بهيجه البعطوط تونس
مهرجان نور تونس للثقافة والإبداع لعام 2025 لم يكن مجرد فعالية ثقافية عابرة، بل كان تأكيدًا على قدرة الفن والأدب على مواجهة التحديات التي تعصف بالعالم العربي. فمن رحم الأوضاع السياسية والاجتماعية المعقدة التي تمر بها المنطقة، خرج هذا المهرجان ليُثبت أن الإبداع هو صوت الشعوب حين تضيق عليها المساحات.
الثقافة كجسر للتواصل بين الشعوب
جمع المهرجان مبدعين من مختلف الدول العربية، من المغرب إلى العراق، ومن السعودية إلى لبنان، ليجتمعوا في مدينة الحمامات التي احتضنت هذه التظاهرة بحفاوة، مما يؤكد دور تونس كمنارة للإبداع والتلاقي الثقافي.
وبالرغم من الصراعات التي فرّقت الشعوب، أثبت هذا الحدث أن الفن قادر على بناء جسور التواصل بعيدًا عن السياسة والانقسامات.
مزيج من الإبداع والتراث
تنوعت أنشطة المهرجان بين الشعر الفصيح والشعبي، الموسيقى الراقية، المسرح الجاد، والحوارات الثقافية العميقة التي ناقشت قضايا معاصرة، مثل علاقة التكنولوجيا بالفن، وأدب الرحلات كنافذة تطل على العالم.
ولم يكن الإبداع وحده حاضرًا، بل احتفت الفعاليات أيضًا بالصناعات التقليدية التونسية، من الملابس والعطور إلى المشغولات اليدوية، في محاولة لربط الماضي بالحاضر وتعزيز الهوية الوطنية.
هل لا تزال الثقافة مهمّشة؟
رغم كل هذا الزخم الثقافي، لم يحظَ المهرجان بالتغطية الإعلامية الكافية، حيث اكتفى التلفزيون الوطني بتغطية اليوم الأول، في حين غابت الصحافة والإذاعات عن باقي الأيام.
هذا الواقع يثير التساؤلات حول مدى اهتمام الإعلام المحلي بالثقافة، وهل أصبحت الأولويات مختلفة بعد التحولات السياسية والاجتماعية التي شهدتها تونس؟
وهل فقدت الثقافة مكانتها لصالح قضايا أخرى باتت تسيطر على المشهد العام؟
الختام
اختُتم المهرجان بجلسات غنية ونقاشات مثمرة، تبعتها رحلة بحرية للمشاركين، وتوزيع دروع التكريم وشهادات التقدير لكل من ساهم في إنجاح هذه التظاهرة الثقافية. وعلى الرغم من التحديات، يبقى مهرجان نور تونس شاهدًا على أن الثقافة لا تموت، بل تتجدد مع كل تجربة إبداعية تزرع الأمل في قلوب الحالمين بمستقبل أفضل.
هذه التظاهرة الثقافية لم تكن مجرد مهرجان عابر، بل كانت صرخة في وجه التهميش، ورسالة تقول إن الثقافة والإبداع هما أمل الشعوب في زمن التحولات الكبرى.