الحرب المقبلة وساحة المعركة أميركا
كتب روديون بيلكوفيتش، في "إزفيستيا"، حول وصول الولايات المتحدة إلى عتبة حرب ايديولوجية، سيخوضها العالم أجمع.
وجاء في مقال بيلكوفيتش الخبير في المدرسة العليا للاقتصاد:
رسمت الانتخابات في الولايات المتحدة خط مواجهة ليس فقط بين مواطني الولايات المتحدة، إنما والبشرية جمعاء. "السؤال عن ترامب" هو صراع في وجهات نظر عالمية عابر للحدود الوطنية.
دونالد ترامب، بالطبع، ليس سياسيا بقدر ما هو رمز لسياسة آخرين، السياسة التي لا تخضع لقواعد الأخلاق الحميدة في المؤسسة الحكومية الأمريكية، ومنطق الديمقراطية المسيطرة، وتوافقات النخب.
ترامب، جاء إلى السلطة بالصدفة، وبالتالي فهو غير ملزم بـ "الوعود الإقطاعية" للأحزاب. هذه الحرية الشخصية (بما في ذلك المالية) دمرت التوازن الجمهوري الديمقراطي بين اليمين الزائف واليسار الزائف، ما أعاد حدة الصراع الأيديولوجي الحقيقي إلى السياسة.
نجح ترامب في تحقيق نتيجة مهمة للغاية: فقد أشرك الطبقات الاجتماعية المهمشة في فلك السياسة الرسمية ودفعها إلى التصويت بنشاط والتحدث علنا والمشاركة في احتجاجات الشوارع. احتشدت مئات المجموعات والمنظمات حول مهمة إعادة أمريكا "الحقيقية"، وقد وحّدها حس عام بفقدان مبادئ 1776 وقيمها، والشعور بخسارة الوطن.
هذا كله، أجبر الديمقراطيين على رفع شعارات حركات اليسار المتطرف وإن بشكل مخفف، محاولين كسب كل الفئات الممكنة من الناخبين "المظلومين". فيما تنطوي الخطوات الملموسة التي اتخذتها إدارة الرئيس الجديد على منطق الصراع الرمزي.
النزال بين ترامب وبايدن، والذي انتهى رسميا بتفوق الأخير بدرجة طفيفة، لم يستنفد الصراع على الإطلاق. ولكن، لا ترامب ولا بايدن متطرفان ولا يمكن أن يكونا كذلك بحكم وجودهما. فالأول، تاجر عقارات، والثاني رجل حكومة ذو خبرة، معتاد على التقلب مع خط الحزب. لا لمصلحة لأي منهما بتقلبات كارثية. لكن كلاهما أُجبر على أن يصبح محرضا على الحرب الأيديولوجية العالمية القادمة.