الأربعاء 27 تشرين الثاني 2024

إيران في أمريكا الجنوبية.. هل تخطط لأنشطة نووية بالقرب من واشنطن؟

النهار الاخبارية - وكالات 
قال الباحث ليوناردو كوتينيو في مقال على موقع «ناشونال إنترست» إنه بعد تنصيب الرئيس البرازيلي، لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، في البرازيل، أعلنت إيران أنها سترسل اثنتين من سفنها الحربية إلى الدولة الواقعة في أمريكا الجنوبية. وأعلنت وكالة الأنباء الحكومية الروسية «سبوتنيك» قبل يومين فقط من الموعد المقرر لوصول السفينتين، كما نُشر في الجريدة الرسمية للحكومة البرازيلية. ورغم ذلك، لم تصل السفينتان.

ويتساءل كوتينيو: فما الذي دفع إيران إلى تغيير خططها؟ أو بالأحرى ما خطط إيران أصلًا؟

تحركاتٌ في سماء أمريكا الجنوبية
رسميًّا، تقول إيران إن سفينتها «دينا» (فرقاطة من طراز موج) و«ماكران» (ناقلة نفط خام سابقة تحولت إلى حاملة طائرات هليكوبتر وهي الآن أكبر سفينة في البحرية الإيرانية) في طريقهما إلى قناة بنما، وسيكون عبور المحيط الهادئ النقطة المحورية لخططها للتجول حول العالم.

حتى الآن، لا يُعرف ما الذي دفع الإيرانيين لتغيير خططهم وربما مسارهم. وقد يكشف حدث لا يبدو متصلًا جزءًا من الإجابة. ففي 16 يناير (كانون الثاني)، قبل سبعة أيام من وصول السفن الإيرانية إلى ميناء ريو دي جانيرو، أرسل سلاح الجو الأمريكي طائرة «WC-135R» إلى أمريكا الجنوبية، بغرض تحديد العلامات الجوية للنشاط النووي.

يرى كوتينيو أن إرسال مثل هذه الطائرة في مهمة غير مسبوقة لجمع قراءة أساسية لظروف الغلاف الجوي العادية في أمريكا الجنوبية يثير الدهشة. وأقلعت الطائرة من بورتوريكو وجمعت بيانات الغلاف الجوي قبالة سواحل فنزويلا، وجيانا، وسورينام، وجويانا الفرنسية، وجزء من البرازيل.

كما اجتازت منطقة من الشمال حتى منطقة ريو دي جانيرو، حيث كان من المقرر أن ترسو السفن الحربية الإيرانية. ولم يقصد الجيش الأمريكي أن تكون المهمة سرية، فقد كانت بيانات جهاز الإرسال والاستقبال للطائرة متاحة للجمهور عبر منصات مراقبة الطيران.

بعدها بأيام انطلقت رحلة ثانية، أعادت الطائرة مسارها حول أمريكا الجنوبية في الاتجاه المعاكس، وجمعت البيانات فوق منطقة البحر الكاريبي، والساحل الشمالي لفنزويلا، وفوق مياه كولومبيا، والإكوادور، وبيرو. على هذا المسار، حلقت فوق قناة بنما، الوجهة الإستراتيجية المفترضة للأسطول الإيراني.

رسالة تحذيرية
ينوه كوتينيو بأنَّه قد يكون هذا المسح الإشعاعي فوق أمريكا الجنوبية تحذيرًا لإيران ما خلق مشكلات لطهران. ومن الممكن أن يصبح رصد مستويات الإشعاع الطبيعي في المنطقة عائقًا، إذا كان لدى إيران خطط لاستخدام أمريكا الجنوبية لإجراء التجارب النووية. وإذا كانت السفن الإيرانية تحمل مواد مشعة، أو أسلحة للاختبار في الخارج، ربما قبالة فنزويلا، فيمكن للولايات المتحدة تحديد التغيرات في الغلاف الجوي من مسحه قبل وصول السفن إلى البرازيل.

عندما يتعلق الأمر بإيران، فكل شيء ليس كما يبدو. فبين عامي 2005 و2020، استحوذت القصص التي تفيد بأن إيران تنتج صواريخ في فنزويلا على اهتمام الباحثين والحكومات التي تبحث عن أدلة على أن النظامين كانا ينسقان لخرق العقوبات. وفي الوقت الذي غفل فيه الغرب، عمقت إيران وفنزويلا علاقتهما من خلال الشبكات السرية التي ربما عملت على دعم البرنامج النووي السابق ونقل المواد والأشخاص والموارد المالية والتكنولوجية بين النظامين.

ويضيف كوتينيو أنَّه في عام 2020، أرسلت إيران ناقلات إلى كاراكاس في تحدٍّ للعقوبات، وألقت بظلال من الشك على ما كانت تحمله السفن بالفعل إلى جانب شحنة الوقود المعلنة. ولم يفوت الرئيس نيكولاس مادورو أبدًا أي فرصة لزيادة التوترات، فصرح ذات مرة علنًا بأنه يعد امتلاك صواريخ إيرانية بعيدة المدى فكرة جيدة.

ودفعت جهود إيران السرية العديد من المحللين إلى الشك في أن شبكة من الأنفاق قد حُفرت تحت منشآت عسكرية فنزويلية في ماراكاي، شمال وسط فنزويلا، لإخفاء الصواريخ. واليوم، لن يكون من العبث التفكير في إمكانية استخدام مثل هذه المنشآت لإجراء تجارب نووية بالشراكة مع إيران.

ويختم كوتينيو بأنَّه من الصعب تحديد سبب تأجيل مهمة إيران البحرية في أمريكا الجنوبية، أو حتى إلغائها. فربما كانت المهمة مجرد استفزاز آخر فارغ، وربما كانت ستارًا دخانيًّا لنشاط سري، مثل نقل المواد النووية. إذا كان السيناريو الأول صحيحًا، فربما تكون إيران قد حققت ما أرادت من خلال إثارة التوترات، وإجبار الولايات المتحدة على إنفاق الوقت والمال والاهتمام في عملية دعائية بحتة. لكن إذا كان لدى إيران خطط لإيصال مواد نووية إلى المنطقة، فربما وجدوا أنفسهم محاصرين واضطروا إلى إعادة النظر في إستراتيجيتهم.