النهار الاخباريه وكالات
أطلقت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، الأحد، نداء ضمنياً لكل الأطراف السياسيين الألمان لتخطي انقساماتهم بعد الانتخابات التشريعية، في حين تشهد البلاد مفاوضات بالغة التعقيد من أجل تشكيل حكومة جديدة.
وفي خطابها بمناسبة الاحتفالات السنوية بإعادة توحيد البلاد في عام 1990، عرضت ميركل حصيلة ما حققته خلال حكمها للبلاد على مدى 16 عاماً، وهي حضت الألمان على الدفاع بشكل أكبر عن الديمقراطية في مواجهة الغوغائيين.
وقالت ميركل "يجب أن نواصل بناء بلادنا. يمكن أن نختلف حول كيفية ذلك في المستقبل، لكننا نعلم أن علينا إيجاد الحل، علينا أن نصغي إلى بعضنا بعضاً وأن نتحاور".
وتنهي ميركل مسيرتها السياسية ما أن يتم تشكيل ائتلاف يضمن غالبية في البرلمان، إلا أن هذا الأمر قد يستغرق أشهراً عدة.
وتابعت المستشارة في خطابها في هاله "لدينا اختلافات لكن هناك قواسم مشتركة. كونوا على استعداد لملاقاة الآخرين (...) وكونوا قادرين على تخطي الخلافات"، وأضافت "إنها العبرة المستقاة من 31 عاماً من الاتحاد في ألمانيا".
وهذه هي أول تصريحات تدلي بها المستشارة على صلة بالوضع السياسي الراهن.
ويأتي خطاب ميركل في توقيت بالغ الأهمية، إذ بدأت، الأحد، المحادثات الاستكشافية بين الأحزاب سعياً لتشكيل حكومة جديدة. وتبدو هذه المحادثات بالغة التعقيد، ما ينبئ بشلل سياسي طويل الأمد في ألمانيا.
ويتوقف تشكيل الحكومة الألمانية الجديدة بشكل أساسي على قدرة أي من الحزبين الرئيسين على اجتذاب الخضر والحزب الديمقراطي الحر الليبرالي.
وأجرى الحزب الاشتراكي الديمقراطي محادثات مع الحزب الديمقراطي الحر وصفها الأمين العام للاشتراكيين الديمقراطيين لارس كلينغبيل في بيان لاحق بأنها كانت "بناءة جداً".
وقال فولكر ويسينغ رئيس الحزب الديمقراطي الحر إن "المواقف بشأن النقاط المهمة تختلف"، لكنه شدد أيضاً على ضرورة تشكيل حكومة إصلاحية للتصدي للتحديات التي تواجه المانيا.
كما أجرى الحزب الاشتراكي الديمقراطي بعد ذلك محادثات مع الخضر، في حين التقى خصومهم من التحالف المحافظ مع الحزب الديمقراطي الحر مساء الأحد، وسيجتمعون إلى الخضر، الثلاثاء.
وعلى عكس اللقاء مع الليبراليين قال ويسينغ بعد لقاء المحافظين إن هناك "عقبات قليلة" أمام اتفاق معهم على السياسات.
في غضون ذلك ألمح الزعيم المشارك لحزب الخضر روبرت هابيك إلى تفضيل إقامة تحالف مع الحزب الاشتراكي الديمقراطي، مشيداً باستعداد الفائزين في الانتخابات "للبدء من جديد" بحيوية جديدة.
وقال الأمين العام لحزب الاتحاد الاجتماعي الديمقراطي ماركوس بلوم، الأحد، إن المحادثات الأولية أعطت المحافظين "الرغبة في المزيد".
بعد الانتخابات التشريعية سيتعين على الأرجح على ثلاثة أحزاب لديها برامج مختلفة للغاية تشكيل ائتلاف لضمان غالبية في البرلمان. ويعد هذا الأمر سابقة منذ خمسينيات القرن الماضي، ويمكن أن يشكل عاملاً مزعزعاً للاستقرار.
واختار 59 في المئة من الالمان قيام ائتلاف "ثلاثي الألوان" بين الاشتراكيين الديمقراطيين والخضر والليبراليين، في مقابل 24 في المئة فضلوا ائتلافاً بقيادة المحافظين، وفق ما أظهر استطلاع للرأي أجرته شبكة "زد دي أف" العامة.
وهدف شولتس واضح، وهو أن يخلف أنغيلا ميركل في المستشارية على رأس ائتلاف ثلاثي مع هذين التشكيلين.
غير أن التحالف المحافظ لم يُحسم مصيره بعد، على الرغم من أن نتائجه جاءت أدنى من 30 في المئة للمرة الأولى منذ 1949، ويعتزم بذل كل ما بوسعه سعياً للاحتفاظ بالمستشارية.
لكن وضع لاشيت الذي تم تحميله مسؤولية أسوأ نتيجة انتخابية للمحافظين في تاريخ ألمانيا الحديث (24.1 في المئة) يبدو مأزوماً أكثر فأكثر.
ومنافساه داخل الحزب على غرار فريدريش ميرتس ويانس سبان الأكثر يمينية منه، يطرحان نفسيهما بديلين محتملين لزعامة الحزب. ويطالب آخرون بتجديد "شامل" للحزب بعدما تولت ميركل رئاسته على مدى 16 عاماً.
ويبدو الليبراليون في الحزب الليبرالي الديمقراطي أيضاً، وعلى الرغم من قربهم من المسيحيين الديمقراطيين مشككين في إمكان تشكيل ائتلاف.
والأحد شدد زعيم الليبراليين كريستيان ليندنر في صحيفة "بيلد" اليومية على أنه "يتعين على حزبي الاتحاد المسيحي الديمقراطي والاتحاد المسيحي الاجتماعي أن يحسما موقفيهما حول ما إذا كانا يريدان حقاً قيادة الحكومة".
وفي هذه الأجواء المشحونة دعت ميركل الألمان إلى مواصلة التركيز على ما هو أساسي برأيها، أي الدفاع عن الديمقراطية.
وقالت "أحياناً نستخف كثيراً بالأمور حين يتعلق الأمر بمكتسبات الديمقراطية، كما لو أنه لم يعد لدينا ما نفعله" للدفاع عنها.
وتابعت "لكننا نشهد في المرحلة الحالية عدداً متزايداً من الهجمات"، معطية مثالاً على ذلك الاعتداءات المرتكبة ضد الأقليات الدينية والإتنية، والمحاولات "الغوغائية من أجل نشر الكراهية والضغينة من دون وازع أو خجل".
وحضت ميركل الألمان الغربيين على إبداء مزيد من "الاحترام" لمواطنيهم الشرقيين، بعدما شهدت الانتخابات التشريعية في شرق ألمانيا تأييداً قوياً لليمين المتطرف بسبب شعور جزء من السكان أنه تم التخلي عنهم.