الخميس 10 تشرين الأول 2024

هل تنجح ليبيا في إقرار دستورها الأول منذ عام 1951 ام أن الفوضي ستبقى سيدة الموقف؟؟


النهار الاخباريه وكالات

كان أول دستور في ليبيا هو الذي أقرته الجمعية الوطنية عام 1951، وهو أيضا الذي عطله القذافي بعد انقلابه على الملك إدريس الأول في عام 1969، ودخلت البلاد في حالة فوضى منذ ذلك التاريخ.

وألف القذافي كتابه الأخضر الذي كان يحمل نظرياته وأفكاره، ومنذ ذلك التاريخ وحتى الآن لم يتفق الليبيون على دستور ينظم حياة البلاد وينهي حالة الفوضى السياسية التي عاشوها.

حلم صياغة الدستور وإصداره راود كل ليبي ولكنه لم يكتمل بسبب الصراعات الحزبية والجهوية التي عمت في البلاد بعد انتخاب لجنة لصياغة مشروع للدستور.

الصراعات

تعددت الأحزاب وتنوعت المطالب وزادت الاشتباكات وانقسمت البلاد سياسيا واجتماعيا بعد عام 2011 وحتى الآن، ثمانية أعوام على انتخاب لجنة صياغة مشروع الدستور، التي انتُخبت في فبراير/شباط 2014، وباشرت عملها من مدينة البيضاء شرقي البلاد.

وما هي إلا أيام من انتخاب لجنة صياغة مشروع الدستور، حتى اندلعت حرب طرابلس التي حدثت بين المليشيات المسلحة المتناحرة آنذاك ودُمر المطار، وغادرت البعثات الدبلوماسية ودخلت البلاد في حالة فوضى.

وفي العام نفسه، اندلعت حرب الجيش الليبي على التنظيمات الإرهابية في مدينة بنغازي، واستمرت لسنوات ولم تستقر البلاد حتى الآن، تعطل على إثرها صياغة مشروع الدستور.

وفي تصريح خاص لـوكالة النهار الاخباريه "، يقول الناشط المدني عبد الرحيم عبد العزيز إن مشروع الدستور مر بعدد من المراحل، بدايتها كان بانتخاب الهيئة التأسيسية لصياغة المشروع عام 2012، وكان الهدف من تأسيسها الوصول لتوافق معين، وأن يصب هذا التوافق في إعداد المسودة، التي تعتبر هي المرحلة الأولى من كتابة الدستور.

وأضاف أن هذه اللجنة توافقت بالرغم من الخلاف الشديد بين الأعضاء واختلاف توجهاتهم الفكرية والثقافية والعرقية، نتيجة لعدد من المسببات منها الهوية واللغة، وكان العلم الرسمي للدولة من أبرز المشاكل التي واجهت اللجنة، لأن مؤيدي النظام السابق يروا بأن العلم الحالي لا يمثلهم وبالتالي كانت هناك مشاكل كبيرة جدا.

وتابع: "بالإضافة للمادة رقم 2 مادة الهوية، واللغة لأن ليبيا دولة غنية بنسيجها الاجتماعي وتنوعها الثقافي، فمن الطبيعي أن يولد صراعا محموما بين أعضاء الهيئة التأسيسية، نتيجة لضغط مجموعات تمثل أقليات ثانية كانوا يروا بأن تنفذ مطالب كل عرق وكل هوية، بالإضافة لمشاكل أخرى لتعديل الدستور ولبعض المواد مثل المادة 194 ومشكلة الجنسية في المادة 8 والمادة 186 كلها كانت مشاكل سببت في تأخر إصدار مشروع الدستور حتى الآن".

عقبات في طريق التمرير

وأردف عبد العزيز: "الهيئة وصلت لحل توافقي وهو تشكيل لجنة الـ12 التي تكونت من ستة أعضاء من المعارضين، وستة أعضاء من المؤيدين لمشروع الدستور، اتفقوا لوصول عدد تسعة أعضاء مؤيدين لمشروع الدستور أمام ثلاثة أعضاء رافضين للمشروع، وتم التوقيع على مشروع الدستور في يوليو/تموز 2017، وبالتالي أصبح هناك مشروع للدستور، ولكن حدثت الإشكالية الثانية وهي نقل هذا المشروع من المرحلة الثانية إلى المرحلة الثالثة وهي أن يكون هذا الدستور دستور دائم للبلاد".

وأوضح أن "المشكلة الحقيقية" هي قانون الاستفتاء على الدستور، الذي أصدره البرلمان والذي اشترط فيه عدد من النقاط التي كانت من وجهة نظر الهيئة التأسيسية صعبة التحقيق، خاصة المادة التي تتعلق بتجاوز نسبة الـ50% من ثلثي المصوتين في كل إقليم لتمرير الدستور، والتي كانت صعبة التحقيق، وبالتالي لم يتمكن أعضاء الهيئة من تمريره حتى الآن.

وتابع: "ليبيا بلاد تعاني من انقسام كبير جدا على جميع المستويات، هذا الانقسام كان لمشروع الدستور حصة كبيرة منه، وبالتالي فإن كل طرف وكل جهة تسعى بشكل كبير جدا أن تضمن حقوقها وتتحصل على ضمانات دستورية من خلال مشروع الدستور القادم، خاصة وأنه الآن في مرحلة الكتابة، والتأسيس، كُل واحد يرى مشروع الدستور من زاوية نظره الضيقة، وهذا هو السبب الكبير في تأخر مشروع الدستور الليبي إلى الآن".

وحول العودة لدستور عام 1951، يقول عبد العزيز: "مشروع الدستور الحالي لا يخلوا من نصوص مواد الدستور 51، ولكن لا يمكن تطبيقها بشكل كامل، لأن هناك بعض المواد تتعلق بالملك وصلاحياته واختصاصاته، وليبيا لم تعد دولة ملكية. وليس من الممكن العودة لدستور 51، إلا بعد تعديله بما يتناسب مع المرحلة الحالية وهذا ما حدث".

جاهزية الدستور
من جانبه، قال خالد التواتي عضو الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور لـلنهار الاخباريه " إن المسار الدستوري في ليبيا هو "ديمقراطي بامتياز"، بدأ بانتخاب الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور من قِبل الشعب، وينتهي باستفتاء عام من الشعب.

وأضاف أن مخرجات الهيئة منجزة بأغلبية معززة، وأصبح ملكية خالصة للشعب لا يجوز المساس به وهذا ما أكدته المحكمة العليا في فبراير 2018، وتعرض مشروع الدستور للكثير من العوائق منها التشريعية والمجتمعية والسياسية.

وتمكنت الهيئة من تجاوز كل هذه العوائق وأنجزت المهمة على أكمل وجه، والدستور منجز من يونيو/ حزيران 2017، والآن يُنتظر مرحلة ما بعد الاستفتاء عليه، وفقا للتواتي.

وتابع التواتي: "مشروع الدستور هو خلاصة لعمل دام ثلاثة أعوام من البحث في خصوصية الواقع الليبي، وكذلك آخر التجارب الدولية في إعداد الدساتير، وكما نعتقد أن هذا المشروع هو وثيقة جامعة للشعب الليبي بجميع مكوناته وأقاليمه وتركيباته الاجتماعية، كما أن الهيئة التأسيسية عرضت أبواب وفصول هذا المشروع تباعا على الخُبراء الدوليين برعاية الأمم المتحدة للتأكد من نضجه كل ذلك قبل التصويت عليه".

وختم التواتي: "على الشعب الليبي أن يضغط عبر مؤسساته المجتمعية على مجلسي النواب والأعلى للدولة لإنهاء الصراع بينهما لتمهيد الطريق للمفوضية العليا للانتخابات لتتمكن من إجراء الاستفتاء وإعلان نتائجها، وألا يضيع الفرصة ويصوت على مشروع الدستور".