الإثنين 30 أيلول 2024

الجزائر تتبنى تدابير جديدة لمواجهة التضخم قبيل رمضان..

النهار الاخبارية - وكالات 

قالت مجلة Jeune Afrique الفرنسية، في تقرير نشرته الخميس 2 مارس/آذار 2023، إن الارتفاع الذي لا يطاق لتكاليف المعيشة بات الأمر الذي يتفق عليه الجميع في الجزائر سواء السلطة أو الأحزاب السياسية وكذلك النقابات المختلفة، إذ إن معدل التضخم ارتفع من 7.2% في 2021 إلى 9.3% في 2022، ليبلغ أعلى معدلاته منذ 26 عاماً.

كما ارتفعت أسعار السيارات، وقطع الغيار، واللوازم المدرسية بنسبٍ تتراوح بين 50% و100%. وتسلك أسعار جميع السلع المستهلكة على نطاقٍ واسع منحنى تصاعدياً، وضمنها الدجاج (الذي زاد بـ13%) والبيض (الذي زاد بـ11.2%)، لكن الأسعار ما تزال في متناول الميزانيات الصغيرة بشكلٍ أو بآخر حتى الآن. 

اجتماع وزاري في الجزائر لبحث أزمة التضخم 
وسط سياق التوتر شبه العام هذا، اجتمع مجلس الوزراء في يوم 20 فبراير/شباط 2023؛ لمناقشة مشكلة تموين السوق خلال شهر رمضان، الذي سيبدأ في الأسبوع الثالث من شهر مارس/آذار 2023. وأمر المجلس بإنشاء جهاز لمراقبة ومتابعة تموين السوق بالمواد الأساسية.

كما وعدت السلطات الجزائرية بتحديد سعر كيلوغرام الدجاج عند 350 ديناراً، من أجل وقف ارتفاع الأسعار وتخفيف الضغوطات. وتأتي الخطوة بفضل وصول 47 ألف طن من اللحوم البيضاء إلى السوق، من بينها 10 آلاف طن وفرها المكتب الوطني للأغذية الحيوانية، و37 ألف طن وفرتها الشركات الخاصة الخاضعة للرقابة الصحية.

استيراد أطنان من اللحوم 
علاوةً على ما سبق، من المضمون أن يكون محصول الفاكهة والخضار المحلي كافياً لتغطية الاحتياجات الوطنية، التي يُقدرها الخبراء بنحو 1.5 مليون طن خلال شهر رمضان. ومن المقرر كذلك استيراد 20 ألف طن من اللحوم الحمراء من كولومبيا استعداداً لشهر رمضان، وسيجري توزيعها عبر 114 نقطة بيع مباشر منتشرة في كافة أنحاء البلاد. وستُضاف هذه الكمية إلى 54.500 طن من اللحوم المنتجة محلياً، وذلك بغرضٍ معلن هو تثبيت سعر كيلو اللحم عند 1200 دينار.

لكن بعض جزاري العاصمة يتوقعون أن تلك الكميات لن تكون كافيةً للحفاظ على استقرار الأسعار، حيث أفادوا بأن سعر كيلو اللحم خارج نقاط البيع الحكومية سيصل إلى ثلاثة آلاف دينار خلال شهر رمضان (وهو رقم قريب من الحد الأدنى للأجور، المقدر بـ20 ألف دينار). يُذكر أن الجزائر استهلكت كثيراً من مواشيها بعد حظر استيراد اللحوم المجمدة عام 2020، ولا توجد أرقام متاحة للكشف عن حجم احتياطياتها الحالية. ولا تُعتبر هذه البيانات مطمئنة بالنسبة لمنظمة حماية المستهلك، التي قالت قبل أسبوعين من الشهر الكريم إن "الأسعار صارت أغلى من رمضان الماضي بالفعل".

في سياق متصل فهناك بعض المنتجات المحمية من ارتفاع الأسعار بفضل الدعم الحكومي، ومنها الحليب والزيت والدقيق والسميد. وقد تظهر مشكلة في توافرها بشكلٍ أكثر حدةً خلال رمضان. وما تزال السلطات عاجزةً عن وضع حدٍ للمضاربة، رغم فرض التدابير الرادعة التي تصل عقوبة بعضها إلى السجن مدى الحياة. ومنذ أكتوبر/تشرين الأول عام 2022، أصبح التعامل مع هذه القضايا من اختصاص شعبة مكافحة الإرهاب المسؤولة عن الجرائم المنظمة بمحكمة سيدي محمد، ولم يعد من اختصاص المحاكم العادية. ويتمثل الهدف من هذه التدابير في القضاء على شبكات المضاربين، المتهمة بتقويض جهود السلطات، حيث تنفق السلطات جزءاً كبيراً من مكاسب الميزانية، عقب ارتفاع أسعار الهيدروكربونات نتيجة الحرب في أوكرانيا، وذلك من أجل درء التوترات الاجتماعية.

رفع الأجور
صدرت الأوامر برفع الأجور على مدار عامي 2023 و2024، ليتراوح حجم الزيادة بين 4500 دينار و8500 دينار حسب الدرجة، مما يعني زيادةً إجمالية تصل إلى 47%. وبهذا سيشهد المُعلم الحكومي زيادة في أجره قدرها 13500 دينار على مدار العامين المقبلين.

من جانبه أمر الرئيس عبد المجيد تبون كذلك برفع الحد الأدنى لمِنح التقاعد إلى 15000 دينار لمن كان يتقاضى أقل من 10000 دينار. فضلاً عن رفع منح التقاعد إلى 20000 دينار لمن كان يتقاضى 15000 دينار. بينما سيجري رفع منح البطالة من 13000 دينار إلى 15000 دينار. وهناك ضغوطات على الحكومة الآن من أجل تطبيق تلك الزيادات رسمياً قبل شهر رمضان، وذلك على شكل دفعات تدريجية من الـ10 وحتى الـ20 من مارس/آذار.

في حين سيتأثر قرابة الثمانية ملايين شخص بزيادات الأجور ومنح التقاعد ومنح البطالة، وبينهم 2.8 مليون موظف حكومي، بحسب تصريح وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي يوسف شرفة. وتمثل الجهود محاولة لتقليص فجوة الأجور مع بعض الدول العربية، بالتزامن مع الارتفاع الكبير في إيرادات الجزائر من تصدير النفط والغاز خلال العام الماضيين.

بينما يتمثل الجانب السلبي الوحيد في أن تدابير التحسين الفوري للقوة الشرائية ستؤثر على موظفي القطاع العام فقط. أما بالنسبة للقطاع الخاص، فستعتمد زيادات الأجور على التوافق الجماعي والمفاوضات بين شركاء المجتمع. ولهذا هناك مخاطرة كبيرة بانتشار الإضرابات في حال لم تسفر المفاوضات عن نتيجةٍ ملموسة.