النهار الاخباريه وكالات
وسط تصاعد التوتر على الساحة الدولية، أعادت إيران تأكيد موقفها الرافض للعودة إلى طاولة المفاوضات النووية مع الولايات المتحدة، ما لم تتخل واشنطن عن ما تصفه طهران بـ"المطالب غير المعقولة".
هذا التصعيد يعكس انتقال إيران من مرحلة الدفاع إلى مرحلة التحدي، أو ربما الرهان على الوقت لإعادة تشكيل واقع جديد يخدم مصالحها.
موقف إيراني واضح
العبارة التي يكررها وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي بشكل مستمر، تعكس استراتيجية واضحة لطهران: شرط مسبق لإعادة الحوار النووي، وعدم القبول بأي شروط تُفرض من الخارج دون تفاهم متبادل.
الرسالة الإيرانية هي موجهة للجانب الأميركي بشكل مباشر، مفادها بأن استمرار واشنطن بمواقفها الراهنة يمنع عقد أي مفاوضات.
على الرغم من اللهجة الصارمة لعراقجي أن الهدف لم يكن غلق الباب نهائيًا، بل إرسال رسالة واضحة للجانب الأميركي بضرورة إعادة النظر في مواقفه.
بالاشاره الى تصريحات المرشد علي خامنئي، التي وصفت فيها المقاربات الأميركية الحالية بأنها ليست مفاوضات حقيقية، بل إملاءات، مؤكداً أن طهران مستعدة للجلوس على طاولة مفاوضات قائمة على احترام متبادل ومصالح مشتركة، بما يحقق مبدأ "رابح–رابح".
وتسعى إيران عبر هذه المقاربة لإزالة القلق لدى الجانب الغربي، وتحقيق هدفها الأساسي المتمثل في رفع وإلغاء العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها، مع الحفاظ على سيطرتها على برنامجها النووي دون ضغوط خارجية مباشرة.
ورغم هذا التلاعب المتبادل بالوقت، يبدو أنه لا أحد مستعد لرفع راية البيضاء، ما يعكس استمرار التوتر وعدم اليقين بشأن مسار المفاوضات.
وتراهن إيران على قدرتها على إدارة المشاكل الاقتصادية الداخلية، مستفيدة من موقعها الجغرافي الفريد الذي يحدها 15 دولة، من تركيا شمالًا

إلى الهند وباكستان شرقًا، مرورًا بدول الخليج والعراق.
وقد أكد عراقجي في ندوة سياسية لكافة المحافظات الإيرانية أن إيران تملك إمكانيات للتعامل مع دول الجوار، مستفيدة من العلاقات
ومن جانب اخر كشفت صور أقمار اصطناعية حديثة، نشرها مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS) في واشنطن، عن أنشطة بناء وتحصين واسعة في منشأة جبل المنجم جنوبي منشأة نطنز النووية، في خطوة أثارت تساؤلات جديدة بشأن نوايا طهران النووية بعد عام من الجمود في المفاوضات مع الغرب.
وذكر المركز، في تقرير صدر بتاريخ 27 أكتوبر 2025، أن الصور تُظهر عمليات حفر وبناء مكثفة داخل الجبل، يُعتقد أنها تهدف إلى نقل أنشطة تخصيب اليورانيوم الحساسة إلى مواقع أكثر تحصينًا يصعب استهدافها بالقصف الجوي، سواء من الولايات المتحدة أو إسرائيل.
ويأتي هذا التطور بينما تتزايد مؤشرات انهيار التفاهم غير الرسمي بين واشنطن وطهران بشأن حدود التخصيب النووي، بالتزامن مع تصاعد التوترات الإقليمية في الخليج ولبنان والبحر الأحمر، ما يجعل الملف النووي الإيراني أكثر تعقيدًا من أي وقت مضى.
ويرى خبراء أن بناء منشأة بهذا الحجم في عمق الجبال يعكس تحولًا في العقيدة النووية الإيرانية من "البرنامج المراقب" إلى "البرنامج المحصّن"، مؤكدين أن طهران تعمل على تغيير قواعد الردع الإقليمي عبر إنشاء بيئة يصعب فيها تعطيل منشآتها أو إخضاعها للرقابة الدولية.