النهار الاخبارية - وكالات
وسط التغير الكبير الذي تشهده المنطقة، وتبدل النفوذ في المنطقة العربية، أعلنت الرئاسة الإيرانية أن وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان أعلن خلال لقائه بمساعد الرئيس الإيراني للشؤون البرلمانية سيد محمد حسيني في البرازيل، عن استعداد بلاده لاستئناف المفاوضات مع إيران.
التصريحات الإيرانية تؤكد على الرغبة السعودية في التفاوض، بعد 5 جولات شهدها العراق ولم تسفر عن أي تقدم، بيد أن المراقبين يؤكدون على الرغبة المتبادلة، وإمكانية النجاح على المدى المتوسط في التوصل لتسوية سياسية بين الرياض وطهران.
وقال المسؤول الإيراني، في تصريحات لوكالة "تسنيم" الإيرانية، إنه "على هامش حفل تنصيب رئيس البرازيل تم التحدث إلى وزير خارجية السعودية بشكل مفصل، ولم يقتصر اللقاء على إلقاء التحية بل أنه استمع برحابة إلى الكلام وأبدى وجهات نظره أيضا".
وأضاف أن "القضية الأساسية كانت كيف ستكون نتائج المحادثات بين إيران والسعودية التي انطلقت بوساطة العراق حيث أعلن الاستعداد لاستئناف المفاوضات".
وتابع: "وزير الخارجية السعودي رحب بعقد عدة اجتماعات لبحث الخلافات والمخاوف حتى نتمكن في النهاية من التوصل إلى نتيجة".
رغبة مزدوجة
من جانبه اعتبر الدكتور محمد محسن أبو النور، رئيس المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية (أفايب)، أن إيران تعول على أن المملكة العربية السعودية تريد استئناف المفاوضات على أساس رغبتها في إحلال الأمن والسلم بالإقليم، وخفض التصعيد مع طهران في الملفات المختلفة.
وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، يبدو أن رئيس الوزراء العراقي الجديد يقوم بنفس الدور الذي كان يقوم به رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي، حيث أصبحت إيران والسعودية لديهما الرغبة لوضع حد أمام التصعيد في الإقليم بالملفات المختلفة، لا سيما الملف اليمني الذي يحتل أولوية كبيرة للجانبين، ومن مصلحة الأطراف المختلفة المقايضة السياسية بين الملفات.
وعن توقيت قبول المملكة بالتفاوض، قال إن التركيبات الإقليمية أصبحت مختلفة، والسعودية تريد أن تفتح الملفات مع كل الأطراف بما في ذلك تركيا، والصين وروسيا، إلى جانب علاقات شبه فاترة مع الولايات المتحدة الأمريكية التي تراجع دورها نوعًا ما في السياسات الدولية مؤخرًا.
واستبعد أبو النور أن يكون هناك اختراق كبير في العلاقات السعودية الإيرانية على المدى القريب، لكن هناك انفراجة قد تحدث على المستوى المتوسط، إذا توصل الطرفان إلى شبه تسوية في الجولة المرتقبة من مباحثات بغداد.
ولفت إلى أن الطرفين انخرطا في 5 جلسات تفاوضية في بغداد منذ أبريل/نيسان 2021، وعلى مدار عامين لم تسفر المفاوضات عن أي تقدم ملموس، سوى في ملف الحج، وفي ملفات طفيفة أخرى، لكن الملفات الجوهرية السورية والعراقية واليمنية واللبنانية والفلسطينية، لم تشهد اختراقا كبيرا في التسويات بين الجانبين، وهو ما يمكن ملاحظته من خلال الخطاب الإعلامي السعودي والإيراني، معتقدًا أن الجلسة المقبلة والتي تليها لن تشهد أي اختراق.
ترحيب سعودي
بدوره اعتبر أكد الكاتب والمحلل السياسي السعودي، سعد عبد الله الحامد، أن المملكة العربية السعودية أعلنت في أكثر من مناسبة ترحيبها بوجود علاقات بناءة وحسن جوار مع إيران، لكنه يتوقف بشكل كبير على رغبة طهران في ذلك، بيد أن تدخلها في شؤون المنطقة بالعراق وسوريا واليمن ولبنان يعد جانبًا سلبيًا ويؤثر على العلاقات.
وبحسب حديثه ، عندما تنشد إيران السلام، وترغب في أن يكون هناك علاقات جيدة بينها وبين دول الجوار، لا بد أن تكون صادقة فيما ترمي إليه، لا سيما وأن مفاوضات استمرت بين السعودية وإيران استمرت لأكثر من عام، لكن دائما ما يرفع المسؤولون في طهران من سقف الطموحات، ما يؤدي إلى فشلها.
ويرى أن التصريحات الإيرانية تأتي بناءً على المعطيات الدولية الحاصلة والتغيرات التي تشهدها المنطقة، من الأزمة الروسية الأوكرانية، والزيارات الأخيرة للمملكة، والعلاقات السعودية مع روسيا والصين، فكلها عوامل مهمة في أن تخلق جوًا إيجابيًا، مشيرًا إلى أن الصين وروسيا يلعبا دورًا مهمًا في هذا الإطار للضغط على طهران لتحقيق التغيير المطلوب.
واعتبر أن التوتر الحاصل مع إيران بسبب برنامجها النووي وصواريخها الباليستية، والمسيرات الطائرة يؤشر إلى أن النظام الإيراني لا يزال يتبنى النهج الثوري والتوسعي، ويواجه العديد من المشاكل الداخلية والخارجية، لافتًا إلى أن دول المنطقة من مصلحتها أن يكون هناك سلام دائم، وأن تتمتع منطقة الشرق الأوسط بالأمن المنشود، لكنه يعود إلى مدى رغبة طهران في خلق علاقات إيجابية مع السعودية ودول المنطقة.
ويرى حامد أن عودة العلاقات الإيرانية السعودية سيخلق زحمًا كبيرًا ويجعل هناك آفاق قوية للتعاون، ويمنح فرصة للسلام داخل الدول العربية في المنطقة، والمملكة لا تمانع في إقامة علاقات بناءة، باعتبارها دولة سلام لا تبحث عن الحرب أو تتدخل في شؤون الدول الأخرى.
ولفت إلى أن المتغيرات والمستجدات الدولية تحتم على إيران الرجوع لمنطق الواقع والسلم وتحترم سيادة دول الجوار وألا تتدخل في شؤونها أو تثير أي فوضى في المناطق، وتتخطى خطر البرنامج النووي، حيث لا بد من أن تحاول إيران تحسين علاقاتها مع الخليج والدول العربية ومحيطها الدولي ليمكنها العودة لطاولة المفاوضات فيما يتعلق ببرنامجها النووي.
وكان نائب الرئيس الإيراني للشؤون البرلمانية، محمد حسيني التقى، الاثنين الماضي، مع وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، على هامش مراسم تنصيب رئيس البرازيل لولا دا سيلفا.
وأكد الوزير السعودي أن نوع العلاقات بين طهران والرياض يؤثر على المنطقة بأكملها"، فيما شدد حسيني خلال اللقاء على "ضرورة استمرار المحادثات بين الرياض وطهران التي تجري بوساطة عراقية".
وأشادت وزارة الخارجية الإيرانية، في وقت سابق، بتصريحات أصدرتها الخارجية السعودية بشأن المفاوضات بين البلدين، مؤكدة أن هذه التصريحات، دليل على استعدادها لإجراء حوار.
وفي وقت سابق من الشهر الجاري، كشف وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، عن لقاء جمعه بنظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان، على هامش قمة "بغداد2" في الأردن.
وقال عبد اللهيان إن "وزير الخارجية السعودي أکد له استعداد الرياض لاستمرار الحوار مع إیران"، مشيرًا إلى أنه التقى أيضا على هامش الاجتماع بوزراء خارجية عمان وقطر والعراق والكويت.
وتابع الوزير أنه على الجانب السعودي تحديد كيفية اتباع نهج "بناء" تجاه إيران، مشيرًا إلى أن المفاوضات مع السعودية تسير على طريق الدبلوماسية الرسمية، وأن إيران مستعدة لعودة العلاقات إلى طبيعتها.
وأجريت آخر جولة معلنة من الحوار بين البلدين في أبريل/ نيسان 2022، وتوقف الحوار دون التوصل إلى اتفاق، رغم تصريحات قادة البلدين بالرغبة في غلق هذا الملف وإقامة علاقة ثنائية قائمة على احترام الآخر.