة الوحيدة التي أبرمت معها المملكة المتحدة اتفاقية لفعل ذلك هي رواندا، ولكن لأن الإجراءات القانونية لم تنتهِ بعد، انضمت هذه الطلبات إلى سجل وزارة الداخلية من الطلبات المكدسة.

ووفقاً لبيانات وزارة الداخلية، يحتل الألبان المرتبة الأولى في خطابات النوايا 

بـ3859 خطاباً. ومن بين العشرة الأوائل أيضاً الإيرانيون بـ2715 خطاباً، والإريتريون بـ2558 خطاباً، والأفغان بـ2555 خطاباً.

ورغم ما قضت به محكمة الاستئناف من عدم قانونية هذا البرنامج، قالت الحكومتان البريطانية والرواندية إنهما ملتزمتان بتحقيقه. وقالت الحكومة البريطانية الخميس، إنها تخطط لطلب الإذن بالطعن أمام المحكمة العليا في أعقاب قرار محكمة الاستئناف.

اتفاق "فاشل" 
يذكر أنه في الحكم المؤلف من 161 صفحة، أشار القضاة في تعليلهم لهذا القرار إلى فشل اتفاق مماثل بين إسرائيل ورواندا عام 2013، وفقاً لموقع Middle East Eye البريطاني.

ففي اتفاق لم يُعلن عنه حينذاك، قيل إن إسرائيل عرضت على طالبي اللجوء الاختيار بين احتجازهم في إسرائيل أو منحهم 3500 دولار وترحيلهم إلى رواندا، حيث يمكنهم نظرياً محاولة طلب اللجوء.

ومن بين حوالي 4000 شخص رحَّلتهم إسرائيل إلى رواندا، يُعتقد أن جميعهم تقريباً غادروها في الحال، وكثير منهم حاولوا الذهاب إلى أوروبا بمساعدة المهربين.

وأجرت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، التي استشهد القضاة بأدلتها في قضية الاستئناف، مقابلات مع لاجئين أُرسلوا من إسرائيل إلى رواندا بين عامي 2015 و2017، وقالوا إنهم "كانوا يُنقلون بشكل روتيني سراً إلى أوغندا حتى لو كانوا راغبين في البقاء في رواندا".

وكشفت مقابلات أجريت مع 80 من طالبي اللجوء الإريتريين والسودانيين الذين نقلوا إلى هناك بموجب اتفاق إسرائيل، أن كثيرين شعروا أنه لا خيار أمامهم سوى السفر "مئات الآلاف من الكيلومترات عبر مناطق الصراع" وأنهم تعرضوا "لانتهاكات وتعذيب وابتزاز" في محاولتهم الوصول إلى أوروبا.

كان هذا بسبب عدم منحهم الفرصة لتقديم طلبات لجوئهم في رواندا، والمخاوف من الاعتقال والتهديد بالترحيل والزيارات العشوائية الليلية من جانب عملاء مجهولين.

وحددت المفوضية 50 حالة إعادة قسرية، الإعادة القسرية لطالبي اللجوء إلى دول قد يتعرضون فيها للاضطهاد، في حالة اتفاق إسرائيل ورواندا.

من جانبه، قال لورانس بوتينيك، كبير المسؤولين القانونيين في المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في المملكة المتحدة، إن اتفاقية المملكة المتحدة ورواندا، على هذا الأساس، ستتسبب في خطر تهريب البشر وزيادة عدد طالبي اللجوء الذين يتعرضون لرحلات خطرة.

وقال أندرهيل، أحد القضاة الثلاثة الذين أصدروا حكم عدم قانونية الاتفاق بين رواندا والمملكة المتحدة، إنه "لا خلاف" على أن من قبلوا الترحيل بموجب اتفاق إسرائيل "عانوا من انتهاكات جسيمة لحقوقهم بموجب اتفاقية اللاجئين".

وقالت وزيرة الداخلية البريطانية للمحكمة إن الأدلة المتعلقة بالاتفاق الإسرائيلي الرواندي "لا صلة لها" بالاتفاق الحالي.

وقال أندرهيل إنه رغم الاختلافات الواضحة بين الاتفاقيتين البريطانية والإسرائيلية، فهو "لا يقبل" بأن هذه الأدلة لا أهمية لها.

وقال: "في أحسن الأحوال، هي دليل على ثقافة عدم كفاية تقدير مسؤولي الهيئة العامة للهجرة لالتزامات رواندا بموجب اتفاقية اللاجئين، وفي أسوأ الأحوال تجاهل متعمّد لهذه الالتزامات".

فيما قال السير جوفري فوس، وهو قاضٍ آخر في القضية، إن أدلة مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أظهرت حدوث انتهاكات في إطار الاتفاق الإسرائيلي، مثل الإعادة القسرية، رغم تأكيدات الحكومة الرواندية على عكس ذلك.

وألمح القاضيان إلى حقيقة أن حكومة المملكة المتحدة لم تحقق في إخفاقات الاتفاقية بين إسرائيل ورواندا.

وأشار أندرهيل إلى أنه "رغم علم وزيرة الداخلية بالاتفاق الإسرائيلي الرواندي والمشكلات المتعلقة به، فهي لم تحاول في إطار العملية التي أدت إلى الشراكة بين المملكة المتحدة ورواندا التحقيق في سبب فشلها".

وأضاف: "لم تحاول تبين شروط الاتفاقية أو التأكيدات التي قدمتها الحكومة الرواندية بخصوص معاملة طالبي اللجوء الذين نقلوا إلى رواندا بموجبها".