الأربعاء 27 تشرين الثاني 2024

الحرب على الإرهاب.. فيلم أمريكي بنهاية غير سعيده


النهار الاخباريه  وكالات 
صراع مسلح مستمر في تاريخ الولايات المتحدة.
هي الحرب التي بدأت بلا خطة، وانتهت بكابوس أمريكي سجلته عدسات التصوير ويوميات المؤرخين. 
ففي يوم 11 سبتمبر/أيلول 2001، تعرضت الولايات المتحدة الأمريكية لأكبر هجوم "إرهابي" في تاريخها الحديث، بتحويل اتجاه أربع طائرات مدنية، لضرب أهداف في نيويورك وواشنطن.
هجمات 2001 على مركز التجارة العالمي في نيويورك ومقر وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، والتي راح ضحيتها حوالي ثلاثة آلاف شخص، أعادت دورة التاريخ على نحو أقسى لأنها استهدفت رموز الهيبة الأمريكية الاقتصادية والعسكرية.
لذلك صنعت واشنطن من هذه الهجمات "شبحاً" يسمى "الإرهاب".
وقررت مطاردته عبر البحار والمحيطات والحدود الدولية والطبيعية.
انتهى الأمر برجال المارينز الأمريكيين وهم يقومون بغزو أفغانستان ويسقطون حكم طالبان بها، في مطاردات خيالية بين الجبال والوديان المتجهمة.
ثم جاء الغزو الثاني للعراق وإسقاط نظام صدام حسين، ليفتتح الفصل الثاني من المطاردات العبثية الدامية، ويفتت العراق إلى طوائف وميليشيات متحاربة.
وكان صعود تنظيم الدولة الإسلامية ذروة غير منتظرة للحرب الأمريكية على "الإرهاب".
ثم جاء الانسحاب الأمريكي من أفغانستان ثم العراق بمثابة نهاية غير سعيدة للحرب التي شغلت العالم.. وأرهبته.
هكذا بدأت وانتهت الحرب العالمية على ما يُسمى الإرهاب.
وهكذا حان الوقت بعد 20 عاماً من انطلاق اللهب الوحشي لهذه الحرب أن نحصي ما جرى بين أمريكا وخصومها، لا سيما أن معظم فصوله تثقل بلاداً عربية وإسلامية حتى اليوم.
هذا التقرير يستعرض الأسباب الأمريكية لخوض هذه الحرب المثيرة للجدل، وآثارها المباشرة على صورة أمريكا ونفوذها بالمنطقة والعالم، كما يعدّد أبرز أخطاء وجرائم الحرب، التي انعكست سلبياً على أعداء أمريكا وأصدقائها. 
هل كانت الحرب على الإرهاب ضرورة؟

اكتسبت أمريكا فور وقوع أحداث 11 سبتمبر/أيلول فيضاً من التعاطف والتضامن من جميع أنحاء العالم، بما في ذلك من العالم العربي والإسلامي. 
حتى في طهران خرجت مسيرات تضامن مع ضحايا الهجمات.
لكن واشنطن كانت في حاجة لمثل هذا الاعتداء لتحقيق مكاسب جيواستراتيجية تحت شعار الحرب على الإرهاب.
كما كانت القاعدة أيضاً في حاجة لعملية نيويورك الدامية.
في 1999 كتب أيمن الظواهري، الذي يقود تنظيم القاعدة حالياً، لمساعديه باليمن بأن شن هجوم على أميركا هو السبيل الوحيد لإنعاش حركة إسلامية كانت "في مرحلة الاحتضار".
وأوضح الظواهري آنذاك أنه إذا تعرضت أمريكا لهجوم في أراضيها، فإنها لن تهاجم بغضب "المتشددين الإسلاميين" فقط، بل الدول الإسلامية كذلك، وسيسمح هذا للإسلاميين بتصوير أنفسهم على أنهم مدافعون عن الأمة أو المجتمع الإسلامي، واكتساب المزيد من الأتباع.
نجحت استراتيجية الظواهري، فقفز عدد أعضاء القاعدة، الذي كان بالكاد يبلغ ألف مقاتل في عام 2001، إلى ما بين 100 ألف و230 ألف ناشط في عشرات البلدان بجميع أنحاء العالم، خلال حرب الغرب على "الإرهاب".

الحرب قد تأتي من أولويات انتخابية ومخططات قديمة

كانت الحرب على الإرهاب اختيارية وليست ضرورة، وكلفت كثيراً من الدم والمال.
إن البحث عن حرب يكون الانتصار فيها سهلاً هو في الحقيقة ليس أكثر من حملة انتخابية، وقد تنجح الحملة هذه فقط في انتخاب أو إعادة انتخاب المحافظين الجدد قادة للولايات المتحدة.
وعندما نشرت واشنطن جنودها في أنحاء المعمورة بدعوى ملاحقة الإرهابيين، كانت تستثمر خوف الأمريكيين وغضبهم من العملية التي ضربت الإحساس بالأمان لديهم.
وروَّجت لخطاب ثأري ضد الحركات الإسلامية وخاصة حركة طالبان، ثم بقية الأعداء الذين تصنعهم دوائر المخابرات المركزية، مستحضرة خطاب نشر الديمقراطية والحرية للشعوب والمجتمعات.
واستغلت واشنطن حالة الرهاب في العالم بعد الحادثة من أجل تمرير مخططاتها خاصة في منطقة الشرق الأوسط وأنحاء العالم.
وفرضت ذلك حتى على أوروبا باعتبارها القطب الأوحد في العالم بعد انهيار الاتحاد السوفييتي.

وقد تتحول إلى حرب تحرير ومقاومة شعبية

استهلت الولايات المتحدة حربها على ما تسميه الإرهاب بغزو أفغانستان في 2001 بذريعة إيواء حركة طالبان الحاكمة آنذاك زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن.
أطاح الغزو بحكومة طالبان وتم تنصيب حكومة موالية لواشنطن برئاسة حامد كرزاي.
ثم كان الغزو الثاني للعراق مطلع 2003، وهذه المرة جاء في إطار ما عرف بالحرب الوقائية بزعم وجود أسلحة دمار شامل. وقد كشفت الوقائع بعد ذلك زيف هذه التبريرات.
الحملة الأمريكية على أفغانستان والعراق تزامنت مع حملة أخرى غير مسبوقة ضد قياديي القاعدة والتنظيمات المتحالفة معها في جميع أنحاء العالم.
ثم تحولت الحرب على الإرهاب من معركة سهلة مدعومة بالإغواء الإعلامي والجماهيري والانتخابي، إلى حرب لا أخلاقية على الشعوب، وعلى أفراد عاديين لا علاقة لهم بالإرهاب ولا بالسياسة.
وجدت أمريكا نفسها في مواجهة حرب تحرير ومقاومة شعبية في أفغانستان والعراق لا علاقة فعلية لها بالإرهاب.
التعبئة الشاملة ضد "الفاشية الإسلامية" شغلت المجتمعات والدول بقضايا أقل أهمية، وتركت شعوب البلاد التي استهدفتها الحرب تعاني كل الأوجاع الإنسانية: الفقر والمرض والأمية والفجوات الاقتصادية والجريمة المنظمة والتلوث والفساد.

مئات الآلاف من المدنيين الذين سقطوا بلا سبب

يستعرض التقرير التاريخي، الصادر عن مشروع تكاليف الحرب على الإرهاب الصادر عن جامعة براون الأمريكية، حصاد الحروب التي شنَّتها الولايات المتحدة في العراق وسوريا وأفغانستان وغيرها من المناطق التي خاض فيها الجيش الأمريكي صراعات، كثيراً ما أُشير إليها على أنها "حروب أبدية".
كما أصدرت جامعة "براون" الأمريكية في العام الماضي تقريراً بعنوان "خلق أزمة اللاجئين: النزوح الذي سببته حروب الولايات المتحدة بعد 11 سبتمبر/أيلول"، رصد نتائج الحروب التي خاضتها الولايات المتحدة حول العالم في إطار الحرب على الإرهاب.
بسبب حروب عنيفة شنتها أو شاركت فيها القوات الأمريكية منذ عام 2001، نزح بين 37 مليوناً و59 مليون شخص في 8 بلدان في إفريقيا وآسيا والشرق الأوسط، وهو رقم أكثر من أولئك الذين شرّدتهم أي حرب أو كارثة منذ بداية القرن العشرين، باستثناء الحرب العالمية الثانية".